لغة الأشياء / جنية المفقودات

06:45 صباحًا الإثنين 13 يناير 2014
باسمة العنزي

باسمة العنزي

روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

اليوم اخفت مبرد الأظافر!

تعبث بأوراقي فأجدها بلا ترتيب، تبدل أماكن كتبي؛ تقدم المقروء وتطيح بالجديد، تخفي عطري الشتوي لأيام فاضطر لاستخدام القناني المهملة ببقايا روائحها الصيفية، تبعد أواني المطبخ في أعماق الخزائن المظلمة، تدس الريموت كنترول تحت إسفنج المقاعد الوثيرة، تسرق الأقلام من الدرج الصغير.

ولأني هادئة جدا ومن الصعب إثارة غضبي- إلا في حالة واحدة- تلجأ لأكثر الوسائل تعقيدا. فشاحن النقال من الصعب أن يختفي من غرفة الجلوس وأجده بعد ساعات فوق الثلاجة. والمنبه من الذي يخرجه صباحا من غرفة النوم لمغسلة الحمام سواها! وألبوم الصور القديم الذي يباغتني كل مرة افتح فيها الدرج كيف يختفي في الوقت الذي أبحث عنه؟ حتى علبة النقود المعدنية تنجرف للعبة الاختباء التي تديرها جنية المفقودات بطرف عصاها السحرية.
أصحو مبكرة يوميا، عادة لم تفارقني منذ طفولتي، في السادسة والنصف ابحث عن الصحيفة، اقرأ كل مآسي الخارج وأتجرع مقالات نقد الداخل وأنا أتناول فطوري ببطء. بعدها أجهز نفسي للانطلاق للعمل، تاركة الجدران تمضي نهارها أمام ثرثرة التلفاز لمتابعة آخر الأخبار المحزنة في عالم يتوسل الغرق، أغلق الباب كل مرة وأنا اسأل نفسي عن الأشياء التي نسيت اصطحابها معي، وما ان أصل لبوابة العمل حتى اكتشف ما نسيت بعد فوات الأوان!
أخبرتني صديقتي أن جنية المفقودات تعبث معنا وتخبئ عنا أغراضنا لتختبر صبرنا، بعدها تعيد لنا أشياءنا التي لم نعرف قيمتها سابقا. وظيفتها أن نشعر بالامتنان لوجود الأشياء آمنة من حولنا!
في الآونة الأخيرة أصبحت تخبأ صفات- لم أكن رفيقتها المفضلة- عني. تضطرني لمقارعة العالم بلا ديبلوماسية ولا مجاملات و لا طول بال، صار بإمكاني أن ألقى بما يدور في رأسي من أسئلة و أفكار دون المرور بمنخل الكلمات، بل انني ذهبت بعيدا وسجلت بطاقات بصفات أصدقائي الجيدة والمزعجة وعلقتها على حوائطهم الافتراضية ما أثار استغرابهم!
جنية المفقودات فقدت سحر أن تفاجئني بجديدها، بدأت استمتع بلعبة الاعتياد على حركاتها المشاكسة، صرت أوهمها أن الهامشي مهم والفائض عن الحاجة أساسي، وأظنها بلعت الطعم كسمكة جائعة، لهذا اخفت مبرد الأظافر عن المرأة ذات الأظافر القصيرة!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات