نساءُ العرب 2013

11:13 صباحًا السبت 14 ديسمبر 2013
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الصور (من اليمين) الحقوقية المغربية خديجة الرياضي (أعلى)  المخرجة هيفاء المنصور، ثم د. مونيكا حنا، ود. سماح الطنطاوي، والمعجمية غريد الشيخ، وأخيرا الممثلة الفلسطينية هيام عباس.

حين يتم الحديث عن شخصية العام في الدول العربية، تتبادر  للذهن صورة الرجل، في الدين والسياسة والرياضة والأدب والفن والعلم، وهو أمر ذكوري لا ينطبق على المجتمعات العربية وحسب، وإنما يعلن بها عن نفسه بوضوح. خارج العالم العربي يكفي أن نعدد الشخصيات النسائية الفائزة بجوائز نوبل في فروعها كلها، لندرك الفارق، الشاسع، لذلك اخترنا في (آسيا إن) أن نقترح شخصية العرب لسنة ٢٠١٣ من النساء.

لعلنا نختار شخصية العام في المملكة المغربية لتكون الحقوقية المغربية خديجة الرياضي التي تسلمت جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان 2013،  في نيويورك، في اليوم الذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي اختير ليتزامن مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر يوم 10 ديسمبر 1948 حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

الناشطة الحقوقية في قلب الشارع

هي أول امرأة عربية تحصل على الجائزة، التي منحت سابقا لمنظمات حقوقية عربية برجالها ونسائها، ولكن ليس بصفة شخصية. منحت خديجة الجائزة لدورها في التعريف بحقوق الإنسان في المغرب والدفاع عن القيم الإنسانية، ومناهضتها لمفهوم الدولة لحقوق الإنسان باعتباره “مفهوماً مموها”. وقد عرضها الأمر شخصياً وعرض الجمعية لكثير من الاعتداءات العنيفة اثناء احتجاجاتها واحتجاجاتها أمام البرلمان. حتى أنها تعرضت في العام 2011 لاعتداء من قوات الأمن، تم بعده نقلها إلى المستشفى. جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أهم الجوائز الحقوقية العالمية.  وهي جائزة شرفية، إذ  ليست لديها قيمة مالية.

 في مصر تستحق د. مونيكا حنا عالمة المصريات أن تكون شخصية العام النسائية للعرب في 2013، وهي التي ظهرت في قلب أحداث العنف عقب تعرض متحف ملاوي بصعيد مصر لعمليات سرقة واسعة، من خلايا الجماعات الإسلامية المتطرفة ولصوص الآثار، ولتطلق د. مونيكا حملة توعية وبحث، وإعلام وتقص، وليستعيد المتحف 500 قطعة،  ويتم إنقاذ 45 قطعة أخرى. ناشدت  د. مونيكا حنا المصريين جميعا بل والمجتمع الدولي لحماية أثار مصر، مشيرة إلى أنها لا تطال فقط المواقع الأثرية الفرعونية بل المعالم الإسلامية والقبطية بالإضافة إلى القصور والمباني الأثرية التي تم هدمها خلال هذه الفترة منذ ثورة يناير.

الأثرية مونيكا حنا

أكدت الأثرية المصرية ضرورة أن تشمل المناهج في مصر عرضا لأهمية التاريخ المصري القديم وأهمية القطع الأثرية حتى تكبر هذه الأجيال وهي تعلم أهمية القطع الأثرية التي تروي الكثير عن تاريخ مصر القديمة. زارت د. مونيكا حنا لندن وبرلين لعرض مشكلة سرقة الآثار المصرية القديمة وأطلقت صرختها ضد الذين يبنون مقابر بجوار هرم “سنفرو” القريب من منطقة أهرامات الجيزة الواقعة جميعا في غرب القاهرة، للتعمية على عمليات الحفر “خلسة” أو ما يسمى بالحفر غير الشرعى. وكشفت د. مونيكا حنا التي تعمل أستاذة للآثار المصرية بجامعة برلين عبر صفحاتها على موقع “تويتر”، عن محل إسرائيلي للأنتيكات يسمى “Baidun” يتاجر في الآثار الفرعونية المسروقة. ونشرت حنا عنوان الموقع الإلكتروني للمحل، والذي يعرض عددا كبيرا من الآثار الفرعونية النادرة للبيع، وتظهر على الموقع صور لقطع أثرية مختلفة، حيث عرض أكثر من صورة لتمثال أوزوريس، إله البعث والحساب، و بلغ سعره 1.350.00 دولار ولا يكتفي الموقع ببيع التماثيل، فهو يتاجر في الحلي الفرعونية القديمة، فيعرض صورة لخاتم له فص من الجعران الفرعوني يبلغ سعره 950.00 دولار، وصورة لإناء فرعوني مصنوع من المرمر. توجت هذه الجهود بمنحها جائزة دولية مرموقة هي SAFE Beacon Award التي استحدثت باسم (أنقذوا الآثار من أجل كل البشر)، وجاءت بعد نهب آثار المتحف العراقي، وجاء في حيثيات منح الجائزة أن “عالمة الآثار المصرية التي لا تعرف الكلل مونيكا حنا قامت بمفردها، بكشف كم لا يصدق من النهب في مصر، وقد ذهبت أبعد من ذلك بمواجهة بعض اللصوص المسلحين.

 من مصر أيضا يمكن للجهد العلمي للباحثة المصرية الدكتورة سماح الطنطاوي أن يتوجها بلقب شخصية العرب النسائية، الباحثة التي تدرس بقسم الاتصالات بهندسة القاهرة فازت بالمركز الأول لأفضل بحث علمي لحل أزمة المرور في المسابقة التي تنظمها منظمة الإلكترونيات والهندسة الكهربائية في طرق النقل الذكية بهولندا كما منحتها المنظمة الدولية لبحوث العمليات والعلوم الإدارية بأمريكا جائزة من ابتكارها طريقة مستحدثة لحل أزمة المرور في وقت الذروة من خلال تحكم لا مركزي للاشارات المرورية يطبق لأول مرة في العالم.

صفحة من موقع الباحثة سماح الطنطاوي على فيسبوك، توجز رحلتها لنيل درجة الدكتوراه في تورنتو

وكانت المهندسة المصرية طالبة منحة الدكتوراة بجامعة تورنتو بكندا قد منحت الكثير من وقتها لأبحاث شاركت بها في مؤتمرات عدة، لكن ابتكارها الأهم عن حل أزمة المرور يصب في صالح اقتصاديات دول عديدة تعاني من تكدس المرور. ابتكرت سماح نظاام للتحكم في اشارات المرور الضوئية عند التقاطعات ذاتيا أي ان الاشارة تتغير طبقاً لكثافة وتدفق السيارات.. حيث تستمر الاشارة مفتوحة مع استمرار التدفق من اتجاه ما.. ويعتمد هذا النظام المبتكر علي نظرية المحاكاة للواقع أو نموذج المحاكاة من خلال برنامج لبناء شبكة طرق تماثل الشبكة الواقعية. هذا النظام اللامركزي يستخدم آلات تصوير مجاورة للإشارات الضوئية في جميع التقاطعات للحصول منها علي معلومات عن كثافة السيارات وأجهزة تحكم توضع عند الاشارات الضوئية لكل تقاطع، وهو نظام غير مكلف مقارنة بالنظم الباهظة الكلفة التي تعتمد على التحكم المركزي للمدينة كلها. وأفضل ما في النظام أنه يصلح لكل الدول بما فيها مصر. سماح الطنطاوي المدرس المساعد بقسم الرياضيات الهندسية حصلت علي بكالوريوس الهندسة عام 2004 ثم الماجستير في التخصص عام 2007 وسافرت بعدها في منحة لدراسة الدكتوراة من جامعة تورنتو.. حصلت عليها ..2012 وهي زوجة د.حسام عبدالحميد مدرس هندسة الطرق بجامعة القاهرة وأم لطفلين نور عمرها خمس سنوات ويوسف عمره عشرة أشهر. 

الباحثة غريد الشيخ

 من لبنان ستحيي (آسيا إن)، مجددا، جهد الباحثة والناشرة والكاتبة  اللبنانية غريد الشيخ محمد التي أصدرت أول معجم إلكتروني عربي عربي حديث. المعجم الذي صدر في بيروت عنوانه “المعجم في اللغة والنحو والصّرف والمصطلحات العلمية والفلسفية والقانونية والحديثة” وتنشره عن دار النخبة للتأليف والترجمة والنشر. ويحتوي المعجم على مَتن اللغة العربية ، وقد تم الاستناد إلى لسان العرب وتاج العروس والقاموس المحيط ، وغيرها من المعاجم القديمة والحديثة ، وتمّ ذكْر جذر الكلمة ، والفعل المضارع للفعل الثُّلاثي ، ومصدر الفعل ، وجمع التّكسير ، وإعراب كلمات ، و قواعد اللغة العربية , ومُصطلحات علميّة وفلسفية وفقهيّة وقانونيّة وأدبيّة ، ومعلومات علمية حيث سيتمّ كل ثلاثة أشهر إضافة مصطلحات جديدة إلى المعجم. كما أصدرت الكاتبة غريد الشيخ معجمًا ورقيًا للصغار باللُّغاتِ الثَّلاث : العربيّة والإنجليزيّة والفرنسيّة،يَتضمّن محاورَ كثيرة تُفيدُ الطّالبَ في دراسته وفي حياته اليوميّة تبلغ عدد كلماته 1100 كلمة تقريبًا وعدد صوره كذلك 1100 تقريبًا فيما تبلغ عدد صفحاته 168 صفحة. هذا الجهد الكبير يرشح غريد لتكون بين شخصيات العرب النسائية للعام 2013.

المخرجة هيفاء المنصور

من السعودية يمكن بيسر أن نختار المخرجة هيفاء المنصور لتكون شخصية العام العربية بين النساء. ولدت المنصور (1973) في عائلة ثقافية، أبوها الشاعر عبد الرحمن المنصور، وشقيقتها هند فنانة تشكيلية، وقد درست الأدب الإنجليزي المقارن في الجامعة الأمريكية بالقاهرة قبل أن تدرس السينما في أستراليا. دخلت المنصور عالم الفن السابع بأفلام قصيرة وفيلم وثائقي. ، وهي الآن تمثل وجه المملكة المنفتح، وهي التي أدخلت السعودية لأول مرة سباق جوائز الأوسكار بفيلمها “وجدة” الذي يعتبر أول فيلم روائي طويل تصوره امرأة في المملكة العربية السعودية، وبالتحديد في شوارع العاصمة الرياض. وفاز الفيلم بجائزة أحسن فيلم عربي في مهرجان الفيلم بدبي وبجائزة “فرنسا ثقافة سينما” في مهرجان كان، ولقي ترحيبا حارا في مهرجان البندقية للعام الماضي حيث حصل على جائزة أحسن فيلم في “الفن التجريبي” وجائزة “سينما المستقبل” وجائزة “إنترفيلم”. وستقترح المملكة لأول مرة في تاريخها فيلما في سباق الأوسكار، والذي يقام في الثاني من مارس 2014 بهوليود. وأن تجعل السعودية من هذه الفتاة الصغيرة رمزا للبلاد في هوليود سيكون دون شك سابقة من نوعها في بلد ليس به سوى قاعة سينما وحيدة في كل المملكة تعرض منذ 2005 رسوما متحركة، وبقيت الأفلام حكرا على التلفزيون ونوادي الفيديو. ولا تدرس السينما في جامعات المملكة. عرضت هيفاء سيناريو “وجدة” على السلطات السعودية ثم حصلت على التمويل من منتجين من فرنسا وألمانيا والسعودية قبل أن تمنح لها رخصة تصوير. ولم يسبق لأي فيلم أن يظهر شوارع الرياض في وضح النهار. وأدارت المخرجة الممثلين والمشاركين في الفيلم من داخل شاحنة بواسطة هاتف لاسلكي. وكان سن البطلة الصغيرة عاملا إيجابيا لتصوير المشاهد في شوارع الرياض. وحظيت هيفاء المنصور بمساندة الأمير الوليد بن طلال.

الممثلة والكاتبة الفلسطينية هيام عباس

في السينما أيضا يمكن أن ترشح الممثلة والكاتبة الفلسطينية هيام عباس (1960)، التي اختيرت هذا العام ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي الدولي، بعد تكريمها من قبل مهرجان أبو ظبي الدولي السابع، بجائزة «اللؤلؤة السوداء» تتويجا لمسيرتها الفني، ضمن جوائز عديدة وترشيحات لمسيرتها الفنية الخصبة منها حصلت هيام على جائزة أفضل ممثلة لدورها في فيلم «شجرة الليمون».  بالناصرة، وبالتحديد بقرية دير حنا ولدت هيام، وعاشت كمواطنة تحمل لقب عرب 48، وقد درست التصوير والتمثيل وامتهنته بمسرح الحكواتي بمدينة القدس، إلى أن سافرت إلى باريس قبل 23 عامًا لتمثل بالسينما المحليّة أدوارا ثانوية، لتنطلق كممثلة عالمية عام 1996 في الفيلم الفرنسي «عندما تبتعد القطط» لسيدريك كلابيش، وبعده فيلم «حيفا» للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، قبل أن تؤدي دورها الأهم في فيلم رجاء العماري «الحرير الأحمر» عام 2002، وفي «الجنة الآن» الذي أخرجه هاني أبو أسعد 2005 لعبت دور «أم سعيد». حاز الفيلم نفسه جائزة الكرة الذهبية، كما رشح لجائزة الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي. واختارها سبيلبرج بفيلمه الذي يحكي طرفا من سيرة الفلسطينيين بمواجهة مغتصبي أراضيهم «ميونخ» لتمثل وتدرب زملاءها، وتستمر مسيرتها حتى هذا العام الذي قدمت فيه فيلمها الأحدث «فقط في نيويورك».

 الأسماء المكرمة بين النساء هذا العام كثيرة، وهناك العشرات ممن يمكنهن بفضل نجاز تحقق هنا وهناك أن يكن في هذه القائمة، ولكننا أردنا تقديم نماذج بمجالات ثقافية وفنية وعلمية ويبقى اختيار القراء هو الأهم، لأنهم يلمسون أداء هذه الأسماء وسواهن في حيواتهم اليومية.

لاجئات سوريات ينتظرن دورهن في دخول معسكر بحدود الأردن

أخيرًا، يأتي نصب تذكاري باسم هذا العام، يُمنح للمرأة السورية، التي تعاني هي وأطفالها الآن ونحن نكتب هذه الاختيارات وسط شتاءات المناخ والقلوب، على حدود دول جوار عديدة. المرأة السورية التي فتحت قلبها وبيتها شقيقة باسم القومية العربية لكل عربي يحل ضيفا على مدن سورية، إعلامية، وشاعرة، وفنانة، ومثقفة، وأكاديمية، وربة بيت، ها هي اليوم تبحث عن ملاذ دافيء. لقد أنهكت السنوات الثلاثة الأسرة السورية، ودمرت حياة الملايين، ووأدت أحلاما بالمستقبل، لكنها يوما ستعود.  شخصية العرب النسائية المثالية هذا العام تقدمها (آسيا إن) للمرأة السورية التي أُخرجت من وطنها، بسبب تورط الساسة، وغلاظة أفهام العامة، وقساوة قلوب تجار الدين، الذين باعوا الوهم والضلال باسم الجنة، واشتروا العروش والسلاح والموت باسم السياسة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات