قبل شهر من وعد بلفور: يهود اختاروا “الإحساء” لإقامة دولتهم!

04:56 مساءً الإثنين 7 أبريل 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

تلقى سفير بريطانيا في فرنسا، اللورد فرانسيس بيرتي، في 12 أيلول 1917 رسالة تحتوي على طلب خاص: الدكتور م. ل روتشتاين، وهو طبيب يهودي – روسي يقيم في باريس، يطلب من بريطانيا مساعدته على إقامة دولة يهودية. وقد طلب عمليًا في هذه الرسالة من السلطات البريطانية إرسال قوات عسكرية للاستيلاء على “الأحساء” – وهي واحة صحراوية مركزية وخصبة، تقع اليوم في شرق المملكة العربية السعودية. الهدف: “إقامة دولة يهودية في الخليج العربي”.

تم الكشف عن هذه الرسالة، التي كتبت باللغة الفرنسية، الأسبوع الماضي في مدونة المكتبة البريطانية. وكتب فيها روتشتاين: “أتعهد بأن أجمع في الربيع القادم قوة يهودية مقاتلة مكونة من 120 ألف رجل قوي”. وكان من المفترض أن تنضم هذه القوة إلى القوات البريطانية والاستيلاء على الأراضي الجديدة التي من ستقام عليها الدولة اليهودية.

بموجب المخطط، وبعد تجمع الـ 30 ألف مقاتل الأوائل في البحرين، سيُشن هجوم سريع ينتهي به المطاف إلى الاستيلاء على الأحساء من الأتراك وتحويلها إلى “دولة يهودية”. وقد قدر روتشتاين أن تركيا ستعلن الحرب في أعقاب الغزو، لكنه تعهد بأن “القوات اليهودية ستدخل سريعًا في المعركة حتى تحقيق النصر النهائي”.

لم يتم على الإطلاق الشروع في تطبيق مخطط روتثستاين ولم يُطرح للنقاش في البلاط الملكي أو في مكاتب وزارة الخارجية البريطانية بتاتًا، حيث أن صفحات التاريخ تظهر أنه قبل بضع سنوات من ذلك تم نقل الأحساء من يدي الأتراك إلى سيطرة ابن سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية وأول ملك عليها. كما وأن البريطانيين وقعوا معه على اتفاقية تعترف به كحاكم للمنطقة.

 الرسالة التي كتبها روتشتاين الى السفير البريطاني في فرنسا (المكتبة البريطانية)


الرسالة التي كتبها روتشتاين الى السفير البريطاني في فرنسا (المكتبة البريطانية)

نُقل مقترح روتشتاين إلى وزير الخارجية البريطاني، آرثر جيمس بلفور، الذي قرر بدوره رفضه جملة وتفصيلاً. وقام سكرتير بلفور في 3 تشرين الأول عام 1917 بإرسال رسالة في هذا الشأن إلى السفير البريطاني في فرنسا، وطلب منه أن ينقل إلى روتشتاين أن “حكومة صاحب الجلالة تأسف لأنها لا تستطيع الاستجابة لهذا العرض.”

لم تكن خطة روتشتاين الداعية إلى إقامة وطن يهودي خارج أراضي فلسطين هي الوحيدة التي تم رفضها. فقد تم، كما هو معروف، اقتراح أوغندا والأرجنتين وروسيا وقبرص كأهداف لإقامة الدولة اليهودية.

بعد شهر من رفض بريطانيا لمقترح روتشتاين الغريب، أصدر بلفور وعده الشهير ( 2 تشرين الثاني1917) بشأن إقامة وطن قومي للشعب اليهودي على أرض إسرائيل. كان منح وعد بلفور بمثابة انجاز سياسي غير مسبوق للحركة الصهيونية: وافقت عمليًا قوة عظمى عالمية، مثل المملكة المتحدة، على رعاية الحركة الصهيونية ومساعدتها على تحقيق هدفها الرئيسي.

بعد إصدار وعد بلفور مباشرة، بدأ زعماء اليهود النشاط السياسي بين القادة العرب بهدف تحقيق الوعد والتخلص من معارضة الجانب العربي.عارض عرب فلسطين وعد بلفور واعتبروه انتهاكًا لحقوقهم. وقد بدؤوا بعد إصدار الوعد في تنظيم لجان وجمعيات مختلفة للاحتجاج. وفي 2 تشرين الأول عام 1918، يوم الذكرى السنوية الأولى لوعد بلفور، أضربت المحال التجارية العربية وخرجت مظاهرة في القدس تم الإعلان فيها عن تأسيس جمعية إسلامية – مسيحية عملت على إقناع البريطانيين بإلغاء وعد بلفور وإقامة نظام حكم في أرض إسرائيل يعبر عن حق العرب على البلاد.

نقلا عن نشرة “المصدر” اليومية

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات