25 يناير ما بين عيد الشرطة وثورة الشعب في مصر

03:56 مساءً الجمعة 24 يناير 2014
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

في حياة الأمم والشعوب أيام لا تنسى تظل ماثلة أمام الأجيال المتعاقبة تمتاز بأنها من الأيام الفارقة الصانعة للتغييرات الكبرى ، أيام تؤصل وتجسد لقيم الشعوب وآمالها وطموحاتها ، وقد عاشت مصر أياما خالدة مع بدء أحداث ثورة 25 يناير/ كانون الثاني ٢٠١١. وفي تزامن مقصود ومتعمد مع احتفالات المصريين بعيد الشرطة وثورة 25 يناير تطل رأس الغدر والإرهاب من جديد في تفجير مدو لمبنى مديرية أمن القاهرة وقع صباح اليوم الجمعة مما أدى إلى وفاة حوالي خمسة أشخاص وإصابة العشرات ، كما تسبب الإنفجار في حدوث حفرة في الأرض بعمق 6 أمتار وإنهيار الواجهات الأمامية للمديرية كما ألحق التفجير الإرهابي أضرارا بالغة بالمتحف الإسلامي الذي يقع في محيط التفجير  وتحل غدا السبت الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير ، التي خرج فيها ملايين المصريين في شوارع وميادين القاهرة والمحافظات لرفض الظلم والإستبداد  الذي عايشوه طوال فترة حكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك .

ميدان التحرير: الثورة والشعب والذكرى

وقد أختير يوم 25 يناير ليوافق عيد الشرطة التي توسعت سلطاتها وعنفها وقسوتها مما أدى إلى معاناة المواطن المصري الكثير من الظلم والإنتهاك لحقوق الإنسانية والتي تتمثل في طريقة القبض عليه والحبس والقتل ، كما أن حكم الرئيس المخلوع مبارك منذ عام 1981 والذي وصل إلى 30 سنة أدى إلى انتشار الفساد والإنتهاكات وكان له الأثر الكبير على التدهور الإقتصادي والإجتماعي على المصريين هذا بالإضافة إلى التراجع الملحوظ في مستوى التعليم والصحة وارتفاع معدلات البطالة .

بدأت الثورة يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 باحتجاجات شعبية ذات طابع اجتماعي سياسي محددة هدفها الأول الإحتجاج على سلوك الشرطة العنيف ضد فئات المجتمع واحتجاجا علىالأوضاع المعيشية والسياسية والإقتصادية السيئة وانتشرت المظاهرات في الشوارع والإحتجاجات وأعمال العصيان المدني والإعتصامات بالميادين وانتهت برحيل مبارك في 11 فبراير/ شباط عام 2011 ومن ثم قاد المجلس العسكري المرحلة الإنتقالية وقام بإجراء عدد من التعديلات الدستورية عل دستور 71 انتهت بإصدار اعلان دستوري ومن ثم الإنتخابات البرلمانية وفوز التيار الإسلامي وفي مقدمته جماعة الإخوان بأغلبية البرلمان وأعقبها إجراء الإنتخابات الرئاسية وفوز الإخوان بها واستكملوا ركوبهم للثورة وقادوا البلاد نحو ديكتاتورية جديدة واستبداد بإسم الدين انتهت بثورة الشعب المصري ضدهم في 30 يونيو/ حزيران 2013 والتي انتهت بعزل الإخوان ورئيسهم وإعادتهم مرة أخرى إلى السجون كما كانوا قبل يناير عام 2011

واستمرارا لهذه الإوضاع وفي ظل المناخ الذي أعقب عزل الإخوان ورئيسهم وانتشار أعمال العنف والشغب في الشارع المصري يحاول تنظيم الإخوان إستغلال أي حدث سياسي من أجل نشر الفوضى ، فيما تواجههم قوى مؤيدة للوضع الحالي في مصر خاصة بعد إقرار الدستور بنسبة تجاوزت 98% والذي يعد أول بند من خارطة الطريق نحو المستقبل .

وذلك في الوقت الذي توجد قوى وحركات فاعلة في المشهد السياسي المصري تسعى لتحقيق مطالبها ودعم أفكارها سواء مما يفعلون لرفض الفاشية الدينية ورفض عودة الإخوان مرة أخرى وهي قوى 30 يونيو فيما توجد قوى أخرى ترفض عودة الدولة الأمنية والعسكرية وتنصيب الفريق أول عبد الفتاح السيسي ، وزير الدفاع والإنتاج الحربي ، رئيسا للجمهورية .

يوم 25 يناير 2014 سيكون يوما فارقا في مسار ومسيرة الثورةفي المرحلة المقبلة لا لأنه سيكون يوما لثورة جديدة كما يدعي الإخوان الإرهابيون المتمسحون في 25 يناير ، ولا لأنه سيكون يوما لإعلان السيسي رئيسا أو دفعه إلى الترشح رغما عنه كما يدعو غالبية من الفلول المتمسحون في 30 يونيو ومضاف لهم في هذا الموقف حتى الآن بالتأكيد كثير من المصريين البسطاء الذين لا هم لهم إلا إستقرار الوطن وتحقيق أحلامهم البسيطة ، وإنما لأن 25 يناير وهو ما يهمنا يوم اختبار حقيقي لقوى الثورة الحقيقية وهو يوم اختبار أيضا للتأكيد على أن الشعب المصري سيلقن فيه الجميع درسا جديدا في الوعي والذكاء الفطري .

يوم 25 يناير 2014 سيكون يوما لتأكيد أن الشعب المصري لم ولن يكون عبدا لأحد أو لفرد ولا لجماعة ، وإنما هو يفرز بمعاييره وبوعيه في التوقيت المناسب ما يراه مناسبا وهو سيكون يوما أيضا لاختبار مدى قدرة قوى الثورة أن تقدم نفسها كبديل ثالث صاحب خيار مختلف عن كلا المعسكرين : نظام مبارك ونظام الإخوان فلا ينحاز لأحدهما .

وقد دعا اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية جموع الشعب إلى النزول للميادين للإحتفال بذكرى 25 يناير مؤكدا استعداد قوات الشرطة الكامل بالتنسيق مع القوات المسلحة لتأمين الإحتفاليةوإجهاض محاولات تنظيم الإخوان الإرهابي لإفسادها ، وأن الأجهزة الأمنية ستقوم بعدة خطوات استباقية لضبط العناصر الإرهابية القائمة على تنفيذ تلك المخططات .

وشدد على أن رجال الشرطة عازمون على خروج إحتفالات الشعب بثورة 25 يناير في أفضل صورة مشددا على تأمين الإحتفال بميدان التحرير وكافة الميادين بمحافظات الجمهورية محذرا في الوقت نفسه من أن أية محاولة لتعكير صفو الإحتفالات ستواجه بكل حسم وقوة ووفقا للقانون .

وأكد وزير الداخلية أنه سيتم تأمين كافة المنشآت الحيوية والمهمة بالتنسيق مع القوات المسلحة على مدار 24 ساعة ، وفيما يتعلق بأعمال العنف بالجامعات دعا الوزير طلاب الإخوان بالجامعات إلى ضرورة التوقف عن أعمال العنف مؤكدا أن الشرطة لا تريد التواجد داخل الحرم الجامعي أو خارجه ولكنها مضطرة الآن إلى ذلك للحفاظ على الأمن وانتظام الإمتحانات بالجامعات .

واحتفالا بالذكرى الثالثة للثورة المصرية في 25 يناير ، تنظم وزارة الثقافة تحت رعاية محمد صابرعرب وزير الثقافة إحتفالية ثقافية كبرى في القاهرة وجميع المحافظات بمشاركة كبار وشباب المثقفين والفنانين وعدد كبير من الفرق الفنية والشعراء .

ومن المقرر أن تبدأ الإحتفالية بمسيرة ثقافية وفنية تتحرك من أمام وزارة الثقافة بالزمالك لتلتحق بالإحتفال الفني والثقافي الذي تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة من خلال عروض فنية وغنائية أمام دار الأوبرا بالقاهرة ، ثم تتوجه في كرنفال ثقافي كبير إلى ميدان التحرير لتقدم برنامجا ثقافيا وفنيا يمتد حتى منتصف الليل بمشاركة جميع فئات الشعب ، وكتيبة من المثقفين والغنائيين الذين يمثلون تيارات الفنون المختلفة .

وفي توقيت متزامن تقام احتفاليات ثقافية كبرى في عواصم المحافظات على المسارح التي تقيمها هيئة قصور الثقافة في الميادين الرئيسية ويشارك فيها عدد كبير من فرق الفنون الشعبية وفرق الموسيقى العربية وفرقة الآت الموسيقى الشعبية وفرق الأطفال والفنانين بالأقاليم حيث تقدم عروضها الفنية المتميزة للجماهير إحتفالا بالثورة المصرية ، واستحقاقاتها السياسية والمجتمعية التي أقرها الثوار في 30 يونيو 2013

وقد حضر الرئيس المؤقت عدلي منصور مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع ، الإحتفال الذي أقيم أمس الخميس في أكاديمية الشرطة بمناسبة ثورة 25 يناير وأحياه عدد من الفنانين منهم الفنان مدحت صالح وغنوا الأغنيات الوطنية المرتبطة بالثورة ويعكس هذا الإحتفال الإتفاق العام على أن يظهر يوم 25 يناير في أفضل صورة وبعيدا عن أي مناوشات أو أحداث قد تعكر صفو هذا اليوم .

هذا وينتظر المصريون يوم الخامس والعشرين من يناير للنزول إلى الميادين والإحتفال بشكل حضاري ، والتأكيد على صمودهم في وجه الإرهاب الغاشم وأن تهديدات كتلك التي حدثت اليوم لن تجعلهم يتراجعون عن مستقبل أفضل لهم ولوطنهم وأولادهم في دولة آمنة تسودها الديمقراطية .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات