سفير مصر في كوريا الجنوبية: الشئ الغريب حدوث ثورتين في دولة خلال أقل من 3 سنوات!

07:52 صباحًا الإثنين 2 ديسمبر 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

سيئول:اجرت وكالة يونهاب للانباء اليوم السبت لقاء صحفيا مع السفير المصري لدى كوريا الجنوبية د. هاني معوض سليم لبيب الذي بدأ مهامه كسفير لجمهورية مصر العربية في كوريا الجنوبية منذ شهر أكتوبر الماضي، وذلك للاستماع الى التطورات الاخيرة في الساحة السياسية في مصر ونشاطه الذي يخططه خلال فترة إقامته هنا.

تخرج السفير هاني في قسم العلوم السياسية العام 1984 ، وحصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 1986 وشهادة الدكتوراه في العلاقات الاقتصادية الدولية من جامعة فرايبورغ بالمانيا عام 1992م وعمل باحثا في المركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر قبل التحاقه بوزارة الخارجية ، حيث عمل في برن، بوينس آيرس ، جنيف، بكين وتعتبر كوريا الجنوبية أول محطة له كسفير لجمهورية مصر العربية. وهو متزوج وله ابن واحد.

قال السفير هاني إن الاوضاع في مصر الان أفضل بكثير مما كانت عليه في السابق ، مؤكداً عدم تعرض أية استثمارات كورية لأي اعتداء أو مخاطر امنية خلال السنوات الثلاث الماضية التي شهدت سلسلة من التطورات السياسية. كما أكد أن هدوء واستقرار المزارات السياحية الرئيسية التي يتوجه إليها السياح الكوريين باستثناء شبه جزيرة سيناء. وعبر عن خططه لزيادة التواصل في الجوانب الثقافية والعلمية والاكاديمية بالاضافة الى تعزيز التعاون القائم بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها وسعيه لتفعيل الاستراتيجية الحقيقية بين البلدين. وفيما يلي أهم ما جاء في اللقاء :

س:كيف هي الأوضاع السياسية في مصر الآن بعد سلسلة من الأحداث التي شهدتها مؤخرا، وهل هناك بوادر للاستقرار السياسي؟ .

ج: إنه من الشئ الغريب حدوث ثورتين في دولة خلال أقل من 3 سنوات، لكن هناك العديد من التطورات التي ادت الى الوصول الى طريقة الانتخابات التي كانت تتطلع الى الديمقراطية والعدالة والحرية والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية لكل ابناء الشعب المصري. في الحقيقة وجد أن النظام الذي وصل الى الحكم في مصر بدأ يبني دولة مختلفة عن طبيعة الثقافة المصرية وثقافة الشعب المصري كما انها دولة لا تستجيب بأي شكل من الاشكال لمطالب وأهداف ثورة 25 يناير. وكان هذا هو الدافع لثورة أخرى . الحكومة الجديدة التي وصلت الى الحكم بعد الثورة، هي حكومة تتمتع بالشرعية حيث خرج يوم 29 يونيو ما بين23-24 مليون مصري في جميع الشوارع مطالبين بسقوط النظام الذي كان قائما في مصر و بعد شهر واحد ، وفي 30 يوليو، خرج حوالي 30 مليون شخص في شوارع مصر لدعم شرعية النظام الجديد وخارطة الطريق التي تم وضعها لاحداث التحول السياسي المطلوب نحو الديمقراطية الحقيقية التي طالبت بها ثورة 25 يناير .

ونحن على وشك اعداد الدستور الجديد الذي يناسب مع أهداف ثورة 25 يناير. وفي مطلع العام القادم، سيكون الاستفتاء على الدستور الجديد وهذه هي الخطوة الاولى من خارطة الطريق. أما الخطوة الثانية فهي عقد الانتخابات البرلمانية بعد شهرين من الاستفتاء على الدستور ثم يليها اجراء الانتخابات الرئاسية قبل نهاية العام القادم.

الاوضاع في مصر الان أفضل بكثير مما كانت عليه في شهر يونيو الماضي لان المناوئين للنظام الجديد وجدوا انه لا يمكن العودة الى الوراء مرة اخرى ويبدو انهم رضخوا للأمر الواقع، لان خارطة الطريق تنفذ بالفعل بكل الالتزام وبكل الدقة ولذلك الوضع الآن في مصر أكثر هدوء مما كان عليه وأن خروج المتعاطفين مع النظام السابق اصبح قليلا جدا ومحدودا .

س: ما أهم المصاعب والتحديات التي تقف أمام مصر في الوقت الراهن؟.

ج: بالاضافة الى انجاج خارطة الطريق ، لكنني لا أريد أن اصفها بأنها مصاعب بل تحديات رئيسة نعمل جميعاً على مواجهتها وانجازها .هدف الجدول الزمني لتحقيق خارطة الطريق هو أن تكون مصر في نهاية العام القادم دولة ديمقراطية ذات مؤسسات ديمقراطية وهذا هو التحدي الاول.

وإذا تحدثنا عن المصاعب ، فهناك مصاعب اقتصادية . فثورتي يناير و يونيو وما تسببت فيهما من توجس وخشية السائحين من زيارة مصر وهو توجس وخشية لا مبرر لهما ، لكن كانت هناك حملة اعلامية قوية جدا ضد مصر لتشويه ما يحدث في مصر وتشويه صورة الشعب المصري حتى يصاب السائح الأجنبي بخوف شديد وهو عمل أشبه بالمؤامرة على مصر الجديدة التي نحلم بها جميعا .

ونظرا لأن رأس المال بطبيعته يخشى المناطق التي تحدث فيها تطورات وتحولات سياسية وكانت نتيجة لذلك كان هناك تباطؤ في معدل الاستثمارات الاجنبية المباشرة القادمة الى السوق المصري، كل هذا أدى الى ضعف شديد في الدخل القومي المصري، طبعا، اصاب برامج الحكومة وخطط التنمية واصاب تطلعات واعمال المواطنين المصريين العاديين الذين ينشدون حياة كريمة.

لكن الحكومة نجحت في الشهر الماضي في صياغة خطط عمل اقتصادية قصيرة الامد ومتوسطة الامد وهدفها الرئيسي هو إصلاح الخلل الاقتصادي الراهن وتهيئة الاوضاع لعودة السياح وجذب الاستثمارات الخارجية لتحقيق طفرة في الحياة الاقتصادية في مصر لتحسين أحوال معيشة المواطنين واصلاح المؤشرات الكلية أو الجزئية للاقتصاد المصري في غضون عام أو عامين على الاكثر .

س: كيف هو أداء السياحة في مصر؟ هل يمكن القول إن السياحة في مصر أصبحت آمنة الآن ؟ .

ج: بفضل الجهود المبذولة من الدبلوماسية المصرية وسفاراتنا في الخارج والجولات التي قام بها السيد وزير الخارجية والسيد وزير السياحة بزيادة عديد من الدول لإرجاع أوضاع أسواق السياحة الرئيسية لمصر والتي ابتدأت هذه الجولات في فتح حوالي 14 سوقا من الاسواق السياحية الرئيسية لمصر وعودة السائحين الى معدلاتهم الطبيعية ، والمسألة ستأخذ وقتا.

وأود أن أشير الى ما أعلنته مختلف دول العالم التي تفيد السياحة الى مصر بما في ذلك الحكومة الكورية التي اعلنت كافة المناطق السياحية المصرية آمنة باستثناء شبه جزيرة سيناء. وأكدت الحكومة المصرية أن المقاصد الرئيسية للسياح الكوريين في مصر آمنة تماما وبإمكانهم زيارة المعالم التاريخية في القاهرة سواء كانت الاهرامات أو أبو الهول أو المتحف المصري . كما يمكنهم زيارة الأماكن الدينية منها الآثار المسيحية والإسلامية والآثار المصرية القديمة في الأقصر وأسوان وأبو سنبل وغيرها . وكل هذه المقاصد السياحية آمنة تماما ولم يسبق أن اعترضت للاعتداء خلال الثلاث سنوات الاخيرة.

وفوق ذلك، توفر الحكومة المصرية وضعا آمنا لكل افواج السائحين لزياترة مختلف ارجاء مصر بمنتهى العناية والاهتمام. وهناك شرطة السياحة منتشرة في كل هذه المناطق.

ونحن ممتنون لحكومة جمهورية كوريا الصديقة التي أصدرت قبل بضعة أيام قرارا بتخفيض مستوى تحذير السفر إلى مصر وهذا يفتح مجالا لعودة السياح الى مصر.

س: ما مساع السفارة للتطبيع السياحة في مصر؟ .

ج: منذ وصولي الى سيئول، بدأت استكمال ما بدأه سلفي السيد السفير محمد الزرقاني ، حيث جرت اتصالات مع مختلف القطاعات الثقافية لجذب السياح الكوريين مرة أخرى الى مصر وتشجيع الحكومة لاتخاذ الاجراءات اللازمة لتخفيض مستوى تحذير السفر إلى مصر، وهذا ما حدث بالفعل. ويخطط المكتب السياحي المصري في طوكيو بالتعاون مع السفارة لاقامة حفل عشاء كبير باستضافة مسئولي المؤسسات السياحية والثقافية يوم 19 من شهر ديسمبر. وسيكون لي الشرف لإلقاء كلمة أوضح فيها الأوضاع في مصر الآن وأحث فيها شركات السياحة على العودة الى مصر مرة أخرى.

س: ما هي مساع الحكومة الانتقالية المصرية لتأمين المنشآت الكورية في مصر؟.

ج: قبل ان أتي إلى كوريا، كنت أعمل نائبا لمساعد وزير الخارجية لشؤون دول شرق آسيا وكنت مسئولا عن ملفات العلاقات بين مصر وكل من الكوريتين واليابان والصين. كنت أتابع على مدار 3 سنوات التي شهدت ثورة يناير وثورة يونيو . واتفق معي سفراء هذه الدول لدى مصر على أن أية استثمارات تابعة لهذه الدول بما فيها الاستثمارات الكورية لم تتعرض لاي نوع من الاعتداء أو المخاطر الامنية بالرغم من حالة الغليان والغضب لدى العمال لان أحوالهم الاجتماعية كانت سيئة جدا في ذلك الوقت . ومن حين الى آخر، كان بعض العمال يعتصمون ويرفضون العمل ويقدمون مطالبا الى الشركات، غير ان هذا حدث لمرة واحدة أو مرتين في إحدى الشركات الكورية فقط ، لكنها لم تتكرر .

وتم انشاء فريق عمل بوزارة القوى العاملة ووزارة الشؤون الاجتماعية ، حيث تم احتواء هذه المصاعب وعادت الحياة الى طبيعتها والعمل الى طبيعته في هذه الشركة الكورية الوحيدة التي تعرضت لهذا النوع البسيط من التوتر. غير هذا لم تتعرض الاستثمارات الكورية والاجنبية لأي نوع من الخطر في مصر.

س:كيف تقيمون العلاقات الكورية والمصرية؟.

ج: شهدت السنوات الاخيرة تطورا مهما جدا في العلاقات المصرية الكورية، وهناك بعض المعالم في الطريق الرئيسية لهذا التطور ، كان أهمها، في ديسمبر عام 2012م، زيارة وزير المالية الكوري لمصر مع وفد كبير لعقد جولة مشاورات مع نظيره المصري، تم الاتفاق فيها على عدد من البنود تم إدراجها في البيان الختامي منها التعاون بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والتقنية المهمة في العلاقات بين البلدين على سبيل المثال التعاون في مجالات الطاقة والكهرباء والطاقة المتجددة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبترول والغاز والصناعات الثقيلة والالكترونية بالاضافة الى التعاون في المجال المالي والنقدي والحكومة الالكترونية وغيرها. واصبح البيان الختامي لهذا الاجتماع بمثابة خارطة الطريق لتنمية العلاقات الاقتصادية والفنية بين البلدين.

وخلال زيارة وزير الخارجية لحضور مؤتمر الامن النووي في سيئول، تم التوقيع على اتفاق لانشاء لجنة وزارية مشتركة للتعاون السياسي والاقتصادي والفني بين البلدين.

وهناك عديد من مشاريع التعاون الاقتصادي والفني قام الجانب المصري بتقديمها كمقترحات الى الجانب الكوري وتقوم الحكومة الكورية بدراسة هذه المشاريع لترى ما يمكن تنفيذه منها، وأتصور ان بدء تنفيذ هذه المشاريع سيكون بمثابة تمهيد هام ا لانشاء الشراكة الاستراتيجية الحقيقية بين البلدين.

ونتطلع الى زيارة وزير الخارجية المصري الى كوريا لعقد مباحثات مهمة مع نظيره الكوري الجنوبي وبعض كبار المسئولين وذلك في منتصف شهر ديسمبر القادم. ونتطلع أن تؤدي هذه الزيارة لإحداث نقلة نوعية في العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين الصديقين.

س: ما أهم نشاطاتكم التي تخططون تنفيذها خلال فترة إقامتكم هنا؟ .

ج: أرى أن الجانب الثقافي والعلمي والاكاديمي هو الجانب الاهم في العلاقات بين البلدين ، لان البعد الثقافي يمثل البوابة الرئيسية لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والمجالات الاخرى بين البلدين . البعد الثقافي يكتسب أهمية خاصة لمصر ولكوريا لامتلاكهما تاريخ وحضارة ذات منظومة ثقافية مهمة جدا للشعب المصري والشعب الكوري، واذا اردنا ان نطور التعاون السياسي والاقتصادي ، فلنبدأ ببناء جسور التواصل بين الحضارتين .

بدأت سلسلة من الزيارة الى المؤسسات الثقافية ومراكز الفكر الكورية الرئيسة ، وهدفي هو انشاء شراكات بين الجامعات ومراكز الفكر الكورية مع نظيراتها في مصر. وهذه الشراكات في رأي سوف تمثل البنية الاساسية التي يمكن أن نبني عليها صرحا كبيرا لعلاقات كبيرة بين البلدين. ساركز نشاطي على هذا الموضوع . وارى ان مصر وكوريا مرشحتان لبناء الشراكة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية في كل المجالات.

تلك هي مهامي وإذا لم يحالفني الحظ في تحقيق مثل هذه الشراكة ، فسوف اسعى أن أهئي الأجواء لتحقيقها .

س: ما مدى تقبل وتجاوب الشعب المصري لموجة الثقافة الكورية؟.

ج: نتحدث عن مصر كسوق ثقافية، مصر كسوق ثقافية بها منافسة كبيرة لانها دولة محورية للمنطقة فهي دولة متعددة الثقافات بها ثقافة البحر الأبيض المتوسط والثقافة العربية والثقافة الافريقية والثقافة المصرية القديمة نفسها مؤثرة جدا وموقع مصر في مركز العالم وكملتقى حضارات العالم وقارات العالم وجعلها سوقا للثقافات والفنون لمختلف العالم. وهناك من ينبهر بالموجة الغربية ومن ينبهر بالموجة الصينية ومن ينبهر بالموجة الكورية والموجة اللاتينية أيضا .

وعلى الرغم من أن الموجة الثقافية الكورية حققت نجاحا كبيرا جدا في مصر ، الا إنها تواجه منافسة شديدة من موجات ثقافية أخرى بسبب طبيعة سوق الثفاقة في مصر . هذا ما يشجعني ان أنصح المؤسسات الثقافية الكورية بأن كوريا تحتاج الى تسويق ثقافي أقوى في مصر ليطلع المواطن والمجتمع المصري على مزيد من المعلومات والمعرفة عن كوريا . التسويق الكوري في مصر وعلى الرغم من النشاط العظيم من السفارة الكورية في القاهرة إلا انه بحاجة الى مزيد من الجهود التي تقوم بها المؤسسات الكورية هنا حتى تعين التسويق الاكبر للثقافة الكورية لمواجهة هذه المنافسة الشديدة.

إن التسويق في مصر مهم جدا ليس فقط لمصر كدولة محورية بل لكونها بوابة الدول العربية وجنوب أروبا والدول الافريقية وان نجحت كوريا نفسها في مصر من ناحية ثقافية بصورة مناسبة فهذا يعني بكل تأكيد انها ستنطلق من مصر إلى كل هذه المناطق .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات