كاسباروف بعدسو المصور الإنجليزي ستيف شيبمان

جاري كاسباروف بطل العالم الثالث عشر في الشطرنج ، ولد في مدينة باكو في أذربيجان يوم 13 أبريل/ نيسان عام 1963 وتعلم الشطرنج في سن الخامسة وفاز في سن الحادية عشر ببطولة أذربيجان وله إنجازات غير مسبوقة في مجال لعبة الشطرنج وفاز على الكثير من اللاعبين العالميين واستطاع في عام 1996 أن يهزم الكمبيوتر الخارق (ديب بلو) الذي كان يحسب 180 مليون نقلة في الثانية الواحدة وفي عام 2005 قرر كاسباروف الإعتزال نهائيا ليتفرغ للسياسة .

ومن المؤكد أن من وصل إلى النجومية وشرب من كأسها لا يستطيع أن يتركها وهذا ما فعله كاسباروف والذي أراد أن يتذوقها مرة ثانية بعد قرار إعتزاله ولكن هذه المرة قرر أن يدخلها من باب السياسة متصديا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين متهما إياه بالسعي لتكريس الحكم مدى الحياة إضافة إلى عدم وفائه بوعوده لتحسين المعيشة وإنهاء حرب الشيشان .

كاسباروف بانتظار النقلة الحاسمة

وعلى أساس ذلك قام كاسباروف بتأسيس حركة سياسية أطلق عليها ” الجبهة المدنية الموحدة ” ولكن المراقبون يعتقدون أن رهان كاسباروف على السياسة مجرد وهم فرقعة الشطرنج تختلف عن رقعة السياسة ، فالمنافسة بين كاسباروف وبوتين منافسة يسيطر فيها بوتين على كل شئ بقبضة يده فيما ليس في يد كاسباروف أي شئ يضاف إلى ذلك أن الشخص الذي يمتطي صهوة جواد السلطة يعتقد دائما أنه يدافع عن حقه وحق الشعب ويعتقد أيضا أنه الأفضل وأن أي مجموعة معارضة إما عدو أو عميلة للعدو .

كاسباروف شابا، 1979

وكان كاسباروف قد قرر أن يترشح لرئاسة الإتحاد الدولي للشطرنج الذي يرأسه حاليا (كيرسان ايليو مجينوف) منذ عام 1995 والذي يحظى بدعم السلطات الروسية ونظرا لأن حملة ترشحه لرئاسة الإتحاد الدولي للشطرنج تتطلب تنقلات دائمة عبر العالم ، وخلال الأشهر القليلة المتبقية قبل الإنتخابات ولتفادي عرقلة الكرملين لزياراته إلى الخارج قرر الحصول على الجنسية اللاتفية مشيرا إلى أنه لن يتخلى عن جنسيته الروسية .

ورغم أن جاري كاسباروف أعظم لاعب شطرنج في تاريخ جيله فإنه عندما يسأل عن الخطوة التالية لبوتين يمتنع عن الإجابة وقد فسر كاسباروف الأمر قائلا : ” عندما تلعب الشطرنج فأنت تلعبه وفقا لقواعد أما بوتين فيغير قواعد اللعب مثلما يريد ” .

على أن هذا الرأي لا يحول بين كاسباروف وبين الإدلاء بآراء محددة وقاطعة بشأن مستقبل روسيا وهي آراء تستحق الإهتمام لسببين : الأول أن كاسباروف شخص خارق الذكاء بالفعل وهو مشهور في وطنه بأنه الرجل الذي تفوق على كمبيوتر ديب بلو في لعبة الشطرنج قبل عقد من الزمان تقريبا .

والثاني أنه رغم كونه شخصية كاريزمية ومتزنة ومرحة وكان بإمكانه في بلد مثل روسيا ينظر إلى أبطال الشطرنج مثلما ينظر الأمريكيون إلى نجوم الروك أن يعيش حياة الراحة والدعة التي يعيشها المشاهير هناك وكان بإمكانه أن ينضم إلى معارضة نظام بوتين من شقة فاخرة وآمنة في لندن أو مانهاتن لكن كاسباروف لم يفعل ذلك بل اختار الإنضمام لمعارضي بوتين وأن يظل في روسيا محاطا بالحرس الشخصيين والقلق رغم علمه بالمصير الذي تعرض له العديد من الصحفيين وناشطي حقوق الإنسان الروس الذين تجرأوا على إنتقاد بوتين .

ومن الصعوبات التي تواجه كاسباروف أصله اليهودي الأرميني في بلد مثل روسيا يشهد صعود التيار القومي الذي بات يسيطر على نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان .

على مر العصور تلقي أمواج الزمن بشخص عبقري على شاطئ الحياة ، قد يكون في الأدب ، في الفن ، في السياسة أو في الرياضة وجاري كاسباروف هو عبقري العصر على رقعة الشطرنج فهو لم يكتف بإرتداء تاج الملك في مملكة الأبيض والأسود بل انخرط في مملكة السياسة بنفس الحماس فهل يستطيع أن يحقق نفس النجاح؟

Tweet