أصوات السماء : القيم والحرب الكونفوشيوسية

11:23 مساءً السبت 25 يناير 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

مجلة كوريانا – تشارلز لاشور الأستاذ بكلية الدراسات العليا للترجمة، جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية

رواية السيرة الذاتية للمؤلفة الأمريكية كورية الأصل «أصوات السماء» كتبتها ميجا ري ديفين – 305 صفحة، 16.00 دولار/12000 وون، إرفين: شركة مختارات سيول- الولايات المتحدة (2013)

بدأت الرواية الأولى لهذه الكاتبة على شكل مذكرات حول خبراتها وتجاربها في كوريا قبل وبعد الحرب الكورية. وبناء على اقتراح من وكيلها، على أي حال، أعادت كتابة المذكرات على شكل رواية، ساردة بذلك قصتها من خلال بطلة الرواية مينا، وهي فتاة شابة كان والداها يحبانها حبا جما ولكنهما لم يرزقا بابن. كانت مينا تعاني تحت حملقات ونظرات عدم التقبل من الجيران الذين كانوا يقولون بأنها كان الأولى بها أن تولد صبيا، وأنها كانت المسؤولة بصفة كاملة عندما أرغم والدها على اتخاذ عشيقة من أجل أن تنجب له وريثا ذكرا يتمتع بكل الأهمية. يبدأ أول وأطول جزء من الرواية في 1949، قبل الحرب، وهو يوثق حياة العائلة حيث تتكيف مع وجود العشيقة، المعروفة باسم مينا «الأم الصغيرة». ثم تأتي الحرب، التي لم تمزق البلاد فحسب، بل العائلة أيضا. على الرغم من أن العائلة قد أعيد لم شملها بعد الحرب، فلم يتأتّ لهم أن يجتمعوا جميعا مرّة ثانية، وكرست مينا نفسها للحصول على تعليم يمكنها من خلاله أن تغادر لحياة جديدة في أمريكا وتحضر والديها إلى هناك. يبين فصل الختام في الرواية، الذي وضع بعد 50 سنة من الجزء الثالث من الرواية، كيف تتعلم مينا ومن ثم تصل إلى تفاهم مع سرّ عائلة يهزها عندما فهمت عن هويتها الحقيقية. إضافة إلى الرحلة المتوقعة عبر الزمن، فإن الرواية أيضا تقفز في الفضاء. وعلى حين أن المذكرات قد تكون كتبت من وجهة نظر المؤلفة، فإن الرواية تقفز ذهابا وإيابا، تروي قصة من منظور مينا، ووالدها، ووالدتها، والأم الصغيرة، بحسب الدور والترتيب في الرواية. على الرغم من أن بطلة الرواية هي مينا، فإن الشخصية الأولى التي نتعرف عليها هي في الواقع، سويانغ، المرأة الشابة التي سوف تصبح قريبا الأم الصغيرة. يعطي منظور الانتقال هذا العمل عمقا أكبر ويجعل كل الشخصيات متعاطفين متوادين بطرقهم الخاصة؛ أبطال وبطلات القصة الحقيقيون هي الظروف التي تجد فيها الشخصيات أنفسها والمجتمع الذي ولدت فيه. القصة نفسها مذهلة تماما، تروي قصص كفاح الناس للتعامل مع تفرعات وتشعبات الأحداث التاريخية الواسعة ومجتمعا مقيدا بسلاسل القيم الكونفوشيوسية. وبشكل خاص، تبرز الرواية صراعات الشخصيات الأنثوية: مينا، الفتاة التي كان عليها أن تولد صبيا لا بنتا؛ يوم-تشون، الزوجة المحبة التي يتحتم عليها أن تقبل وترحب بامرأة أخرى لفراش زوجها، بكل بساطة لأنها لم تحمل له صبيا؛ وسويانغ الفتاة الشابة التي هجرها عريسها الشاب، ولا تصلح لأن تكون أكثر من خليلة. مثل هذا النقد للقيم الكونفوشيوسية ليس أمرا غير شائع في الأوقات الحديثة، ولكن نادراً ما كان يتم تحقيق ذلك من خلال الأثر العاطفي. ومع ذلك، ربما كان الشيء المميز الأكثر بروزا حول هذا الكتاب هو اللغة نفسها.

الكاتبة

ينقاد القارئ إلى عبارات تبدو غريبة وأجنبية؛ في الصفحات القليلة الأولى فقط نجد: «يضحكون مثل أبله لا يستطيع أن يفرق بين حبات الفول الحمراء والسوداء»، «أحبة بطة الماندرين» و»أن تكون محظوظا بسقوط قرعة مليئة بالذهب عليك». كما أن النص مبهر أيضا بعبارة المسمى الطارئ الذي يبدو كشيء لم يسمع به المرء في اللغة الإنجليزية أبدا. كما أن المؤلفة أدرجت شخصيات تسقط أحيانا المبتدأ من الجمل التي تنطق بها، كما هو شائع عند التكلم بالكورية. بالضرورة، يبدو أن النص يشبه شبها كبيرا الكورية التي كتبت باللغة الإنجليزية. المقيمون لفترات طويلة في كوريا والناطقون بالكورية قد يجدون أن هذا مشوش شيئا ما في البداية (كما فعل هذا القارئ، الذي كان يقف باستمرار لإيجاد الربط بين الإنجليزية وإيحائها الأصلي بالكورية)، ولكن لا أحد ينكر أن المؤلفة تملك صوتا فريدا. يحتمل أن يقدر القراء الأقل ألفة ومعرفة في كوريا واللغة هذه النظرة النادرة في كوريا التي لم يمض عليها زمن طويل جدا، التي ما زالت تنبئ عن مجتمع اليوم.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات