من يفوز بالجوائز الأدبية؟

01:25 مساءً الإثنين 18 نوفمبر 2013
محمود قاسم

محمود قاسم

ناقد وروائي من مصر، رائد في أدب الأطفال، تولى مسئوليات صحفية عديدة في مؤسسة دار الهلال، كتب عشرات الموسوعات السينمائية والأدبية، فضلا عن ترجمته لعدد من روائع الأدب الفرنسي.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الجائزة تعني في المقام الأول أن هناك إنجازاً، بل إنجازا مميزا ..

وكل هذه الجوائز الأدبية عدداً ، ونوعية ، التي منحت طوال القرن العشرين ، وحتى الآن ، للأدباء في كل أنحاء العالم ، تعنى أن هناك كماً من الإبداع والتميز قد رأى النور ، وقامت أكاديميات ومؤسسات ثقافية بمطالعته ، ومنحته جوائزها ، وقامت بتعميده، وإقرار جودته ، من أجل أن يقرأه الناس في كل الأجيال .

ولو طالعنا هذا العدد الكبير من الجوائز الأدبية التي تمنح سنوياً في بلد ما لأدركنا، للوهلة الأولى، ليس فقط عدد هذه الجوائز ، بل أيضاً أرقام الروايات والإبداع بكافة أشكاله الذي هو من درجة التميز ، بما يتيح له أن يرشح أولاً لنيل الجائزة بعد التصفيات الأولى ، بما يعني أي كم هائل من الإبداع البشري يهل علينا صباح كل يوم ، من المهم قراءته ، أو التعرف عليه . فإذا عرفنا أن دولة مثل فرنسا تمنح فيها سنوياً قرابة 350 جائزة أدبية ، تتباين في مستواها الأدبي والإعلامي لأدركنا في أي عالم من العطاء نحن .

وقد صارت الجوائز الأدبية ظاهرة عالمية إنسانية ، من أهم ما يتسم به عصرنا منذ بداية القرن العشرين ، ولأن الآداب والعلوم نشاط إنساني ، مهماً كانت هوية المبدع في كل منهما ، فإن الجوائز ، حتى المحلي منها، كانت دوماً ذوات صبغة عالمية ، فالروايات الفائزة بأي جائزة محلية مهمة في إيطاليا ، أو فرنسا قد تدفع بدور النشر في اليابان ، أو مصر ، أو الكويت ، أو لبنان بالإسراع بنشرها بعد ترجمتها، مما يعني زيادة التواصل الإنساني .

كما تتواصل الجوائز العلمية ، فهناك أسماء للكثير من العلماء حصلوا على جوائز عديدة من مؤسسات علمية ، وأكاديميات وتوجوا عطائهم بالحصول على جائزة نوبل ، ومن المهم هنا الإشارة إلى أن أسماء عديدة قد حصلت على جائزة الملك فيصل ـ السعودية ـ في فرع العلوم ، قبل أن يحصلوا على جائزة نوبل في نفس الأفرع ، ومنهم الدكتور جبروبينج الذي حصل على جائزة الملك فيصل عام 1984 ثم على جائزة نوبل عام 1991 ، والدكتور أحمد زويل الذي حصل على جائزة الملك فيصل عام 1989 قبل سنوات من حصوله على جائزة نوبل ..

لذا ، فلا يمكن التعرف على العطاء العربي في مجال الجوائز الأدبية ، وأيضاً العلمية ، دون إلقاء نظرة على تجربة الجوائز خارج الحدود العربية..

فبالإضافة إلى جائزة نوبل التي مر على تأسيسها أكثر من أحد عشر عقداً، شهدت خلالها أكثر من جوائز أخرى ، فإن أعمار الكثير من الجوائز المحلية في أوروبا تكاد تتقارب في العمر هذه الجائزة، أي قرن من الزمان، مثل جونكور في فرنسا ، وبوليتزر في الولايات المتحدة ، في فرنسا تعتبر جائزة جونكور أهم جائزة أدبية في غرب أوروبا على الإطلاق ، وغالباً فإن الإعلان عنها تلازمه حملة إعلامية ضخمة ، والرواية الفائزة بهذه الجائزة دائماً تتصدر المبيعات لأسابيع طويلة ، وهذه سمة لا تحدث أبداً للروايات الفائزة ببقية الجوائز ..

هذه الجائزة تحمل اسم الأخوين ” جونكور ” ، وهما من أعمدة رجال الصحافة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وقد أنشئت الجائزة بوصية من آدمون جونكور (المتوفي في عام 1896) تخليداً لذكرى شقيقه جول (المتوفي عام 1870) ومنحت لأول مرة في عام 1904 .. (أنظر التفصيلات في الفقرة الخاصة بالجائزة) ..

ومن أشهر من فازوا بالجائزة هنري تروياً ، وأندريه مالرو ، ومارسيل بروست ، ومرجريت دوراس ، وهم كما نرى أدباء فرنسيون تجاهلتهم جائزة نوبل ، أما أشهر الأعضاء السابقين في اللجنة فقدكان هناك الأديبة كوليت ، والشاعر أراجون ، والمؤلف المسرحي ساشا جيتاري، وإيرفيه بازان ..

وهناك طرائف تتعلق بإعلان اسم الفائز حدثت في سنوات متفرقة ، ففي عام 1975 ، حبس الكاتب جاك تيولوي الذي ألقى بزجاجة غاز حارق في بيت الكاتبة فرانسواز ماليه جوريس ، وفي عام 1977وفي أثناء إعلان النتيجة رمي أحد المعترضين على النتيجة عضو اللجنة الذي أعلنها بكعكة أصابت وجهه ، كما رش آخر الأديب ميشيل تورنيه بمادة الكاتشب التي تضاف إلى اللحم المشوي لتحسين مذاقه ، وفي عام 1983 اكتشفت أجهزة تسجيل صوت مخبأة تحت المائدة التي كانت تجري تحتها المداولة ..

وقد منحت هذه الجائزة للروايات المنشورة في دار ” جاليمار ” ثماني وعشرين مرة ، وهي الدار التي حصلت على أعلى الجوائز في فرنسا في القرن العشرين ..

ولعل أشهر وأهم جائزة في الولايات المتحدة هي ” بوليتزر” وهي تمنح في عدة أفرع سنوياً : لرواية تعالج الحياة الأمريكية منشورة في نفس العام ، وأيضاً لمسرحية حديثة النشر ، كما تمنح أحياناً للصحفيين الذين قدموا خدمة عامة ، تمنح للشعر والموسيقى وكتب التاريخ ..

وبوليتزر هو اسم صحفي مجري عاش بين عامي 1847و1911 هاجر إلى الولايات المتحدة وهو في الثامنة عشرة من عمره ، وفي عام 1868 استطاع أن يشتري صحيفتين من صحف مدينة سان لويس وأدمجهما في صحيفة واحدة ، وفي عام 1883 اشترى صحيفة ” عالم نيويورك ” ، ثم أسس صحيفة ” عالم مساء نيويورك ” عام 1883 ، وقد شارك في الحرب الأهلية إلى جانب الشماليين ، وأسس مدرسة للصحافة في نيويورك بجامعة كولومبيا ، كما تبرع بمبلغ كبير تدفع منه قيمة جوائز ” بوليتزر” السنوية ابتداء من عام 1917..

وحينما نذكر جائزة بوليتزر، فهذا لا يعني أبداً أنها الجائزة الوحيدة في الولايات المتحدة ، بل هناك جوائز أخرى تنافسها في القيمة المالية مثل جائزة “بنكروفت” 4000 دولار ، وجائزة ” أبينجدون “5000 دولار ، كما أن هناك جوائز نوعية مثل جائزة ” أدب الخيال العلمي ” ، وجائزة باسم الأديب إدجار آلن بو تمنح لروايات الغموض والإثارة وعشرات الجوائز الأخرى..

وتعتبر جائزة ” بووكر ” أشهر وأهم جائزة في بريطانيا ، وبرغم ذلك فهي جائزة حديثة نسبياً ، حيث تم منحها لأول مرة عام 1969 ، وقيمتها المالية تصل إلى عشرة آلاف جنيه إسترليني ، تحصل عليها أحسن رواية صدرت خلال العام نفسه ، والجهة التي تشرف عليها هي ” جمعية الكتاب الوطنية ” ، وبرغم أهميتها إلا أنها لم تمنح عند بداياتها، لكاتب مشهور سوى للأديبة نادين جوديمر عام 1974 عن روايتها ” صاحب الحيازة ” ..

وهناك مجموعة محدودة من الجوائز الأدبية في بريطانيا لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة ، وهي حديثة العهد أيضاً،ف مما يؤكد أن بريطانيا لم تعط هذا الموضوع ما يتناسب وأهميته ، وتعد بذلك أقل دول أوروبا اهتماماً بموضوع الجوائز الأدبية ، ومن أهم هذه الجوائز واحدة تحمل اسم الأديبة “و.هـ.سميث” وقيمتها ألف جنيه إسترليني ، وهي أقرب في نوعيتها للجوائز التقديرية ، وهناك جائزة أخرى تمنح باسم ” جيمس تيل بلاك ” لأحسن سيرة ذاتية ، لكن يكفى أن جائزة بووكر فى السنوات الأخيرة صارت لها فرع فى كل أنحاء الثقافات.

على أن ألمانيا وإيطاليا تجيئان في مركز الصدارة من حيث اهتمام كل منهما بالجوائز الأدبية بعد فرنسا ، وتتفاوت قيمة هذه الجوائز التي تقترب من الخمسين . سواء من حيث أهميتها أو قيمتها المادية . فأعلاها قيمة مالية هي  “آرنو شميث” التي تمنح كل سنتين أو ثلاث سنوات ، وقيمتها عشرة آلاف يورو. أما أكثرها قيمة أدبية فتحمل اسم الأديب بوخنر وقيمتها خمسة آلاف يورو ..

وأغلب الجوائز الأدبية في ألمانيا تمنح في الأقاليم والمقاطعات، والكثير منها يحمل أسماء أدباء ألمانيا المشاهير مثل الروائيين هيرمان هيسه ، وتوماس مان وهما من الحاصلين على جائزة نوبل ، وهناك جوائز بأسماء الشعراء فون كلايست ، وريلكه ، وهي بالطبع تمنح للشعراء، وهناك الكثير من المدن تمنح جوائز أدبية باسم المجالس المحلية مثل “وست فاليا” ، وكولونيا ، وريتاني ..

وهذه الجوائز مخصصة من أجل الأدب المكتوب بالألمانية داخل الأرض الألمانية ذاتها ، وحتى الآن فإن أمور هذه الجوائز لم تتغير بعد الوحدة بين شطري ألمانيا ، وهناك جائزة واحدة في الترجمة الأدبية تمنح مرتين في السنة ، وقيمتها ثلاثة آلاف يورو وتحمل اسم المترجم المعروف هلموت برايم..

أما إيطاليا فإن عمر الجوائز الأدبية فيها قريب نسبياً قياسياً إلى أعمار الجوائز في فرنسا ، فمن أقدم هذه الجوائز ” ستريجا “، وقد منحت لأول مرة عام 1947 ، إلا أن أهم هذه الجوائز هي ” فياريجو ” التي تعتبر الأقدم ، فقد أنشئت عام 1939 ، وتمنح في ثلاثة فروع ، وقيمة كل منها عشرة آلاف يورو ، ومنها جائزة دولية لكاتب أجنبي ، لكن جائزة ” مونديللو ” قد حظيت بشهرة أكبر في السنوات الأخيرة بعد أن حصل عليها أدباء مشاهير ، ومن أشهر الجوائز ” بنكاريللا ” التي أنشئت عام 1952 ، وتمنح لعمل لقي نجاحاً باهراً في العام السابق . وتتمثل قيمة الجائزة في قيام المؤسسة الثقافية التي تمنحها بشراء ألفي نسخة من العمل المنشور على الأقل ..

وتهمنا الإشارة إلى أن جوائز معارض الكتب في كل من ألمانيا وإيطاليا في السنوات الأخيرة بدأت في التفوق على بقية الجوائز المحلية، مثل جائزة معرض فرانكفورت التي حصل عليها الشاعر المكسيكي أوكتافيوباث ، والأديب خورخه لويس بورخيس ، وأيضا معرض بولونيا لكتب الأطفال .

وفي الاتحاد السوفيتي ـ سابقاً ـ كانت جائزة لينين أهم جائزة تمنح في فروع عديدة، وقد تغير اسمها إلى جائزة ستالين إلى نفس اسمها الذي اختفى في السنوات الأخيرة ، وكانت قيمة كل منهما 75000 روبل تمنح لأثنى عشر عالماً، وثلاثة عشر تقنياً، وثمانية أدباء وفنانين ، وهي أقرب إلى الجوائز التقديرية للفنان والعالم منها لتشجيع أحد الأعمال المميزة الصادرة في نفس السنة لإعلان الجائزة ..

بصفة عامة يمكن تقسيم الجوائز الأدبية العالمية ، وأيضاً غير الأدبية ، إلى نوعين رئيسيين :

النوع الأول : يتمثل في تقدير الحاصل على جائزة من خلال مجموع أعماله ومنحه مكافأة مادية بارزة تستحق هذا العطاء ، جزاء ما قدمه للناس في مجاله، وهذه الجوائز قليلة العدد بارزة تستحق هذا العطاء ، جزاء ما قدمه للناس في مجاله وهذه الجوائز قليلة العدد في العالم ، لكنها ذات شهرة ، مثل جائزة نوبل ، وجائزة ثربانتس في أسبانيا ، وجائزة الفرانكفونية التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية ، وفي العالم العربي هناك جائزة الدولة التقديرية في مصر، وجائزة الملك فيصل في المملكة العربية السعودية ، وجائزة البابطين في الكويت ، وجائزة سلطان العويس ،وجائزة النيل التى كانت معروفة باسم الرئيس السابق حسنى مبارك ..

وكما أشرنا فإنها جوائز مرتبطة بأهمية الشخصية التي يحصل عليها ، ورغم ارتفاع القيمة المالية لهذه الجوائز فإنها لا تكتسب أهميتها إلا من خلال الأشخاص الذين حصلوا عليها ، فليس صحيحاً أن الجائزة هي التي تمنح الكاتب أهمية ، ولكن العكس صحيح ، فإذا قورنت جائزة نوبل بأسماء من طراز ويليام فوكنر ، وبرنارد شو ، وطاجور ، وأرنست هيمنجواي ، وماركيث ، ونجيب محفوظ ، ونادين جورديمر ، وجونتر جراس ودوريس ليسنج ، فإن الجائزة تذكر بأسماء هؤلاء ، أما أغلب الأسماء الأخرى التي ذكرت في قوائم الجائزة من الأدباء ، فإنها قد ساعدت في وضع هذه الجائزة ، رغم قيمتها ، في دائرة عدم الاهتمام ، وهناك أدباء كثيرون طويت أسماؤهم مع التاريخ ، رغم حصولهم على هذه الجائزة ، مثل ياروسلاف سيفيرت ، وشيزلاف ميلوش ، وايفند جونسون ، وجريجوس سيفرس ، وغيرهم ، ونحن لا نقلل من  أهمية هؤلاء الأدباء ، ولكنهم لا يرقون إلى الأسماء الأخرى الحاصلة على نفس الجائزة ..

أما النوع الثاني من الجوائز فهو أقرب إلى التشجيع ، أو بمعنى أصح منح كتاب ما جائزة فورية ، عقب صدور كتابه بفترة قريبة ، كأن تمنح كاتباً ما جائزة عن روايته المنشورة عام 2011 ، باعتبارها أحسن رواية صدرت في هذا العام ، وليس هناك شرطاً أن تكون مثل هذه الجائزة مالية ، وفي هذه الجوائز عالمياً فإن الكاتب يتقدم إلى المؤسسات التي تمنح الجائزة بعمله ، ولكن من المفروض أن تقوم هذه المؤسسات بمتابعة الحديث من الإصدارات ، وتصفية الجيد منها ، حتى يوم الاقتراع النهائي ، وأغلب الجوائز الأدبية في العالم، مثل جونكور ، وبوليتزر ، ومونديللو ، وبووكر، تنتمي إلى هذا النوع ، وفي العالم العربي هناك جائزة الدولة التشجيعية في مصر ، وجائزة الدولة التشجيعية في الكويت ، وجائزة سعاد الصباح ، كما أن هناك جوائز معارض الكتاب التي تمنح سنوياً للإبداع المنشور خلال العام المنصرم ـ ولا يشترط أن يرشح الكاتب نفسه ، ولا أن ترشحه مؤسسة ثقافية ..

وفي الوقت الذي لم تقترن فيه مثل هذه الجوائز في أهميتها من خلال قيمتها المادية في الغرب ، فإن الجوائز العربية قد تنافست فيما بينها في رفع القيمة المالية ، بصرف النظر عن أهمية الكتاب والكاتب، مما أحدث اهتماماً إعلامياً ملحوظاً لهذه الجائزة ، ودفع بالكتاب إلى الاشتراك فيها ، وقد انتشرت هذه الجوائز في منطقة الخليج بشكل ملحوظ ، فمنحتها الدول والمؤسسات ونوادي الأدب ، وهذه في حد ذاتها ظاهرة طيبة ، بصرف النظر عن قيمة الأعمال الفائزة باعتبارها تمجيداً للكاتب والنشاط الإبداعي ومنها جائزة العويس ، ومحمد حسن الفقي ، وهي جوائز تجمع بين التقدير والتشجيع معاً ..

وقد قامت فلسفة الجوائز ، خاصة الأدبية على أساس تشجيع الإبداع ، وتقديره ، ولذا فإنها جوائز إبداعية تمنح في المقام الأول لكتاب الرواية وأحياناً للشعراء ، وهناك جوائز لإبداع الطفل ، وذلك باعتبار أن الإبداع هو الأصل والأساس ، وأن الدراسات الأدبية تجئ فيما بعد ..

وبشكل عام فإن الجوائز السنوية المتعلقة بالإبداع تهتم بالطبع بهذا النشاط الإنساني ، وقد قامت جائزة نوبل على أساس تشجيع المبدعين ، ثم تحولت فيما بعد إلى جائزة لتقدير هذا الإبداع ، وانحصر الحاصلون عليها في مجال الرواية والشعر . وفي العقود الأخيرة من القرن العشرين كانت تمنح بالتبادل بين شاعر أو روائي ، ثم صارت جائزة فقط للروائيين، لكنها منحت في بعض الأحيان لكتاب مسرح مثل يوجين أونيل ، وداريو فو ، كما حصل عليها فلاسفة ورجال فكر مثل برجسون ، وبرتراند راسل ، وإلى رجل السياسة تشرشل ..

والأصل في الجوائز أنها غربية، مهماً شئنا أن نقول فإذا كانت جوائز جونكور وفيمينا وبوليتزر قد نشأت مع بداية القرن الماضي، فإن أول جائزة عربية كبرى هي جائزة الدول التقديرية والتشجيعية في مصر منحت لأول مرة عام 1958 أي بعد أكثر من نصف قرن من إنشاء الجوائز العالمية ، وتم إنشاء جائزة الملك فيصل عام 1979 بينما تحتفل بعض هذه الجوائز بعيدها الثمانين ..

وللآن ، فلا أحد يمكن أن يتجاهل مهماً كان القول إن الجوائز العربية قامت في حيثيات المنح على نفس الأسس وبصرف النظر عن فروع الجائزة ، فجائزة الملك فيصل ، على سبيل المثال ، تقوم بفحص الكاتب المرشح للحصول على الجائزة ، وتطلب كافة إبداعاته من خمس نسخ لكل واحدة مهماً تاهت في الزمن ، وغالباً ما يقوم الكاتب الذي ترشحه إحدى الهيئات الرسمية بجمع ثرائه كي يحصل به على الجائزة ، وفي أكاديمية أستوكهولم غالباً ما يحدث هذا بالنسبة للكاتب المرشح علماً بأن الترشيح لجائزة نوبل يختلف في ثوابته الداخلية عن جائزة الملك فيصل ..

وبالنظر إلى كل من جائزتي الدولة التقديرية في مصر ، وجائزة الملك فيصل ، فسوف نجد أن الأولى قد منحت في أغلب أحوالها إلى مبدعين ، ثم إلى رجال فكر ، أما المبدعين الذين حصلوا على ” جائزة الملك فيصل ” فهم قليلو العدد، بل يمكن أن نقول أنهم لم يحصل عليها حتى عام 2011 سوى مبدع واحد هو يحيى حقي الذي حصل عليها بالاشتراك مع باحث أدبي هو الدكتور يوسف خليف ، وهكذا تكون الجائزة قد ذهبت إلى فئة لا تحصل عادة على جوائز أدبية ، ويرجع ذلك بالطبع إلى أن هناك فرع يمكن الترشيح فيه ، يحدد سنوياًَ من قبل المؤسسة المانحة للجوائز ..

أما جائزة الدولة التقديرية في مصر فقد حصل عليها من المبدعين الدكتور طه حسين عام 1958 ، وعباس محمود العقاد عام 1959 إذا اعتبرناه شاعراً وقصاصاً في بعض نشاطه ، وتوفيق الحكيم عام 1960 ، ومحمود تيمور عام 1962 ، وأحمد رامي عام 1965 ، ويحيى حقي عام 1967 ، ونجيب محفوظ عام 1968 ، ويوسف السباعي عام 1973 ، وعبدالرحمن الشرقاوي عام 1974 ، وصلاح عبدالصبور عام 1981 ، وثروت أباظة عام 1982 ، ويوسف جوهر عام 1984 ، ومحمود البدوي عام 1986 ، وسعد الدين وهبة عام 1987 ، ويوسف عز الدين عيسى عام 1987، وطاهر أبو فاشا عام 1988، وإحسان عبدالقدوس عام 1989 ، ويوسف إدريس عام 1992 ، وألفريد فرج عام 1993 ، وفتحي غانم عام 1995 ، ثم هناك إبراهيم عبدالمجيد ، وجمال الغيطاني ، ويوسف القعيد ، وبهاء طاهر ، وكما نرى فإن أغلبهم إما شاعر أو قاص وهناك القليل جداً من كتاب المسرح ..

أما غير المبدعين فهناك أسماء مثل محمد أحمد خلف الله ، وزكي نجيب محمود ، ومهدي علام ، وسهير القلماوي ، وعبدالعزيز الأهواني ، وعبدالقادر القط ، وعز الدين إسماعيل ، ولويس عوض ، وجميعهم من أساتذة الجامعة  ، فقد جمعوا بين الدراسة والبحث والنقد ..

وحسب القوانين ، فقد حصل أغلب الفائزين على الجائزة وهم على قيد الحياة ، إلا أنه في بعض الأحيان تنبهت الدولة أن كاتباً ما يجب تكريمه عقب رحيله مباشرة ، فقدمت الجائزة باسمه مثلما حدث مع إحسان عبدالقدوس ، ويوسف إدريس ، وعبدالسلام هارون ، وعبدالعزيز الأهواني وغيرهم ..

وهناك أسماء من الفائزين بجائزة الدولة التقديرية في مصر قد حصلت فيما بعد على جائزة الملك فيصل في الأدب مثل يحيى حقي ، عبدالقادر القط ، وعبدالسلام هارون ، وشكري عياد ..

وقد أخذ بعض رجال الصحافة على الجائزة قيمتها المالية ، وخاصة في السنوات الأخيرة ، باعتبار أن قيمة الجائزة التي حصل عليها طه حسين كأول من استلمها بلغت 2500 جنيه مصري ، ثم ارتفعت مع بداية الثمانينيات إلى ضعف المبلغ ويحصل الفائز بها الآن على مائتى ألف جنيه ..

والغريب فعلاً أنه بينما ارتفعت قيمة الأشياء سعرياً، فإن القيمة المالية لهذه الجائزة ظلت ثابتة ، وقد ارتفعت في السبعينيات إلى خمسة أضعاف قيمتها ، ثم إلى أربعين ضعفاً الآن ، ولكن هذا لم يقلل أو يرفع من قيمتها قدر أن بعض الأشخاص الذين لا يستحقونها قد حصلوا عليها في بعض السنوات ، ومنهم من لم يكتب في حياته كلمة أدبية واحدة ، ومنهم شاعر لا يرقى مستواه إلى أي اسم شاعر من الذين تجاهلتهم الجائزة، في نفس الوقت فإن الجائزة لم يحصل عليها أدباء من طراز محمد صدقي ، وأبو المعاطي أبو النجا ، وتم تجاهل أسماء عديدة حتى وافتهم المنية ومنهم إحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس ..

أن قيمة الجائزة المالية لم تقلل من أهميتها ، ولكن عدم حصول أسماء بعينها ساعد أن تهتز صورتها لسنوات أمام الناس، لكنها في بعض الأحيان كانت في أحسن حالاتها مثل عام 1988 حين حصل عليها كل من لويس عوض ، وشكري عياد ، وطاهر أبو فاشا ..

ولا يمكن القول بأن جائزة الملك فيصل في المملكة العربية السعودية قد خرجت من إبط جائزة الدولة في مصر ، وذلك لتنوع مجالات الحصول عليها فجائزة الدولة في مصر تنقسم إلى قسمين تمنحهما مؤسستان : الأولى خاصة بالأدب والفنون والعلوم الاجتماعية تمنح من قبل المجلس الأعلى للثقافة ، أما جوائز العلوم فتمنحها أكاديمية البحث العلمي بينما جمعت جائزة الملك فيصل بين خمسة فروع هي : الدراسات الإسلامية، والأدب العربي، وخدمة الإسلام والتي منحت أول مرة عام 1979 ، ثم أضيفت جائزة الطب عام 1982 وفي العام التالي خصصت جائزة خامسة للعلوم ، وبذلك يكون للجائزة خمسة فروع منها ثلاثة فروع أشبه بجائزة نوبل في الأدب والطب والعلوم ، وقد أعطت الإضافات الأخيرة للجائزة صفة العالمية ، بمعنى أن الحاصلين عليها ليسوا فقط من دول غير عربية أو إسلامية ، لكنهم أدوا خدمات للبشرية في المجالات التي عملوا بها خاصة في الطب ..

وتبعاً للقيمة المالية وللشكل الحيادي والسرية التي تتمتع بها حيثيات الترشيح والمنح ، فإن الجائزة تبدو حيادية، وقد أثارت الانتباه إليها في السنوات الأخيرة . وتمنح هذه الجائزة من قبل مؤسسة خيرية أسسها أبناء الملك فيصل..

وقد دفع نجاح هذه الجائزة وشعبيتها مؤسسات أخرى، من خلال أشخاص أو دول، إلى الدخول في هذا المضمار ، وتسابق بعض الأثرياء العرب نحو توجيه أموالهم لخدمة المال والإبداع ، ومنهم على سبيل المثال الشاعر الكويتي ، وهو رجل أعمال أيضاً ، عبدالعزيز سعود البابطين، إلى إنشاء جائزة باسمه شهدت ميلادها في بداية العقد الأخير من القرن العشرين ، أي في عام 1990 ومنحت لأول مرة في مقرها بالقاهرة في 17 مايو من نفس العام، ويقول مصطفى عبدالله ـ مجلة الفيصل ، العدد 185 ـ أن قيمة هذه الجائرة في أول مرة كانت 43 ألف جنيه ، وضاعفها مانحها في أول حفل لها لتصبح 86 الف جنيه وفي الحفل الثاني جعلها 172 ألف جنيه ..

وقد أقيمت الجائزة في مصر لأول مرة من خلال نشاط رابطة الأدب الحديث ، ثم استقلت وتكون لها مجلس أمناء يضم الدكتور يوسف خليف، والدكتور محمد مصطفى  هدارة ، والدكتور محمد زكي العشماوي ، والدكتور محمود علي مكي ، والدكتور علي الباز من مصر ، والدكتور سليمان الشطي، وعبدالعزيز السريع من الكويت ، وعلي عقلة عرسان من سوريا ، والدكتور إبراهيم عبدالله غلوم من البحرين ..

ولاشك أن إعلان أسماء مجلس الأمناء يضعف من الجائزة ويسبب حرجاً لهم عند إعلان جائزة أو قبل ذلك وبعده .ومن المفروض أن أسماء المحكمين في الجوائز تكون سرية، وذلك بصرف النظر عن قيمة بعض هذه الأسماء ..

وتمزج هذه الجائزة بين التقدير لعطاء كاتب، وبين التقدير لكاتب معين وهي جائزة تتعلق بالشعر في المقام الأول ، ففي مجال الإبداع الشعري تمنح لواحد من الشعراء الذين أسهموا بإبداعهم في إثراء حركة الشعر العربي من خلال عطائه الشعري المتميز. وقد منحت في هذا المجال لشعراء من الكلاسيكيين والتجديديين على السواء ..

أما في مجال النقد، فإن الجائزة تمنح لواحد من نقاد الشعر ودارسيه من الذين أسهموا بنقدهم ودراساتهم النظرية والتطبيقية حول الشعر العربي، وقد حصل عليها رجاء النقاش عن كتابه ” ثلاثون عاماً من الشعر ” ..

كما تمنح الجائزة لأفضل ديوان شعر صدر في نفس العام وجائزة أخرى لأحسن أفضل قصيدة ..

وفي نفس العام تم الإعلان عن ” جائزة سلطان العويس الثقافية ” ، التي بدت كأنها تدخل في المنافسة ، ليس فقط على المستوى الأدبي بل على مستوى القيمة المالية. فحسب المنشور في 31 يوليو عام 1989 ، فإن قيمة الجائزة تبلغ 200 ألف دولار أمريكي ” تمنح للمبدعين العرب من الأجناس العربية المتعددة : القصة ، الرواية ، والمسرحية ، والشعر ، والنقد ، والدراسات الأدبية ، والبحث العلمي والدراسات الإنسانية المستقبلية ” ..

وتعتبر جائزة العويس التي تمنح كل عامين بمثابة جائزة تقديرية تمنح لمجموع أعمال الكاتب ، وليس لعمل صادر في نفس السنة ، وهي تمنح تحت رعاية اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وحصل عليها عام 1992 كل من الشاعر مهدي الجواهري (العراق) عن الإنجاز الثقافي والعلمي ، والشاعر العراقي سعدي يوسف عن الشعر ، والدكتور إحسان عباس عن الدراسات الأدبية ، وكل من عبدالرحمن منيف ، وألفريد فرج عن الرواية والمسرحية ، والدكتور فؤاد زكريا عن الدراسات الإنسانية ، وفي عام 1994 نالها من المبدعين كل من سليمان فياض، وصنع الله إبراهيم في الإبداع، وفاروق عبدالقادر في النقد كما نالها الروائي المصري جمال الغيطاني ، والشاعر الورداني إبراهيم عام 1997 ..

ومن الواضح أن هذا الكم من الجوائز الجديدة قد زاد بعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل عام 1998 ، وأراد العرب أن يؤكدوا أنهم أيضاً يمنحون جوائز، وأنهم ينتمون إلى نفس العصر ،وقد بدا كأن فوز الكاتب بهذه الجائزة شكل نوعاً من الانفجار ، ولكشف أهمية الثقافة والإبداع في المجتمعات الحديثة . والغريب أن الجوائز الممنوحة من الأشخاص والمؤسسات غير الرسمية كانت أكثر من التي تمنحها الحكومات فقد اقتصرت هذه الجوائز الرسمية على ما يحدث في مصر بينما اضطلع محبو الثقافة من المؤسسة العديد من الدول العربية بمنح العديد من الجوائز الأدبية، ودخل هذا المجال رجال الأعمال في الإمارات والكويت والمملكة العربية السعودية. وفي عام 1995 ولدت أول جائزة رسمية في المملكة المغربية تحمل اسم الملك الحسن ولم تمنح حتى الآن. كما تولدت جوائز جديدة في المدن العربية من خلال منح جوائز للكتب والمؤلفين في معارض الكتب التي تقام في القاهرة وبيروت والكويت وتونس وغيرها من المدن ..

هذه الموسوعة التي بين يديك تحاول أن ترصد أبرز الجوائز العالمية ، وليست كل الجوائز ، فكما أشرنا فإن فرنسا وحدها بها 350 جائزة ، أي أنها تحتاج وحدها إلى موسوعة منفصلة ، وفي العالم العربي هناك المئات من الجوائز ، أي أنها تحتاج وحدها إلى موسوعة منفصلة ، وفي العالم العربي هناك المئات من الجوائز التي تمنحها هيئات صغيرة ، فضلاً عن جوائز المعارض ، وجوائز الأفراد وتأثيرها محدود ، لذا ، فقد اخترنا الجوائز المرموقة ، ومن الحرى أن نسمي كتابنا ” موسوعة الجوائز الأدبية الأشهر في العالم ” ، لكن لاشك أن العنوان غير مقبول ..

هذا وقد حرصنا أن تكون الموسوعة جديدة في معلوماتها حتى يوم طباعتها ، كما أن الجوائز تم ترتيبها ترتيباً هجائياً ، بالإضافة إلى بعض الجداول التي ذيلنا بها الموسوعة كما حرصنا أن تكتب أسماء الشخصيات بمنطوقها حسب لغاتها الأصلية وليست الإنجليزية أو الفرنسية فقط، كما أننا نشير إلى أن مراجع الكثير من الفقرات هنا هى ما كتب عن الجوائز فى مواقع الويكبيديا بأكثر من لغة، بالإضافة إلى الكتابة من واقع قراءاتى الخاصة فى مجال الأدب العالمى، وهو أمر ثقافى تجميعى.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات