لقاء باترسون ـ الغنوشي: إعادة توطين الإخوان بدخان مناورة الأباتشي

11:55 صباحًا الأحد 27 أبريل 2014
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

التقت ” آن باترسون ” وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية و مساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الأدني بزعيم حركة النهضة التونسية “راشد الغنوشي” في مقر الحركة بضاحية ” مونبليزير” بالعاصمة التونسية.

وبغض النظر عن مدى صدقية ما نقل عن مصادر تونسية من أنهما ناقشا مستقبل حركة ” الإخوان ” في مصر .. فقد ذكرت مصادر حركة النهضة أن ” باترسون ” أعربت عن إعجابها بحكمة قيادات حركة النهضة و نجاحها في الوصول إلى توافقات وطنية جنبت تونس الوقوع في منزلقات عرفتها بعض دول الربيع في إشارة ضمنية إلى مصر ؛ كما ثمنت مجهودات حركة النهضة لجمع الفرقاء الليبيين في حوار وطني يمكن من خلاله إعتماد النموذج التونسي في التوافق ؛ و وجهت للغنوشي دعوة لإلقاء بعض المحاضرات في الولايات المتحدة ..

– ” آن باترسون ” السفيرة الأمريكية السابقة في مصر و التي خرجت مطرودة شعبيا إبان ثورة 30 يونيو 2013 في مصر حيث لقبها الشعب المصري بسفيرة جهنم و مندوبة الصهيونية العالمية و أحرقوا صورها وصور أوباما أو علقوها بعد أن كتبوا عليها أقذع النعوت و قاموا بتحويرها لتظهر “باترسون ” في هيئة شيطان تارة و في هيئة ” دراكيولا ” تارة أخرى مما إضطر الإدارة الأمريكية لتبديلها و قد قاربت مدة عملها في مصر على الإنتهاء ؛ و حتى اليوم لم يعين سفير أمريكي جديد بعد إعتراض القاهرة على الأسماء التي إقترحتها الولايات المتحدة حيث أنها تدرك أن عين الإرادة الشعبية مفتوحة عن أخرها فيما يخص ذلك المنصب الذي أصبح المصريون ينظرون إليه بعين الإرتياب مؤخرا و كانت ” آن باترسون ” التي أعتبروها عدوة المصرييين سببا أساسيا في ذلك.

ولا يمكن عزل توقيت تلك الزيارة عن السياق الذي تمر به المنطقة و ” حركة الإخوان ” في مصر و ” التنظيم الدولي للإخوان ” بعد إعلانهما حركات إرهابية من قبل عدة دول محورية و هو ما شكل ضغطا قويا على دولة ” قطر ” ذات الوزن السياسي و العسكري و الديموغرافي المحدود فأصبحت مضطرة للبحث عن مأوى جديد لعدد كبير من قيادات تنظيم ” الإخوان ” التي تأويها فكان لابد من أن تطلب من الولايات المتحدة مساعدتها مستخدمة نفوذها في الضغط كقوة عظمى حيث يبدو أن زيارة “تميم” حاكم “قطر” إلى شمال إفريقيا لم تأت بالنتائج المرجوة .. إضافة إلى أن ما تردد عن توفير مأوى ” ليوسف القرضاوي” في “تونس” قد لاقى غضبا شعبيا واسعا مما أدى إلى صرف النظر عن مسألة إقامة ” القرضاوي ” على وجه التحديد رغم ما تجدد من شائعات عن إقامته سرا هو وبعض القيادات في “تونس” و هو ما قد يتسبب في حرج كبير ” للغنوشي ” الذي ينكر أية علاقة له” بالتنظيم الدولي للإخوان ” على غير ما هو معروف للعالم أجمع.

كما لا يمكن عزل توقيت الزيارة عن خطط حلف ” الناتو” المزمع تنفيذها في ليبيا ؛ و لا يمكن تفسير زيارة ” آن باترسون ” أو حتى بدء زيارتها لتونس بلقاء ” الغنوشي ” إلا في إطار أن إدارة ” أوباما ” غير الحصيفة تعتبره أهم وأقوى رجل في ” تونس ” .. و أن إدارة ” أوباما ” رغم كل الصفعات التي تلقتها مازلت تراهن على ” تنظيم الإخوان الإرهابي ” و حركات الإسلام السياسي في المنطقة ؛ كما لا يمكن تفسير ذلك اللقاء بعيدا عما تردد من سعي “الولايات المتحدة الأمريكية ” لوقف الإستحقاق الرئاسي في ” مصر ” بكل الطرق حيث أنها تعلم أن إعتلاء ” عبد الفتاح السيسي ” سدة الحكم سيقضي تماما على مخططاتها و على وجود ” الإخوان ” في المنطقة بالكامل و لهذا فإن الإدارة الأمريكية ستسعى لإستخدام الجماعات المسلحة من جهة ” ليبيا ” في الغرب و ” غزة ” في الشرق و”السودان ” في الجنوب لإثارة القلاقل و الفوضى لإيقاف المضي قدما في هذا الإستحقاق على الرغم من المناورة الساذجة للإدارة الأمريكية التي إستئنفت فيها جزئيا صفقات السلاح مع ” مصر” بإرسال 10طائرات من طراز ” أباتشي ” لمكافحة الإرهاب ” الذي تصنعه باترسون ” ..

 على صعيد آخر تزامن مع زيارة ” باترسون ” لتونس .. زيارة وفد عسكري روسي رفيع المستوى إلى مصر حيث سيلتقي بمسؤولين عسكريين وإستخباراتيين سبقه الإعلان عن صفقة أسلحة روسية جديدة مع “مصر” تتكون من 20 مقاتلة متطورة من طراز ” ميج 35 ” ؛ التصعيد في منطقة شمال إفريقيا أصبح على قدم و ساق .. خاصة بعد تمرير الإستحقاق الرئاسي الأول في “الجزائر” دون مشاكل تذكر على غير رغبة الإدارة الأمريكية وجماعات الإسلام السياسي ؛ و سيكون مضيه قدما في ” مصر ” هو رصاصة الرحمة للمشروع الأمريكي المترنح و الذي يحاول الوقوف من جديد في الأمتار الأخيرة متكأ على جماعات الإسلام السياسي ؛ و لابد من أن التاريخ المظلم المليء بالمؤامرات ” لآن باترسون ” و توقيت زيارتها الغريب ” لتونس ” لن يمر مرور الكرام بالنسبة لعدة أطراف لها ثقلها .. على رأسها ” روسيا ” و ” الصين ” اللتان طعنهما ” الناتو” في ” ليبيا ” و هو ما لن يمر دون تسديد الفاتورة ؛ و ” مصر ” و ” الجزائر ” اللتين يتآمر ” الناتو” و جماعات الإسلام السياسي المتحالفة معه عليهما و بالتالي فهما لن تقفا مكتوفتي الأيدي إزاء ما يحاك لهما من مؤامرات و قد أصبح الصراع بين الدولتين الوطنيتين في ” مصر ” و ” الجزائر” من جهة و جماعات الإسلام السياسي من جهة أخرى صراع وجود ..

 من خلال تلك القراءة للقاء ” آن باترسون ” و ” راشد الغنوشي ” في ” تونس ” يمكننا توقع ردود أفعال دولية و إقليمية على تلك الزيارة .. كما يمكن توقع ردود أفعال من الأحزاب التونسية المناوئه لتوجه ” حزب حركة النهضة ” إذا كانت تلك الأحزاب تجيد قراءة السياسة الدولية حيث يزج “بتونس ” في آتون صراعات هي في غنى عنها ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات