هل تستطيع روسيا أن تعبر الأوليمبياد الشتوية إلى بر الأمان؟

03:45 مساءً الأربعاء 5 فبراير 2014
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الألعاب الأوليمبية الشتوية هي حدث رياضي عالمي يقام كل 4 سنوات منذ عام 1924 وتتميز عن نظيرتها الصيفية بأن جميع الألعاب التي يتم التنافس بها هي رياضات شتوية تُمارس إما على الثلج أو على الجليد وستقام الألعاب الأوليمبية الشتوية هذه المرة في مدينة ” سوتشي ” بروسيا في الفترة من 7 إلى 23 من هذا الشهر .

طابع بريد تذكاري

وتطل مدينة سوتشي على البحر الأسْود قريباً من القوقاز وتُعتبر هذه الدورة هي المرة الثانية التي تعقد فيها الألعاب الأوليمبية في روسيا بعد الألعاب الأوليمبية الصيفية عام 1980 في موسكو .

ففي يوم الجمعة القادم السابع من فبراير/ شباط ستنطلق الألعاب الأوليمبية الشتوية بمنتجع سوتشي الروسي حيث سيكون على موسكو مواجهة العديد من التحديات التنظيمية لإنجاح هذه الإحتفالية الكبرى وعلى رأسها التحدي الأمني الذي لاشك أنه يلقي بظلاله الثقيلة على المسئولين الروس إذ لا نَجاح للألعاب في ظِل حوادث أمنية وإرهابية تنغص على الوفود المشاركة حضورها وتحرم الجمهور من متعة المشاهدة الآمنة .

ومع أن الألعاب الأوليمبية الشتوية لا ترقى من حيث المتابعة والإهتمام الإعلامي إلى نظيرتها الأوليمبية الصيفية التي تحظى بمشاهدة أوْسع ومتابعة أكبر من قبل الجماهير إلا أنها مع ذلك تظل ألعاباً أوليمبية لها جمهورها الخاص وتنال حقها من التغطية الإعلامية ، ورغم أن عدد الدول المشاركة في الألعاب الشتوية لا يتعدى ثمانين بلداً مقارنةً مع أعداد أكبر في الألعاب الأوليمبية الصيفية إلا أنها تظل إحتفالية رياضية كبرى ومناسبة مهمة لإلتقاء الشعوب المختلفة حول المنافسة وإحراز التفوق وهي لذلك تسترعي إنتباهاً إعلامياً واسعاً وتكتسي أبعاداً سياسية مهمة لاسيما وأن دورتها هذه السنة تُنظم بروسيا .

ولعل أول ما يؤرق بال المنظمين في روسيا ويقض مضاجعهم التهديد الإرهابي الذي قد يستهدف الألعاب خاصة في ظِل استهداف مدينة فولجوجراد في 29 و 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعمليتين إرهابيتين ، وهي المدينة التي تبعد حوالي 700 كيلومتر عن سوتشي ، ما يثير مخاوف حقيقية من احتمال تكرار عمليات مماثلة قد تطال هذه المرة الوفود المشاركة أو المرافق الرياضية .

ومع تصاعد المخاوف الأمنية التي وصلت إلى درجة تفقد فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً الأماكن التي ستستضيف فعاليات البطولة وفُرضت تدابير أمنية غير مسبوقة في التاريخ الأوليمبي في روسيا لمواجهة الخطر الإرهابي خصوصاً بعد دعوة زعيم التمرد الإسلامي في القوقاز (دوكو عمروف) في يوليو/ تموز الماضي بمنع إجراء الألعاب الأوليمبية في سوتشي بشتى الوسائل .

كما هدّد إسلاميون في القوقاز الروسي بشن هجمات في سوتشي أثناء دورة الألعاب وذلك في شريط فيديو بُث على موقعهم على الإنترنت ، ولكن الإرهابيين لا يخططون بالضرورة لشن هجمات إرهابية في سوتشي نفسها فأنظار العالم بأسره ستتجه إلى روسيا خلال الألعاب الأوليمبية ولذلك يكفي أي هجوم على الأراضي الروسية لتوجيه صفعة قوية لسمعة روسيا وبالتالي تعطيل سير الألعاب الأوليمبية .

ذهب الأولمبياد

ففي الوقت الذي يسعى فيه بوتين إلى استعراض مكانة روسيا من خلال التنظيم الجيد المُحكم للألعاب الأوليمبية وتوظيف هذه الإحتفالية الرياضية لتأكيد مكانة روسيا العالمية والإنتقام ربما من ألعاب موسكو 1980 عندما تعرضت لمقاطعة دولية واسعة فقد تشكّل الألعاب الأوليمبية أيضاً فرصة لأعداء روسيا وخصوم بوتين لنسف أحلامه وإفشال الألعاب الأوليمبية ما سيمثل ضربة قوية له ولأهدافه الكبرى لاسيما أن الألعاب تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة تستقطب وسائل الإعلام العالمية مما يشكّل فرصة مناسبة للإرهابيين لتوجيه ضربتهم والترويج لتحركاتهم بل وشد إنتباه العالم لمطالبهم .

وقد تعودت السلطات الأمنية الروسية على التعامل مع التهديدات الإرهابية بالإضافة إلى أن الموقع الجعرافي لسوتشي نفسها في القوقاز باعتبارها منطقة مضطربة شهدت حروباً وحملات عسكرية متعددة وتنشط بها جماعات متمردة تسعى للإستقلال عن روسيا وهناك بالذات يأتي هدف بوتين الذي يريد أن يُثْبت للعالم أن الأمور هادئة في عموم القوقاز وأن المنطقة بأسرها تحت السيطرة ولا أدل على ذلك من إنجاح الإحتفالية الرياضية ومرورها بسلام دون حوادث أمنية .

وقد إتخذت روسيا تدابير أمنية غير مسبوقة لدورة الألعاب الأوليمبية في سوتشي لمواجهة خطر الإرهابيين ونشرت عشرات الآلاف من الشرطيين وقالت إرينا بوروجان الخبيرة الأمنية أنه ” إلى جانب الأساليب التقليدية ستُستخدم تقنيات حديثة كثيرة ومجربة عالمياً من شأنها أن تضمن سيطرة كاملة على كل التحركات في المدينة ” .

وبالطبع يُصاحب الإجراءات الأمنية المكثفة إنفاقاً مالياً ضخماً على التأمين والحماية ورغم أن النسخة الشتوية للألعاب الأوليمبية تكون عادة أقل في إجراءاتها الأمنية من نظيرتها الصيفية التي تشْهد إقبالاً أكبر إلا أنها ستكلف روسيا 1.4 مليار يورو وسيتم فيها نشر أكثر من 40 ألف رجل أمن .

وبالنظر إلى هذه الإجراءات الأمنية المُتشددة واستمرار خطر الإرهاب فإنه على دول العالم أن تتعود على التهديدات الأمنية لدى تنظيم الألعاب الأوليمبية أو أياً من الإحتفالات الرياضية الأخرى ، وتعد نفسها لكلفة مالية باهظة وانتشار أمني واسع علّها تنجح في كبح خطر الإرهاب والتغلب عليه وتضمن لعشاق الرياضة فُرجة ممتعة ومشاهدة آمنة .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات