دستور تونس الجديد يشرخ تكتل حركة النهضة بالمجلس الوطني التأسيسي

06:23 صباحًا الثلاثاء 21 يناير 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

تسبب الدستور التونسي الجديد الذي يعكف المجلس الوطني التأسيسي حاليا على مناقشة فصوله فصلا فصلا قبل المصادقة عليها،في تصدع كتلة حركة (النهضة) الإسلامية التي مازالت تقود الإئتلاف الحاكم في البلاد ، في سابقة مرشحة للمزيد من التفاعلات خلال الأيام القليلة القادمة.

وبدا هذا التصدع واضحا عندما أعلن أربعة أعضاء من كتلة النهضة بالمجلس التأسيسي إستقالتهم ، فيما لم يتردد النائب صادق شورو القيادي البارز في الحركة في وصف الدستور التونسي الجديد بأنه “ولد ميتا” ما أثار حفيظة حركة النهضة ، وإستياء بقية نواب المجلس التأسيسي.

ولم تتمكن قيادة حركة النهضة من نفي إستقالة عدد من أعضائها بالمجلس التونسي ، وهم النواب فرح النصيبي ، وخليد بلحاج ، وكوثر الأدغم، وأحمد السميعي ، وربطت ذلك بالدستور التونسي الجديد.

وقال عامر لعريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة ليلة السبت- الأحد،إن “خبر مطلب الإستقالة الذي تقدم به اربعة نواب منتمين للحركة بالمجلس الوطني التأسيسي صحيح”.

وأرجع في تصريحات إذاعية سبب هذه الإستقالة إلى “التنازلات التى تقدمت بها حركة النهضة “، فيما اكد العجمي الوريمي المكلف بالإعلام بحركة النهضة الإسلامية أن سبب هذه الإستقالة ” يعود إلى تحفظات على عدد من فصول الدستور”.

واعتبر أن التوافقات على فصول الدستور “مسألة صعبة”، وأشار في المقابل إلى أن كتلة الحركة النهضة بالمجلس التأسيسي “ستبقى متضامنة وسيزيد عددها ولن ينقص”، على حد قوله.

ويرى مراقبون ان هذا التصدع ، الأول من نوعه الذي يصيب كتلة حركة النهضة الإسلامية بالمجلس التأسيسي ، مرشح لأن يتسع بالنظر إلى التباين الواضح بين أعضاء هذه الحركة داخل المجلس أثناء مناقشة فصول الدستور.

وتجلى هذا التباين ليلة السبت-الأحد عندما لم يتردد الصادق شورو الرئيس الأسبق لحركة النهضة الإسلامية ،والنائب بالمجلس التأسيسي في القول إن الدستور الجديد هو “نتاج ضغوطات داخلية وخارجية ،وقد ولد ميتا”.

وقال في مداخلة له أمام أعضاء المجلس التأسيسي ، إن الدستور الجديد لتونس ” جاء ليرضي كل الأطراف الداخلية والخارجية إلا الشعب، وقليل من النواب في هذا المجلس، وأنا منهم”.

وأضاف شورو ” كان من المنتظر أن يولد هذا الدستور على يد نواب الشعب في ظروف طبيعية ، ولو كان ذلك بعملية قيصرية ، فما راعنا إلا وأطراف من خارج هذا المجلس تتدخل في هذه الولادة تارة باسم الحوار الوطني وتارة باسم الخبراء، وتارة أخرى باسم التوافقات”.

واعتبر في مداخلته أن تلك الأطراف “أدخلت بهذا الدستور تشوهات ، وإذا بهذا المولود (الدستور) يولد في الأخير ميتا”.

وأثارت هذه المواقف حفيظة حركة النهضة ، وإنتقادات بقية الكتل النيابية، وخاصة منها الكتلة الديمقراطية،حيث سارع الصحبي عتيق رئيس كتلة النهضة إلى القول إن موقف النائب الصادق شرورو “لا يلزم كتلة النهضة التي ترى أن الدستور سيكون مفخرة لتونس ولكل التونسيين”.

وأضاف عتيق أن “تجربة التوافقات حول المشروع والحوار الوطني تجربة رائدة” ، وأكد أن حركة النهضة الإسلامية “ستواصل فيها” ، فيما لم يتردد رئيس الكتلة الديمقراطية بالمجلس التأسيسي النائب محمد الحامدي، في وصف تصريحات شورو بـ”الجنائزية”، وقال إن شورو اعتمد ” فزاعة الخوف على الإسلام، ونظريات المؤامرة التي لن تنطلي على الشعب التونسي”.

وإعتبر أن تصريحات شورو “تقلل من شأن النخبة في تونس ونواب المجلس التأسيسي” ، بينما رد المولدي الرياحي ، رئيس كتلة حزب التكتل بالمجلس التأسيسي على الصادق شورو ، بالقول إن هذا الدستور “لم يفرضه على نواب الشعب التونسي أي طرف خارجي، وجاء بموافقة أكبر الكتل النيابية أي كتلة حركة النهضة”.

ويتوقع أن يتواصل هذا الجدل اليوم ، حيث سيستأنف المجلس الوطني التأسيسي مداولته المتعلقة بمناقشة آخر فصول الدستور التونسي الجديد الذي ينتظر أن تنتهي المصادقة عليه اليوم بحسب تقديرات أولية.

وكانت محرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس التأسيسي قد أعلنت في ساعة متأخرة من مساء أمس،أن رؤساء الكتل بالمجلس سيعقدون صباح اليوم إجتماعا للنظر في الباب العاشر والأخير من الدستور المتعلق بـ”الأحكام الإنتقالية” على أن تعقد بعد ظهر اليوم جلسة عامة للمصادقة على فصول هذا الباب.

من جهته ، رجح المقرر العام للدستور الحبيب خذر الإنتهاء من المصادقة على الدستور مساء اليوم،على أن يتم عرض الدستور الجديد في صيغته النهائية للمصادقة عليه في قراءة أولى يوم الأربعاء المقبل على أقصى تقدير.

يذكر أن المجلس التأسيسي التونسي كان قد بدأ في الثالث من يناير الجاري في مناقشة الدستور الجديد والمصادقة عليه فصلا فصلا ،علما أن هذا الدستور هو الثاني لتونس بعد دستور عام 1959 ، ويتألف من 146 فصلا.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات