لغة الأشياء / بأكبر قدر من الامتنان

06:14 صباحًا الإثنين 30 ديسمبر 2013

باسمة العنزي

روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.

لأنها راحلة تاركة لنا مهمة التعرف على الآتية، بودي أن أهمس لها و لكم في أيامها الأخيرة معنا، أنني أشعر بالامتنان.

ممتنة لكل ما حدث وما لم يحدث لي خلالها. لكل صباح مشرق أو غائم نهضت فيه وأنا أتمتم لنفسي محاولة اللحاق بقائمة طويلة من المهمات «يبدو صباحا مختلفا». لكل طريق عبرته وأنا غارقة في أفكاري، من مراقبة الطيور الواقفة على عواميد الإنارة إلى سؤال نفسي كل مرة تباغتني فيها حفر الطريق الأزلية «ألا يقود وزير الأشغال مركبته في طرقنا المليئة بالبثور؟!».

ممتنة لشارع دمشق وإشاراته الضوئية التي لا تمهلني أحيانا فرصة اختيار أغنيتي المفضلة، ولأشجار النخيل الصامتة المحيطة بموقف السيارات في مقر عملي ولبرك المياه الصغيرة بعد ساعات الري الصباحي، اخشي على حذائي كل مرة من طينها، لبوابات أعبرها وتحيات ملقاة بسرعة واعتيادية.

ممتنة لبدايات ونهايات الأسابيع والشهور، لتقويم العام الملون على مكتبي، للفصول الأربعة وما تثيره فينا من تحولات مزاج، للروتين والملل والمفاجآت، لخططي المجهضة والأخرى الناقصة وتلك المستحيلة، ليقيني الدائم أننا مشغولون جدا إلى نهاية العمر.

ممتنة لنشاطي وكسلي وحالة المراوحة بينهما، لكل كتاب قرأته وأخذني معه في رحلة، ولكل سطر كتبته ومسحته، لكل مقال نشرته ولكل نص طرزته بقلقي.

ممتنة للكثير من الأشخاص في حياتي والدتي الرائعة وزوجي الملهم وأطفالي الجميلين ولقائمة طويلة من الأصدقاء المضيئين. ممتنة لكل شخص تقبل صراحتي، لكل نصيحة قدمت لي ولو كانت عابرة، لكل من وثق بدوافعي ولمس نواياي، لكل من لفت نظري لأمر غاب عني، ولكل من أرشدني للمعرفة وشاركني رأيه، لكل من اختلفت أو اتفقت معه، لكل مبدأ آمنت به و لكل نفق اجتزته.

ممتنة للكثير من الأشياء في هذه السنة وما قبلها من السنوات، ممتنة لخالقي أولا وأخيرا على كل عطاياه الثمينة.

ممتنة لكل قارئ استثنائي عبر (لغة الأشياء) ووصله صوتي، ولكل فكرة لمعت في ذهني وتبعتها للنهاية، للكلمات الطيبة التي تخجلني فأتملص منها، ولكل الأمنيات التي حلقت كمناطيد ملونة في سمائي.

ممتنة كثيرا… لكم جميعا.