آسيا إن تنشر نسخة الدستور التونسي الجديد

12:02 مساءً الأربعاء 29 يناير 2014
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بعد ست و عشرين شهرا بزيادة أربعة عشر شهرا عن الموعد الذي كان محددا للإنتهاء من كتابته خرج إلى النور الدستور التونسي الجديد أو دستور الجمهورية الثانية بموافقة 90% من أعضاء المجلس التأسيسي التونسي و الذي يأمل الجميع أن يكون أساس البناء للدولة الجديدة التي سعت إليها ثورة 14 يناير ” جانفي ” و التي مهدت لها مرحلة إنتقالية شهدت أوقاتا حرجة و إغتيالات سياسية قبل الإقتراب من خط نهاية تلك المرحلة مع ميلاد الحكومة الجديدة التي تزامن ميلادها مع ميلاد الدستور الجديد و تنتظر مصادقة المجلس التأسيسي عليها لكي تضطلع بعد ذلك بالإعداد للإنتخابات مع اللجنة العليا و التي ستسفر عن برلمان و رئيس للجمهورية التونسية الثانية التي يتوق شعبها للإسقرار و تأسيس وطن ينعم بالديموقراطية و دولة القانون ..

– وقد تباينت الأراء حول الدستور التونسي الجديد فهناك من تحمس له إلى حد القول بأنه من أفضل دساتير العالم و مثلا يحتذى به لمن يسعى إلى ديموقراطية حقيقية ؛ فيما رفضه البعض من تيارات الإسلام السياسي ” حزب التحرير و القوى السلفية ” الذين وصفوه بدستور الكفر المناهض للإسلام و شريعة الله المملى أمميا على البلاد و أنه لا بديل عن تطبيق الشريعة ؛ أما ” الصادق شورو ” عضو المجلس التأسيسي و القيادي بحزب حركة النهضة فقد صرح ” أنه كبر أربعا على هذا الدستور و أدى عليه صلاة الجنازة و دفنه ” متبرأ منه و قد سارع ” الصحبي عتيق ” رئيس كتلة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي بإستنكار تلك التصريحات قائلا أن حركة النهضة لا علاقة لها بهذا الرأي الذي لا يلزم أو يمثل إلا صاحبه ؛ أما ” الهاشمي الحامدي ” رئيس تيار المحبة فقد وصف الدستور الجديد ” بالدستور اللقيط ” .. و إعتبر أن النص الخاص بترشح رئيس الجمهورية موجها ضده شخصيا .. ؛ أما أصحاب الرأي المعتدل فقد وصفوا الدستور الجديد بأنه دستور توافقي مقبول ليس بالجيد جدا أو السيئ للغاية .. وأن الجمهورية الثانية الديموقراطية هي التي ستتولى تحسين الدستور الجديد و الوصول به إلى حدود الكمال الإنساني .. مضيفين أن الدستور الجديد هو أساس جيد يمكن تحسينه و البناء عليه ..

– لم يخل الأمر من مماحكات سببها إختلاف الأراء في أوساط النخبة حيث يرى البعض أن حزب حركة النهضة و من لف لفه حصلوا على بعض المكاسب خلال وضع مواد الدستور منها على سبيل المثال لا الحصر المادة التي تتعرض ” لهوية الدولة ” ؛ و ” النصاب الذي ينبغي لسحب الثقة من الحكومة ” ؛ و ” القانون المنظم للسلط العمومية ” خاصة الفصل الخاص بإستقلالية المجلس المالية .. و مدة بقاء المجلس بعد إتمام وضع الدستور؛ ومواد أخرى يمكنها تهديد مجلة الأحوال الشخصية التي تعتبر من مكاسب المرأة التونسية الهامة بعد الإستقلال ؛ لكن البعض الآخر يرى أن النص على مدنية الدولة مكسب كبير تم إنتزاعه من بين ظهراني أحزاب الإسلام السياسي ؛ و تبقى الأيام كفيلة بالإنتصار لأي من وجهتي النظر و كذلك المحكمة الدستورية العليا التي يفترض أن تولد في تونس خلال الفترة القادمة حيث لم تعرف تونس من قبل هذا النوع من المحاكم إلا أن طريقة تشكيل هذه المحكمة و حدود صلاحياتها و قبل ذلك كله معركة إستقلال القضاء التي لابد أن تحسم هي التي ستضمن نجاعة أحكام تلك المحكمة في تفسير مواد الدستور و تأويلها .. إذ ينبغي أن تكون هي السلطة الوحيدة التي تتولى هذا الأمر دون معقب عليها ..

الدستور التونسي الجديد

– أما على المستوى الشعبي قوبل ميلاد الدستور بفرح بالغ كونه أعطى الشعب التونسي أمل في الغد بعد أن مر بأوقات عصيبة .. و هو ما سيمثل عبئا على الحكومة الجديدة التي ستتولى إجراء الإنتخابات و إستكمال الفترة الإنتقالية حيث يتصور المواطن البسيط أن الدستور هو العصا السحرية التي ستأتي فورا بالمعجزات فتوقف الإرتفاع الجنوني للأسعار و التدهور الإقتصادي  كما  ستعيد للعملة المحلية قوتها الشرائية و توفر فرص العمل .. و هو ما يضع الحكومة الجديدة في مأزق تسبب فيه هواة التصريحات الرنانة الذين أكدوا أن الدستور الجديد يضع تونس في مصاف الدول المتقدمة و أنه أفضل دستور في المنطقة العربية و الإسلامية إلخ .. و عليه فعلى الحكومة تقديم حلول سريعة جدا لمشاكل المواطن البسيط و إلا فسوف تكون مدانة أمامه ؛ و هكذا فلابد من بعض الإصلاحات السريعة و الناجعة على مستويين هما الإقتصاد و إستقرار الحالة الأمنية لكي تستطيع الحكومة إنجاز مهام بقية المرحلة الإنتقالية دون توتر على مستوى الشارع التونسي الذي ترسخت لديه قناعة بأن حلول مشكلاته ستأتي بعد إقرار الدستور مباشرة و هو ما لا يمكن أن يتأتى إلا في تصريحات لا ترد إلا على ألسنة ” جنرالات المقاهي ” أو محترفى التطبيل لطرف ما من أجل خداع شعب تواق كغيره من الشعوب للحرية و الكرامة الإنسانية ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات