طبق يوكغيجانغ الكوري: حار، وبارد!

05:34 مساءً الأحد 2 فبراير 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

طبق يوكغيجانغ الكوري: المكونات

كوريانا، يوكغيجانغ هي وجبة تطبخ في قدر واحد زات تغذية متوازنة مع كل من اللحم والخضار. يقال إنها تنعش وتعيد الحياة إلى الأعضاء التي تعرضت للضعف بسبب تناول الأطعمة الباردة خلال فصل الصيف. إنها طبق وطني للصيف، والكوريون يُقسِمون بقوة التبريد التي يختزنها هذا الطبق الناري لطرد الحرارة من الجسم. يي جونغ-سوكYe Jong-suk كاتب عمود عن الطعام، وأستاذ في قسم التسويق بجامعة هانيانغ ، يتحدث عن هذه الوجبة:

يحب الكوريون أن يتناولوا الغذاء السائل الحار في أشد الأيام حرارة في الصيف. يتميز فصل الصيف الحار في كوريا بصور من صفوف وطوابير مثل الكتل وحشود من الناس تنتظر الدخول إلى المطاعم المتخصصة في أنواع الشوربة والحساء التقليدية المحببة. حوالي أوقات سامبوك، أيام الشعرى، في كل من يوليو وأغسطس، فإن الذين يتناولون الطعام في المطاعم في جميع أنحاء البلاد، وقد أنغمسوا في طعامهم المفضل في فصل الصيف، يصرخون بشكل متكرر، “آه، إنه بارد”، في الوقت الذي يتناولون بالملعقة الشوربة الساخنة وأجسامهم تتصبب عرقا. يزود هذا الإحساس المتناقض ظاهريا دهشة لا حدود لها لغير الكوريين، وهي تفسر على أنها “عادة إطفاء النار بالنار.” في دراسة مسحية أجريت حديثا على 1000 مقيم أجنبي، فإن نصف المستجيبين ذكروا أن تناول الشوربة الحارة خلال أيام الشعرى هو الجانب الأكثر تعقيدا بالنسبة لهم والذي لا يمكنهم إيجاد تفسير وفهم له في الثقافة الكورية. في الواقع، حيثما يكون الناس في العديد من الدول يتطلعون إلى الولائم خارج المنازل، والنزهات، والسلطات الباردة (حتى الشوربات الباردة) خلال فصل الصيف، فإن الكوريين قد أكدوا أن تناول الشوربة داخل المباني في الأيام الحارة هو أفضل طريقة لإراحة الجسم من الحرارة الشديدة لفصل الصيف. الشوربة الحارة تبقي الجسم متوازنا العادة الكورية «أطفئ النار بالنار» مبنية على النظرية الصينية القديمة للين واليانغ (المبدأين المتقابلين في الطبيعة) والعناصر الخمسة. وإذا ما أخذنا في الاعتبار طريقة طبخها، فإنها تفسر في هذا السياق على أنها التي تؤدي إلى التوازن. في الصيف، يحاول الناس أن يبقوا درجة حرارة أجسامهم منخفضة وذلك بتناول الأطعمة الباردة بسبب الجو الحار. ولكن هذا المبدأ يقول بأن الجسم إذا استمر بشكل متواصل في تناول الأطعمة الباردة، فإن القسم الداخلي من الجسم سوف يصبح باردا، مما يؤدي إلى عسر الهضم وقدرة متدنية على الجَلَد والاحتمال. منطق الطب الشرقي التقليدي بناء على ذلك يشجع إبقاء الجسم متوازنا من خلال تناول السوائل وتدفئة داخل القسم الداخلي من الجسم. الأساس المنطقي «لإطفاء النار بالنار» فيه شيء مشترك مع المعالجة المثلية، التي تمارس على نطاق واسع كطب بديل في كل من أوروبا وأمريكا الجنوبية، والهند. العلاج المثلي مبني على فرضية أن المواد التي تولد نفس الأعراض في الشخص السليم سوف تعالج وبكفاءة آلام المريض، وبناء على ذلك فإن الجسم يطور قدرته الذاتية لإشفاء نفسه. من بين الشوربات الساخنة صيفا تعتبر يوكغيجانغ هي الأفضل. على الرغم من أن سامغيتانغ (حساء دجاج مع الجنسينغ) هو طبق مفضل آخر للكوريين خلال فصل الصيف، إلا أن يوكغيجانغ لها تقبلها الخاص بها، لأنها ليست باردة فحسب، بل مبهرة أيضا، مما يجعل المرء ينسى سخونتها لفترة من الزمن أثناء أكلها.

وجبة القدر الواحد التي تشتمل على أشكال متنوعة هناك العديد من أنواع يوكغيجانغ، ولكن النوع القياسي يطبخ كما يلي: يطبخ لحم البقر(عادة لحم الصدر) في كمية وفيرة من الماء ويضاف إليه البصل الأخضر والثوم. عندما يتم طبخ اللحم ويصبح طريا، يؤخذ من القدر ويتم تفتيته باليد مع الحبوب، ويتم تبريد الحساء وكشط الدهون من الحساء. يدمج اللحم المفتت مع سيقان القلقاس، السرخس، المونج المسلوق، والفاصوليا المبرعمة، ومن ثم يتم تتبيله وتبهيره بالفلفل الأحمر، وزيت الفلفل، والثوم، والفلفل الأسود. كل هذه تعاد إلى الحساء وتطبخ على نار هادئة مع البصل الأخضر. وبتقديمها مع الأرز، فإن هذه الشوربة هي طبق كوري واحد من اللحم لا يحتاج إلى أي أطباق جانبية. تقول وصفة من كتاب سيوي جونسو، وهو كتاب للطبخ من القرن التاسع عشر، بأن يوكغيجانغ يمتلك إلى جانب لحم البقر، مكونات أخرى مثل كائنات بحرية كأذن البحر، وخيار البحر، طبق مختلف تماما عما نعرفه اليوم. في كتاب جوسون يوري (الأطباق الكورية)، الذي نشر سنة 1940 من قبل سون جونغ-كيو، يذكر المؤلف أن يوكغيجانغ ليست مختلفة كثيرا عما هي عليه اليوم، في إشارة إلى أن وصفة هذا الطبق كانت في ذلك الحين معروفة جيدا. كانت يوكغيجانغ تقدم بشكل تقليدي للزوار الذين يزورون عائلة المتوفى حديثا قبل دفنه، ربما للسبب العملي في كونها وجبة غنية بالمواد الغذائية، سهلة التقديم، ولأن السائل الأحمر في الطبق كان في الأصل يعتقد بأنه يطرد الشر والأرواح الشريرة، بحسب العقيدة الشامانية. يقدم هذا الطبق حتى اليوم في بيوت الجنائز خلال فترة حراسة الميت قبل دفنه. يوجد لـ»يوكغيجانغ» بعض الأقارب مثل ديغو-تانغ (حساء سمك القد) و»تارو كوغباب» (حرفيا «الأرز والشوربة كل على انفراد). يتقارب هذان الطبقان تقاربا شديدا مع ديغو، ثالث أكبر مدينة في كوريا في الجزء الجنوبي الشرقي منها. ذكر تشوي نام-سون (1890-1957) وهو كاتب ومؤرخ ذكر حساء يسمى ديغو-تانغ على أنه طبق محلي شهير في مدينة ديغو وذلك في كتابه «أسئلة وإجابات حول المعرفة العامة في كوريا» والذي نشر سنة 1946. مدينة ديغو مدينة حوضية، وموجة الحرارة فيها صيفا معروفة. من أجل احتمال الجو الحار، فإن نوعا خاصا من الحساء كان يصنع، هكذا يقول تشوي في كتابه. يفسر ذلك الأستاذ «لي سونغ-وو»، وهو مؤرخ أغذية من مدينة ديغو بقوله «فيما يتعلق بحساء سمك القد، فإن اللحم لا يقطع مع الحبوب (حبوب القمح) ولكن يتم طبخ قطعة كبيرة من اللحم إلى أن تقع القطعة جانبا، وهو طبق بكميات كبيرة من اللحم.» ذكر الروائي الراحل كيم دونغ-ري «من ذاكرتي الغامضة، كانت شوربة لحم بقري تطبخ مع الفلفل الحار الأخضر وكميات كبيرة من الثوم المعمر والبصل الأخضر.» هناك على أي حال، العديد من الجدل حول أصل اسم ديغو-تانغ. وعلى حين أن من المعروف جيدا خلال الحكم الاستعماري الياباني، فإن يوكغيجانغ في ديغو كانت تسمى ديغو-تانغ، ولكن البعض يصر على أن الناس في المدينة لم يعرفوا هذا الطبق أبدا. أما الصحفي الراحل جو بونغ-يون (1914-1991) فقد قال في كتابه «قاموس توافه سيول»، الذي نشر سنة 1989، «في الثلاثينات، كان دييونغوان، وهو مطعم في جوندونغ في مدينة سيول، كان يقدم حساء سمك القد لأول مرة. كان يشبه يوكغيجانغ، ولكن فيه الكثير من البصل الأخضر. بالنسبة للاسم افترض الناس أنه كان طبقا من ديغو، ولكن سكان ديغو لم يعرفوا شيئا عنه. لذا فإن الاسم قد ابتدع من أجل طبق جديد.» وزيادة على هذا الخلط والحيرة، فقد وجد النص التالي في إصدار 1929 من مجلة شهرية اسمها «بيولكونكون»: «ديغو-تانغبان» واسمه الأصلي «يوكغيجانغ» وقد «نشأت من مدينة ديغو ولكنها الآن انتشرت ودخلت سيول.» ولو أردنا أن نصدر من كل هذه المعلومات حكما، فيبدو أن ديغو-تانغ كانت نوعا من يوكغيجانغ، ولكنها عند وصولها إلى سيول، كانت تسمى باسم مدينة ديغو وذلك تمييزا لها عن يوكغيجانغ المعروفة في سيول. المفارقة المضحكة هو أنه مع كل ذلك ربما، مما يمكن أن يتوقع المرء أن لا يوجد أي من المطاعم الشهيرة كوكباب في مدينة ديغو يستخدم الاسم ديغو-تانغ. أما فيما يتعلق بـ»تارو كوكباب»، فقد كانت في الأصل يوكغيجانغ، ولكن الأرز والشوربة كانت تقدم بشكل منفصل حسب طلب بعض الزبائن، مما أدى إلى نشوء الاسم، ما ذكرنا سابقا في الترجمة الحرفية (الأرز والشوربة بشكل منفصل). في الغالب تتم تسمية الأطباق الكورية طبقا لخلطة المكونات وطريقة طبخها، ولكن اسم هذا الطبق بالذات تمت صياغته بشكل منفرد بعد طريقة تقديمه للناس. على أي حال، فإن الشيء الهام هو أن المرء يمكنه أن يستنتج فرضيا أنه قادر على طرد حرارة الصيف بتناول صحن من الشوربة الساخنة المبهرة. المطعمان «يوكجون هويغوان» في منطقة مابو، و»بيونغنيووك» في منطقة «جودونغ» في العاصمة سيول مطعمان مشهوران بتقديم طبق يوكغيجانغ، وما زال جوسونووك في «أولجيرو سامغا» يقدم ديغو-تانغ، وهو طبق لا نجد مثله حتى في مكان نشوئه الأصلي. في ديغو، تعتبر مطاعم البيوت القديمة مشهورة بتقديم طبق يوكغيجانغ، ويفخر مطعم «كوغيل تارو كوكباب» بأنه أصل «تارو-كوكباب» الذي قدمه للزبائن على مدى 60 عاما. في سيول يمكن للمرء أن يستمتع بمذاق تارو-كوكباب المطبوخ بشكل مناسب في مطعم «كانغنام تارو كوكباب» في منطقة «جاموون-دونغ».

 

يطبخ لحم البقر (عادة لحم الصدر) في كمية وفيرة من الماء مع البصل الأخضر والثوم. عندما يتم طبخ اللحم ويصبح طريا، يؤخذ من القدر ويتم تفتيته باليد مع الحبوب، أما مرق اللحم فيتم تبريده ثم تكشط الدهون وترمى. بعد ذلك تتم عملية تتبيل للحم المفتت ويعاد إلى الحساء ثم يغلى ويطبخ على نار هادئة مضافا إليه البصل الأخضر وعدة أنواع أخرى من الخضار.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات