«أحس أني أكثر وحدة من قارب في محيط
تلتهمه العواصف من كل الجهات»*
من الشاعر العربي المعاصر الذي بإمكانك أن تتعرف عليه من نصه قبل قراءة اسمه؟ من الذي بإمكانه الحديث بإسهاب يدهشنا عن أشياء لم نعرفها، مغلفا إياها بأجواء غرائبية باهرة؟!
له مفردات شديدة الخصوصية وحداثة فريدة النسق، يكتب عن انهيار الجروف الجبلية، ورغاء الحنين والفقدان، عن ظل جمل يتلاشى في انقراض سحابة، و نواح غربان ثكلى، عن قرى نجمية في مساءات بعيدة، وكهوف يتحرك داخلها السحرة بكسل، عن النوافذ المشرعة للضباع، وهواء الكوابيس في الأقبية الباردة، يلاحق البحارة والقراصنة ورعاة الإبل، يعبر بنا الربع الخالي، ويعد السحب والأجرام الميتة، يخبرنا عن حكاية نهاية العالم واطلنطا جديدة، يحكي لنا عن أرض البحيرات المسحورة وثيران البحار وهوام الليل، وسنين فاضت فجأة فأغرقت الوجوه والمكان.
«دوامة من الأعاصير هي حياتك
وأنت فيها غريق ضاحك»*

الشاعر العماني سيف الرحبي

يقف في صيف الأبدية على الحافة متسائلا وهو ينظر لشعاع قرن قادم، يتنزه في ردهات الميناء بين السفن والأشباح، يرقب الحفارون وهم ينسحبون لمخادعهم، يرى في الفضاء حروبا أخرى، ثكنات نسور وأوبئة و مجرات تمخر ليلها السرمدي، يطعم سلاحف المحيط، يرقب البط السابح في الهواء، يحاور العنقاء المحلقة فوق المرتفعات و الجثث، ويشاهد داحس والغبراء وهو يطل من غرفته إلى الفراغ الشاسع.
«أنا الغريق حتما
كأنك التميمة الأخيرة
كأنك زبد المحيط»*
انه الشاعر العماني سيف الرحبي، رجل من الربع الخالي يحتفظ بما خفي من أسرار الشعر، والحاصل أخيرا على جائزة السلطان قابوس التقديرية للثقافة والفنون والآداب عن مجال الشعر العربي الفصيح.

*المقاطع الشعرية من كتاب (قوس قزح الصحراء)، منشورات الجمل للشاعر سيف الرحبي.

Tweet