شباب كوريا الموسيقي

06:01 مساءً الأحد 2 فبراير 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

 

جيل جديد له موسيقاه الخاصة

“أصبحت فرقتنا معروفة وقد دعينا للعمل والعزف في مناسبات الاحتفال بنهاية السنة لمجموعات أطباء الأسنان. حتى في خضم عملنا الذي يشغلنا، فإن الأداء على المسرح هو متعة ويجعل الحياة أكثر حيوية. أشعر بفرح كبير لأن أعضاء فرقتنا الآن يؤدون بتناغم أكبر وأيضا يستجيبون للجماهير بشكل أفضل بكثير مما كان عليه الأمر في الأيام السابقة”، هكذا قال عازف فرقة “زيليتول”، وهي فرقة مكونة من أطباء الأسنان. في منتصف كانون الأول من السنة الماضية، استضاف نادٍ للموسيقى الحية في منطقة جامعة “هونغ إيك”، مركز ثقافة النوادي وفرق “إندي”، استضاف مجموعة من العروض التي أدتها فرق موسيقية من الهواة. امتلأت مقاعد النادي الخمسون أو ما يقارب هذا العدد. بلغت الإثارة والبهجة والحماس للمشاركين، المنغمسين في مزاج طريقة انتهاء سنة من الحياة، ذروتها لدرجة أنها استطاعت طرد برد الشتاء. عروض مشتركة لنهاية السنة كانت العروض جزءا من حدث منتظم لنهاية السنة ومنظم من قبل أعضاء فرق هواة نادي الإنترنت 7080، المكون من 11 فرقة. قال السيد “جو يونغ مين”، رجل أعمال عمره 47 عاما، رئيس المقهى الذي مضى عليه سبع سنوات وعضو في فرقة “جونغدون”: “نحن ننظم هذه العروض بمناسبة انتهاء السنة ليس لأعضائنا فقط، بل لأعضاء نوادي الإنترنت الأخرى لتكون فرصة لالتقائهم ومشاركتهم في حبهم للموسيقى.” في خضم النمط التنافسي لنهاية العام، أدت ست فرق من بينها: العملاق، وسيول الأحد، اولثلاثي “أ”، والحلم. فاز فريق الثلاثي وهو الفريق الذي يضم أصغر الأعضاء سنا نسبيا وهم في أوائل الثلاثينات، بالجائزة الأولى مع أداء مفعم بالسحر والفتنة.

فريق قوس قزح

. أما سيول الأحد، فهي مجموعة تعزف على البلوز والجاز (blues and jazz)، وهي أنواع صعبة لفرق الهواة، فقد نالت الجائزة الثانية لأدائها في العزف الرصين والصادق. أما فرقة الحلم، فهي ذات أعضاء أكبر سنا تزيد أعمارهم عن 55 سنة، عرضت أداء مؤثرا عاطفيا يوازي عروض فرق الشباب، وهذا مما ساعدهم على نيل الجائزة الثالثة. “ضربت على الطبول مع فرقة مدرستي الثانوية. كنت أعتقد أن الطبول كأدوات رائعة، سهلة النقر عليها. ولكن الأمر لم يكن كذلك.” هكذا قال “يون جونغ وون”، وهو موظف مكتب عمره 37 عاما ويعمل طبالا وقائدا لفرقة سيول الأحد، التي تشكلت سنة 2009. “انضممت إلى فرقة سيول الأحد للتخلص من توتر العمل والهروب من الحياة اليومية القاتلة.” نظرا لأن الفرقة تتألف من أشخاص ذوي خلفيات مهنية متنوعة- أستاذ جامعي/بروفيسور، وطالب دكتوراه، وموظف خدمة اجتماعية، وموظف في شركة كبرى، ورجل أعمال- فإن الأعضاء واجهتهم في البداية بعض الصعوبات في التكيف مع بعضهم البعض. ولكن للتغلب على التوتر وإيجاد أرضية مشتركة أوجدت رابطة خاصة بينهم. يقول يون “على عكس زملاء العمل، نحن نرتبط من خلال اهتمامنا المشترك بالموسيقى. وهذا يشكل رابطة فريدة بيننا، ولذا فإن صداقتنا متينة جدا.” تشوي هيو كيل، 47 عاما، ومنتج برمجيات موسيقية، يعزف على الجيتار المزدوج بفرقة جونغدون. وقد عزف في فرقة محترفة معروفة جدا من قبل ولكنه تركها عندما انتقل إلى عمله الجديد. بدأ العزف ثانية بنصيحة من زوجته. “لا بد أن زوجتي شعرت بالحزن تجاهي بسبب التوتر الذي أعانيه من العمل. فنصحتني باستعادة بعض القوة والحيوية من خلال الموسيقى.” هكذا قال تشوي. “لم أشعر بالارتياح عندما انضممت أول مرة لفرقة الهواة”، هذا ما تذكره تشوي، وأضاف في نفس الوقت قائلا “ولكنني أصبحت أحب العزف مع الآخرين. وهذا مختلف عن العزف بطريقة احترافية فردية، لأنك تعزف الجزء المخصص لك بشكل جيد، وتمارس كثيرا وباجتهاد كبير لتصبح أكثر مسؤولية.” كما يعمل تشوي أيضا مستشارا لفرق هواة أخرى ويقول إنه يجد المتعة في مساعدتهم على تحسين أدائهم. جيل “مسابقة غناء الكليات” الشعبية الهائلة لفرق الهواة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين متأصلة في ثقافة أواخر السبعينات. في ذلك الوقت، تم تأسيس مسابقة غناء كانغبيون (شاطئ النهر) ومسابقة غناء الكليات لطلاب الجامعة وأصبحت شائعة جدا. وقد تم تشكيل العديد من فرق الطلاب في أواخر السبعينات بغرض التنافس في هذه المناسبات. كل من درس في الجامعات في السبعينات والثمانينات لديهم ذكريات محببة عن تلك الأيام، وغالبا ما تكون ممزوجة بالحنين لأحلام لم يتم تحقيقها. وبدفنهم حبهم للموسيقى في قلوبهم، بدأوا حياتهم الحقيقية، مثل إيجاد الوظائف والزواج، والعمل الجاد لعائلاتهم.

مضى الوقت، وما لبثوا أن وجدوا أنفسهم في منتصف أعمارهم. بعض منهم الآن يعيد أحلام تلك الحياة التي كانت في الصبا وذلك بالانضمام إلى فرق الهواة. الأغاني المحببة في كاراوكي التي غناها الرجال متوسطو الأعمار هي “ماذا عليّ أن أعمل”، لـ”الرمال والحصى”، “الاستلقاء على البحر لـ”جي المفتاح” G. Clef، و”حوارات في حِلم لـ”كيم بوم يونغ” و”هان ميونغ هون”، الذين فازوا كلهم بمسابقة غناء الكليات. في الواقع غالبية أعضاء فرق الهواة في جميع أنحاء البلاد هم بشكل عام في أواخر الأربعينات، مما يضعهم في الجيل الذي عُرف من خلال ثقافة مسابقات ومنافسات غناء الكليات وفرق الهواة. بعضهم كان يعزف في فرق الطلاب في الماضي، ولكن معظمهم عزفوا كهواة عندما كانوا شبابا أو تعلموا ذلك أثناء أوقات فراغهم وهم في سن أكبر. الفرق الرائدة: “زيليتول” و”كابغونسي” تتراوح أعمار أعضاء فرقة زيليتول والتي مضى على تأسيسها 10 سنوات، بين أواخر الثلاثينات والأربعينات. إضافة إلى ذلك، كلهم أطباء أسنان، فيما عدا “كيم يونغ جون”، وهو رئيس مدراء تنفيذيين. العازف على لوحة المفاتيح، “لي سونغ تيك”، 47 عاما، وعازف الجيتار “بارك كيو تي”، 41 عاما، عزفا في فرقة الكلية المعروفة باسم “موليس”(أي “ضرس”)، عندما كانا طالبين في جامعة “كيونغهي”. أما عازف الباص “كي سيهو”، 47 عاما، فقد عزف في فرقة “سارانغني” (أي “سن العقل”) عندما كان طالبا في كلية طب الأسنان في جامعة دانغوك. أما مغني الفرقة فهو “شين يونغ جون”، عمره 46 سنة. في تشرين الثاني من السنة الماضية، أقامت فرقة زيليتول عرضا مشتركا في سيول مع أربع فرق أطباء أسنان أخرى. “الناس تعرفنا الآن. دعتنا نقابة أطباء الأسنان والمنظمات الأخرى للعزف في مناسبات نهاية السنة. كلنا مشغولون بأعمالنا ولكن الأداء على المسرح متعة ويجعل الحياة أكثر حيوية. إنه لأمر رائع لأننا الآن نعزف بتناغم أكبر وأيضا نستجيب للجماهير بطريقة أفضل مما كنا عليه.” هكذا قال الدكتور “لي”، عازف لوحة المفاتيح. كانت فرقة زيليتول تعزف وتجمع التبرعات بشكل منتظم لصالح الذين ليس لهم وطن أو مأوى على مدى السنوات التسع الماضية. وهذا شيء يرى أعضاء الفرقة أنه يستحق العمل. الدكتور “كي”، الذي كان يعالج الذين ليس لهم مأوى مجانا لفترة طويلة، جاء بالفكرة. “أردنا أن نشكل فرقة غناء لصالح من ليس لهم مأوى. في المرة الأخيرة، عزفنا أمام 250 شخصا ممن ليس لهم مأوى. إن الأمر مجزٍ جدا، ونحن سعداء جدا لعمل ذلك.” هكذا قال الدكتور كي بكثير من الرضا. تشوي هون، وهو عازف جيتار في فرقة “ويكيكي براثورز”، عمل كمستشار لفرقة زيليتول. وكموسيقي ذي خبرة دامت 35 عاما، أصبح تشوي صديقا للدكتور كي منذ عشر سنوات وكان يقدم استشارات للمجموعة حول أدائها الموسيقي حتى فترة قريبة. في أوقات فراغه، كان يزور الفرقة في الاستوديو للتأكد من تناغمها الكلي وتقديم استشارة حول أجزاء فردية وكيفية عزف مقطوعات مختلفة. لم يعد شوي يعمل كمستشار لهذه الفرقة، ولكنه ما زال يعد مقطوعات صعبة من الموسيقى لفرق الهواة بحيث يمكنهم عزفها بسهولة أكثر. في مناسبات معينة، يشارك هو شخصيا في الأداء. يقول تشوي: “فرقة الهواة لا تتمتع بمستوى عال خلافا للمحترفين، ولكنني أعتقد أن لهم حماسة قوية للموسيقى، والتي تثيرني. إضافة إلى ذلك، وعلى عكس عالم الموسيقيين المحترفين، فإن فرق الهواة تتألف من أشخاص ذوي خلفيات موسيقية متنوعة. عندما أعزف معهم، أشعر وكأنني أعيش في عالم حقيقي. من المجزي بالنسبة لي كعازف جيتار محترف أن أكون قادرا على مساعدة الناس الذين يحبون الموسيقى ويرغبون أن يعزفوا في فرقة ما في أواخر سنوات حياتهم.” واحدة من أوائل فرق الهواة كانت فرقة “كابغونسي” التي تشكلت سنة 1998. اسم الفرقة هو ربط منعش بين كلمة فرقة والمعنى الحرفي “فئة أ من ضريبة الدخل”، مما لفت انتباه كثيرا من العاملين في الوظائف المكتبية. ولما أصبحت الفرقة معروفة على نطاق واسع من خلال وسائل الإعلام، بدأ أشخاص آخرون مهتمون بالموسيقى بتشكيل فرق أيضا. وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، نمت ظاهرة تشكيل الفرق في أماكن العمل على طول البلاد وعرضها لتصبح ضربا من جنون السرعة. افتتحت الفرق مواقعها الخاصة بها على شبكة الإنترنت مع قنوات تربط بعضها بالبعض، وفي نفس الوقت ازداد بسرعة عدد نوادي الهواة ونوادي الإنترنت التي تم تكريسها للفرق. بعض نوادي الإنترنت المعروفة لديها أعضاء في أي مكان يتراوحون بين عدة آلاف إلى ما يزيد على عشرة آلاف. مزيد من أداء الهواة يقدر عدد فرق الهواة في أنحاء البلاد ما بين 2000 و3000.

الدراما أعطت بعدا آخر للموسيقى الشابة

مع تزايد ازدهار هذه الفرق، فقد افتتحت المؤسسات المتخصصة في المسابقات والمهرجانات لهذه الفرق الواحدة تلو الأخرى. وفي فترة وجيزة، ازداد عدد الاستوديوهات التي تم استئجارها من قبل فرق الهواة بشكل كبير. وهذه الاستوديوهات، التي تتقاضى أجورا قدرها 20000 وون عن كل ساعة، محجوزة بالكامل بعد انتهاء ساعات العمل، أي بين الساعة 7 و11 مساء. في البداية، تم تشكيل فرق الهواة من قبل الزملاء، والأصدقاء، أو المعارف المقربين. ولكن مع زيادة عدد نوادي الإنترنت، فإن مزيدا من الأفراد انضموا إلى فرق الهواة استجابة لإعلانات الإنترنت للأعضاء الجدد. إضافة إلى ذلك، وبما أن فرق الهواة متواجدة الآن في جميع أنحاء البلاد، فهي مستعدة على الفور للعزف والأداء في مناسبات وأحداث محلية. تقام المهرجانات التي تنظم من قبل الحكومات المحلية طيلة أيام السنة، والمزيد من الشركات تدعو فرق الهواة للأداء في أحداث ومناسبات شعبية. وعلى حين أن فرق الهواة يسهل الوصول إليها لأنها موجودة في أنحاء البلاد، فهي أيضا مطلوبة لأنها بشكل عام تعزف وتؤدي ما يحب الجمهور أن يسمعه. جماهير المناسبات العامة تضم أنواعا من السكان، الشباب والكبار، الرجال والنساء، العُزاب والأسر، على حين أن فرق الهواة يمكن أن تعزف سلسلة مختلفة من ألوان الموسيقى التي يمكن لكل شخص أن يتمتع بها. وهناك حوالي عشر مسابقات لفرق الهواة تقام في أنحاء البلاد كل سنة. كما يشمل أيضا مهرجان فرق الشركات، الذي أقيم السنة الماضية لأول مرة. فريق الكورس والعزف المسمى “الرجال المؤهلون” من برنامج تلفزيوني شعبي لإذاعة كوريا الوطنية يحمل نفس الاسم- فاز بالجائزة الثالثة. طبقا لما جاء به “كيم نونغ سو”، فإن مدير “أيس أيجونسي”، الذي خطط للمسابقة، كانت هذه المسابقة الأولى التي يجب على المرشحين للفوز بالجوائز أن يعزفوا مقطوعات من تأليفهم. قال كيم مشددا: “وضعنا الشروط التي بموجبها تؤدي المجموعات مؤلفاتها الخاصة بها على أمل أن تقوم المزيد من فرق الهواة بتطوير لونهم الموسيقي الخاص بهم ومهاراتهم بدلا من عزف مقطوعات موسيقية من تأليف الآخرين. لدينا 50 فرقة في المنافسات التمهيدية، والتي لا يمكن مقارنتها مع أي عدد من المسابقات التي لا يكون فيها أي حدود أو شروط موسيقية. ومع ذلك، فإن الحقيقة الجلية في تمكننا من تنظيم المسابقة، تظهر بجلاء أن ثقافة فرق الهواة قد ارتقت مستوياتها.” كيم مشغول الآن بتنظيم مهرجان فرق الشركات الآسيوية، الذي سوف يفتتح لأي فرقة هواة في آسيا. تكمن قابلية الحياة للمهرجان في حقيقة أن فرق الهواة هي أيضا فاعلة جدا وشعبية جدا في بلدان آسيوية أخرى مثل اليابان والصين. طبقا لما جاء به كيم، ففي اليابان ما يقارب 4000 فرقة هواة الآن، حيث تقام المنافسات والحفلات الموسيقية بشكل متكرر. أما في الصين، فإن فرق الهواة بدأت بالتشكل منذ فترة قريبة فقط. “نحن الآن في مفاوضات مع هيئات في اليابان والصين”، هذا ما قاله كيم. وأضاف: “في أيار من هذه السنة، ربما، نكون قادرين على إقامة أول مهرجان لفرق الشركات الآسيوية”. كما يمكن اعتبار الشعبية المتزايدة لفرق الهواة علامة على نضج عالم الثقافة في المجتمع الكوري. وبفضل هذه الفرق، فإن الرجال الذين فقدوا الإحساس بالذات في خضم كدهم وكدحهم لكسب رزق عائلتهم، استعادوا الثقة بأنفسهم وأعادوا البهجة والاستمتاع إلى حياتهم. (المصدر: كوريانا)

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات