موسم الهجرة إلى السودان (4) مملكة مروي.. السد والذهب

10:57 صباحًا الثلاثاء 27 مايو 2014
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بعض بقاع العالم الجغرافية تلدُ الخيرَ والتاريخ مع كل نهار. ونهر النيل أحد أهم هذه الأماكن، تتجدَّدُ على ضفتيه الحضارات، حضارة وراء أخرى كما في سباق التتابع. نشق طريقنا شمال العاصمة السودانية، الخرطوم، وعلى مسافة 210 كيلومترات، حيث تبدأ حدود مملكة عريقة هي مملكة مروي التي قامت هنا واستمرت ثلاثة عشر قرنا (900 ق م ـ 350 م). اليوم تقوم حضارة أخرى بأيدي الإنسان الجديد في السودان، حيث ينهضُ مشروع القرن: سدُّ مِروي، وما بين حضارتين كانت الرحلة.

          حين عرف الأصدقاءُ في الخرطوم أننا سنولي وجوهنا صوب سدِّ مِروي، بدأ البعض يستدعي قول العامة من الناس، حين يتذكرون قصة شعبية شهيرة كلما جاءت سيرة السد، عن المرأة المنصورية التي قالت: دائما نسمع بيوم القيامة، وسد مروي، والاثنان لم نرهما!

          والواقع أن السد والقيامة الجديدة للمشاريع العملاقة جاءا معًا، ليس فقط لأنه جاء بعد نحو خمسين سنة من إنشاء آخر سد في السودان، ولا لأنه أكبر سد في البلاد، وإنما لأن الأمل المعقود عليه كبير في حدوث طفرة اقتصادية هنا.

في البدء كانت الفكرة

          الطريق إلى سد مروي يستدعي أغنية مصرية وطنية شهيرة: «قلنا ح نبني وآدي احنا بنينا السد العالي». أقرأ وثائق المشروع الضخمة، فأجد أنه منذ ستين عامًا بالتمام والكمال، وفي 1946 ولدتْ فكرة السد، حيث اعتبرت الدراسات المصرية ـ إبان الحكم المصري البريطاني للسودان ـ أن منطقة مروي هي أفضل موقع لإنشاء خزان لحماية الأراضي المصرية من الفيضانات المدمرة وتخزين كميات المياه الزائدة عن الحاجة، للاستفادة منها في فصول الجفاف. آنذاك أثبتت عمليات مسح مائي وحفريات جيولوجية أن بناء خزان في موقع جزيرة مروي يمكن أن يحجز مياهًا حتى مستوى 298 مترًا، لكن بناء السد العالي لاحقًا صرف نظر السلطات المصرية عن تنفيذ المشروع.

          في 1979 أجرت هيئتان استشاريتان بريطانيتان دراسة لتطوير موارد مياه النيل ، واقترحت إنشاء سدين متتالين صغيرين في جزيرتي مروي وشيري، أو إنشاء سد أكبر في جزيرة مروي، لتوليد 750 ميجاواط. وبعدها بأربع سنوات وقعت وزارة الزراعة والهيئة القومية للكهرباء اتفاقية مع استشاري سويدي لتنفيذ دراسة ما قبل الجدوى لمشروع سد مروي، وكان الغرض الأساسي للدراسة استخدام النيل بين أبي حمد ومروي لتوليد الطاقة الكهربائية وتحسين ري الأراضي الزراعية والملاحة النهرية واستغلال الثروة السمكية.

          كانت المنطقة برمتها صعبة للزراعة باعتبارها منطقة جبلية باستثناء مساحات محدودة، مما يجعل إنتاج الكهرباء هو الغرض الأساسي للمشروع. خلال ست سنوات ـ انتهت في 2001 ـ أجرى معهد روسي دراسات ميدانية استكشافية في موقع المشروع ، تضمنت الجغرافيا والجيولوجيا وطبيعة الأرض والنيل أكدت أن موقع السد الأفضل هو على جزيرة مروي، بحيث تكون محطة الكهرباء على الضفة اليمنى، وتضمن التقرير النهائي تصميم جسم السد، ومحطة الكهرباء.

أمجاد يا عرب

          استمعتُ بفرح إلى عمر باسان رئيس تحرير الدورية العلمية المتخصصة التي تصدر باسم «سد مروي». كان مصدرُ الفرح هو الحس العربي الذي كان وراء قصة تمويل المشروع العملاق وتحويله من مجرد فكرة، أو حلم، إلى مشروع قومي. فبعد تكوين لجنة في 1999 من الخبراء الوطنيين تتبع وحدة  تنفيذ  مشروع سد مروي ( وحدة تنفيذ السدود حاليًا) لرسم خطة عامة لموارد التمويل المحتملة لتمويل المشروع. وفي العام التالي بدأ الرئيس السوداني يسعى للحصول على التمويل في زيارات متتابعة للدول العربية.

          خلال العامين 2001 و2002 قامت وفود من الصناديق العربية بزيارات تقييم لمشروع سد مروي، ليبدأ بعد ذلك توقيع اتفاقيات التمويل المختلفة، وإعلان نفاذها خلال العام 2002. الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ساهم بقيمة 250 مليون دولار، الصندوق السعودي للتنمية قدم 200 مليون دولار، الصندوق الكويتي للتنمية منح 150 مليون دولار، ومثلها من صندوق أبو ظبي للتنمية، وأعطت حكومة سلطنة عمان للمشروع ما قيمته 106 ملايين دولار، وساهمت حكومة دولة قطر بمبلغ 15 مليون دولار، أما جمهورية الصين الشعبية فدفعت 520 مليون دولار، وكان نصيب الحكومة السودانية 575 مليون دولار، لتبلغ جملة تمويل المشروع 1966 مليون دولار.

          المحطات على الطريق قد تُختزل في مظلة من الطوب وحسب، تعترض السياراتِ نقاطٌ مرورية كثيرة للتفتيش. الشمس تشرق وسرعان ما تسكن قلب السماء وقبل أن تميل نحو الطرف الآخر، نكون قد وصلنا. كان الجسد الهائل للسد يستقبل الصب الخرساني، وهو أهم مراحل بناء ذلك المشروع العملاق، وكانت شهور كافية لكي نرى الملامح مرأى العين.

          الصب في جسم السد يتم في طبقات مختلفة، كل منها بارتفاع المترين، ويبلغ عرض السد الخرساني 80 مترًا، وارتفاع يناهز السبعين مترًا. تنقل إلى السد الصخور التي يتم تفجيرها من عدة محاجر (أهمها محجر أبو دويمة)، وتستخدم أكبر كسارة للأحجار على مدار 24 ساعة، للحصول على الصخور والرمال على حد سواء. وتستخدم الحجارة الطبيعية، لأنها أفضل من الخرسانة، وبعد ثلاث مراحل من التبريد تصل بالصخور إلى عشر درجات تحت الصفر، لتوضع في الخلاطات التي تنتج في الساعة 660 مترًا مكعبًا. وتضاف داخل الجسم الخرساني عدة أنابيب تبريد، للتغلب على الحرارة الداخلية التي قد تصل إلى 70 درجة مئوية، وذلك منعا لتشقق السد. حين ألمح الإعلاميين ـ ومنهم فريق تليفزيوني ياباني يصور مراحل بناء السد ـ أتذكر «نجمة أغسطس» لصنع الله إبراهيم التي كتبها حول تجربة السد العالي في مصر. كما أذكر الروايات التي ظهرت عن مأساة التهجير والقرى التي غمرها النسيان.

          تحويل مجرى نهر النيل تم بسهولة، حيث إن السد يقع في جزيرة صغيرة، وقد تم إغلاق المجرى الأيمن ليتحول مسار النيل الرئيسي إلى المجرى الأيسر (بديلا عن شق قناة ضخمة خارج مجرى النهر مثلما جرى الأمر مع السد العالي في أسوان). وسيكون السد أعلى 300 متر من منسوب البحر بالإسكندرية، والجزء الأكبر منه ـ من الصخور ـ يحتاج إلى أكثر من 20 مليون متر مكعب من مواد البناء. وفي نوفمبر القادم، يتم غلق الفرع الأيسر بصورة نهائية ليمر نهر النيل كله من الفرع الأيمن، وساعتها تكون المياه أمام السد في مستوى جبل كلقيلي، وهو الأمر الذي سيغمر مناطق عديدة بالمياه. قال لي مرافقي: هناك ندوات كثيرة يجتمع فيها شيوخ وخطباء للتوعية، وشرح جداول التعويضات، وبيان محاسن المناطق الجديدة التي سيعاد توطين الأهالي فيها.

متحف لذاكرة مروي

          أتذكر أيضا هنا كيف أن قرى النوبة المصرية لم تغرق كلها ـ عكس ما هو متداول ومتدارج عليه ـ وقد استطاعت مصورة فلسطينية مصرية هي راندا شعث أن تستعيد ذاكرة بعض هذه القرى. قلت: أنتم تحتاجون هنا إلى فريق يؤمن بأهمية توثيق الذاكرة البصرية والمعرفية أنثروبولوجيا وتليفزيونيا، حفاظا على ذاكرة المنطقة للأجيال القادمة.

          صديق قديم عرفته سنوات عبر الرسائل كانت لي فرصة لقائه للمرة الأولى في بلده، هو الأكاديمي والفنان حسين جمعان، رئيس قسم الجرافيك في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان، وقد عاد مع كثيرين إلى أرض الوطن ليشهدوا الحلم الجديد. قال لي: تختلف هذه التجربة لنقل المواطنين من تجربة حلفا وتهجير أهلها لشرق السودان، الذين اقتلعوا من أرضهم عنوة. ومع اختلاف التجربتين فإحساس الحزن والانفعال واحد لدى البشر، وإن اختلفت مشاربهم. المشرفون على مشروع سد مروي التاريخي تميزوا بحس دقيق وفكر ثاقب، ولذلك خططوا إلى توثيق التهجير بالطرق العلمية عن طريق الفيديو والكاميرا، كما استعانوا بالفنانين وطلاب كلية الفنون الجميلة والتطبيقية لرصد هذا الحدث رسما للحياة اليومية للأهالي: مبانيهم، بساتينهم، وملامحهم. وتحول التاريخ في مناطق ستغمرها المياه إلى قطع حية على الورق. وهذا الجهد آمل أن يكون نواة لمتحف يقام في الأرض الجديدة، على ضفاف بحيرة عملاقة ستظهر للوجود على امتداد 176 كيلو مترًا، وأن يصدر ذلك الإنتاج الفني في كتب ملونة، تحكي قصة أمة عبر الريشة والكتابة، لتنهض من جديد تلك العلاقة الأزلية بين الإنسان والأرض.

          ثم يحكي البروفيسور يوسف فضل حسن رئيس اللجنة العلمية لتوثيق تاريخ المناطق المتأثرة، عن عمل توثيقي غير مسبوق، هو معجم الأسماء والشخصيات، الذي يضم شخصيات من المنطقة أو من خارجها ممن أثروا في المنطقة، وساهموا في التكوين الوجداني والمادي لها، وأثروا في الحركة السياسية والاقتصادية والأدبية والفنية كأولاد المنصوري الموسيقيين. وكانت معايير المعجم في اختيار شخصياته براعة الحرفي أو شهرة المغني أو قدرة الولي. وقسم المعجم شخوصه في ستة أنماط: أسطورية وبطولية، تاريخية، الأولياء والصالحين، مبدعين، وحرفيين ومهنيين.

قصة حضارتين

          المتحف الذي يتحدث عنه الدكتور حسين جمعان تمنيت أن يصبح راويا لقصة حضارتين، حضارة مملكة الذهب، التي قامت في مروي، وحضارة السد الذي يقوم مكانها، وناسه الذين يواصلون الإبداع على ضفتي النيل وفوق جزره أيضا.

          لم تنس خطط التهجير والحماية عمليات إنقاذ الآثار، وقد تم إنقاذ آثار منطقة الملتقى وأمري الجديدة وآثار موقع السد، ويجري الآن إنقاذ آثار المكايراب تحت إشراف الهيئة القومية للآثار والمتاحف. وتم اكتشاف 38 موقعا أثريا تمتد زمنيا من فترة ما قبل التاريخ حتى العصر الإسلامي، اشتملت على مقتنيات أثرية بين مقابر أثرية متفاوتة الحجم، وآثار لسكن حضري، ورسوم صخرية، وحصون عسكرية. تحضرني الصور مرة أخرى حين نعود إلى البجراوية، وأهرامها، التي تقف دليلا على الراقات الحضارية التي عبرت السودان زمانيا ومكانيا.

          وإذا كان الإغريق الذين وثقوا لحضارة أهل مروي يشيرون إليهم بالإثيوبيين، فاليوم يجب الحديث عنهم باعتبارهم مرويين، عاشت مملكتهم ـ التي كانت تسمى مملكة كوش ـ حتى نهاية القرن الرابع الميلادي. واختيرت مروي التي كانت تقع على مرمى حجر من شمال الشلال الرابع لنهر النيل مركزًا دينيًا. في أواخر النصف الثاني للقرن الخامس قبل الميلاد ـ كما أثبتت السجلات الأثرية ـ أصبحت مروي مقر الملوك الدائم، لكن دفن هؤلاء بأرضها لم يتم إلا في عام 300 قبل الميلاد.

          في عام 1772 زار جيمس بروس، مكتشف منابع النيل الأزرق، بعد إقامته المؤقتة في الحبشة، موقع مدينة مروي، ثم وصفها في كتابه «رحلة لاكتشــاف مــنابع النيل 1768 ـ 1773»: «نرى هنا أهرامًا من قواعد لتماثيل وأعمدة، وكذلك مسلات ذات كتابات هيروغليفية مصورة تكاد تكون مطموسة تمامًا، وذكر لنا الأعراب سعة انتشار مثل هذه الآثار، وأن كثيرًا منها يمثل قطع تماثيل لرجال وحيوانات، قد نبشت من الموقع». أما أول وصف تفصيلي لآثار مروي فكان للرحالة الفرنسي فريدريك كايو، الذي انضم إلى جيش محمد على والي مصر لدى فتح السودان في 1820 و1821.

          يقول كايو واصفا أهرام مروي ـ التي سماها الأدلة له آنذاك، بالاسم الذي يعرفه العامة اليوم (الطرابيل)! ـ أخبرني دليلي بأننا بعد قليل سنرى الطرابيل، ويمكن تصور الفرح الذي شعرت به عندما وقع نظري على حشد من الأهرام، تتلألأ أطرافها بجلال تحت أشعة الشمس، التي ارتفعت فوق الأفق! باتجاه الغرب لمحتُ مجموعة أهرام ثانية وفضاء واسعا أكبر على مقربة من النيل تغطيه أطلال أكوام من حجارة المباني. كانت ملاحظات كايو وكلمات بروس ورسومات سواهما، دليلا للكشوفات الأثرية، التي لم تبدأ إلا بعد أكثر من قرن، حين قام جورج أندرو رايزنر بحفر ودراسة منطقة الأهرام بين عامي 1920 و1923. وفي الفترة من 1965 إلى 1981 كانت هناك حفريات جديدة في المنطقة لبيتر لورنس شيني وأحمد محمد علي الحاكم.

          في كتاب «ذهب مروي» يترجم صلاح عمر الصادق دراسة كارل هانز بريشته عن جزء من ذهب مملكة مروي يخص الملكة المروية أماني شخيتو (النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد)، صاحبة الهرم رقم 6، حيث وجد الذهب بالأهرام الشمالية الملكية. والكتاب يضم صور مجموعة من الحلي الذهبية والأحجار الكريمة الخاصة بالملكة، والتي كانت مدفونة معها واكتشفها الطبيب الإيطالي جوزيف فرليني أحد لصوص الآثار، وهو الذي باعها بعد ذلك إلى عدة متاحف أوربية، حتى تجمعت في متحفي برلين وميونخ، إلى أن جُمعت بعد الوحدة الألمانية في متحف ميونخ. ويمكن أن نتخيل كم الذهب في مروي إذا علمنا أن أهرام السودان التي تتوزع على أربع مناطق منها مروي، بلغ عددها 261 هرمًا.

الذهب الجديد

          لكن سد مروي سيقدم للمنطقة، وللسودان كلِّه، ذهبًا جديدًا هو الطاقة. طاقة المياه والكهرباء، وإذا شئنا لأطلقنا على الطاقة الذهب الأزرق. وقد تم تحديد الطاقة الإنتاجية للمشروع بنحو 1250 ميجاواط، مع إنشاء خطوط النقل والمحطات الفرعية، والتي ستنقل الكهرباء إلى الخرطوم وبور تسودان عبر عطبرة ودنقلا، بجهد 500 و 220 كيلوفولت. في أواخر سبتمبر عام 2003 اختيرت شركة الستوم الفرنسية-السويسرية لتصنيع وتركيب 10 وحدات توربينية سعة كل منها 125 ميجاواط، لتوليد 1250 ميجاواط. وسيدخل أول توربينين توليد الكهرباء في يوليو 2007، وينتهي العمل في أغسطس 2008.

أضرار وتعويضات

          قبل بدء عمليات صرف التعويضات تقوم إدارة السد بابتعاث فرق من وزارة الداخلية لاستخراج الأوراق الثبوتية للمتأثرين لمساعدتهم في صرف تعويضاتهم ويتم ذلك عبر لجان المتأثرين بالمواقع المختلفة. وبعد الإحصاء النهائي يكوِّن المتأثرون أنفسهم لجان الاستئنافات والمعالجات تقوم بمتابعة  كشوف التعويضات النهائية للمتأثرين. وبعد نقل هؤلاء إلى مواقع التوطين يتم استقبالهم عند مدخل المدينة وفي سرادقات كبيرة (تقسم بين الرجال والنساء)، وعادة ما يكون في الاستقبال عند مرحلة الوصول الأولى وفود تضم قيادات وأعيان المنطقة المجاورة، وذلك إمعانًا لإدخال المتأثر في منظومة المجتمع القادم.

          وإذا كان البشر يمكن أن تجد لهم مأوى آخر فإن المشروع سيؤثر على بعض الكائنات في المنطقة كالتماسيح التي ستفقد أماكن مبيضها على الشواطئ كما ستفقد الطيور المائية أعشاشها بزوال الأشجار بفعل البحيرة، ولن تجد بعض الطيور الخائضة وتلك التي تعيش في المياه الضحلة مراتع اصطياد. ولكن في المقابل فإن البحيرة ستوفر مواطن إضافية للحياة المائية.

          يقول خبراء الصحة القائمون على المشروع إنه سيكون ذا نواح إيجابية، حيث يقوم الخزان والبحيرات الملحقة به بتدمير مواطن الحشرات السوداء في شمال السودان، ويمحو وباء الإسهالات السنوي على طول النيل، والذي كان يحدث في شهري يوليو وأغسطس من كل عام، نسبة لانخفاض منسوب النيل أو الفيضانات. وأما المحاصيل الغذائية والنقدية التي ستنتج في مشاريع إعادة التوطين فسوف تحسن كثيراً من نوع الغذاء وتوفره.

          سيتعرض مجرى النيل أسفل النهر – من موقع الخزان- لأنواع التآكل في قاعه والانحرافات المحدودة على جانبيه، ولكن سد مروي له العديد من الآثار الإيجابية، ويشمل ذلك مناخًا أفضل، وتحسن الغطاء النباتي حول منطقة البحيرة، وتوافر المياه، وتوافر مراع للحياة البرية ومواشي المجموعات البدوية، وفي مقابل نقص عدد أسماك الأنهار سيستعاض عنها بأسماك البحيرة.

          ألقاب كثيرة نالها «سد مروي» حتى قبل أن يكتمل نموه، فهو مشروع نهاية الفقر، كما يصفه الرئيس السوداني، وأكبر مشروع تنموي ينفذ في تاريخ السودان، والوعد الكبير له، كما أنه الحد الفاصل بين الحياة التقليدية والحياة المتحركة، وهو مشروع القرن.. وهو مع ذلك كله همزة وصل بين ذهب المملكة القديمة، وذهب الحياة الجديدة

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات