فردة حذاء (قصة قصيرة)

05:41 مساءً السبت 15 مارس 2014
شمس علي

شمس علي

كاتبة من السعودية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

فردات حذاء متناثرة، في مساحة ضيقة لا تتجاوز الأمتار، من أرض ملطخة بالدماء، في شارع عربي بائس لا يفرق عن شارعنا كثيرا، رغم أنها مجرد لقطة من نشرة أخبار البارحة، التي بثتها إحدى القنوات الفضائية، غير أنها لا تريد أن تفارق مخيلتي.
فكرتُ وأنا اتعارك ليلا مع اللحاف القطني الصغير، بعد أن عجز عن تدفئة قدمي، لماذا تبقتْ تلك الفردات دون أصحابها؟

من أعمال ڤنسنت ڤان جوخ

هل تعمدوا أن يتركوها إغواءً لآخرين، أم أنهم أناس طيبون فقط، استعجلوا الذهاب، وفي غمرة فرحتهم نسوا أن يرتدوها؟، وربما لا علاقة لهم بالأمر، وإنما المسعفون المهملون لم يبالوا بالتقاطها، وهم يجرون بأصحابها لزجهم في ثلاجات الموتى، وغرف العناية المركزة.
همستُ لنفسي وضوء اللمبة أعلى رأسي ينوس: “ربما لم يدركوا أهميتها، وماذا تمثل بالنسبة إليهم، وفكروا أنها مجرد أحذية بالية ومقززة وتستحق الرمي”.
رميتُ بنظري نحو الجدار المبقع، العارية بعض أجزائه من الطلاء، وتمنيتُ لو تحملني قدماي على النهوض لأتأكد أن فردتي حذائي باقيتان، حيث تركتهما على عتبة الشقة حينما عدتُ من جولة عملي مساء.
في برد الصباح وأنا أطلُ من النافذة، أبصرتُ الرجل الأربعيني الأسمر، كان يجر عربة خضار، منتعلا فردة حذاء واحدة. بحلقتُ أكثر، بدا لي وهو يبحث عن زبائنه، وينادي على بضاعته، إنه غير مكترث بزرقة أظافر قدمه العارية!
جارنا في الحي، الذي يقطن عمارة أكثر صمودا من عمارتنا، معلم الرياضة الشاب، فاجأني هو الآخر بالظهور من نهاية منعطف الشارع، وهو يحث الخطى نحو مدرسته بفردة حذاء رياضية واحدة.
حككتُ رأسي متسائلا: كيف سيمكنه أن يدرب الأولاد؟ هل سيخلعها مضحيا بدفء قدم من أجل قدم أخرى عارية؟، أم أنه سيكون أكثر جنونا مما أتوقع ويبقيها في قدمه متعاليا على احتياجات مجرد قدم ثانية؟

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات