انتظرتُ مع عشاق فريق ريال مدريد 93 دقيقة لنرى الأمل في نهاية نفق جار لدود هو أتليتكو مدريد، وهو الأمل الذي أضاءه هدف صاحب المهمات الصعبة سيرجيو راموس، ليدق به باب اللقب الحلم؛ البطولة العاشرة لدوري أبطال أوربا. لكنها الفرق الكبيرة وحدها التي لا تيأس.
هدف التعادل الذي أحرزه سيرجيو راموس لم يعلن سوى أن تلك هي النهاية لمغامرة طائشة قادت فريق القمصان ذات الشرائط البيضاء والحمران، إلى نهاية توقعها الكثيرون، لكن نادرا ما كان يتوقع أحدٌ أن يكون هدف الأتليتكو هو الأول والأخير.
حين أحرز دييجو جودين (د36) الهدف ، لم أتفاءل بالمذيع فخفضت صوته للأبد، تماما كما كان الفريق الملكي يتفاءل ويتشاءم، فيطلب أن تسير له الخطوط الجوية الطاقم نفسه الذي رافق لاعبيه في نصف النهائي لتجاوز بايرن ميونخ في معقله على ملعب بناه هتلر في العاصمة الألمانية. وحين استمر اليأس، قلبت المحطة التلفزيونية بأكملها، ليأتي صوت البولنديين على كانال بلس في الدقيقة 93 (راموسا .. راموسا) ، وهي صرخة اللغة التي يضيفون غالبا حرف (a) إلى خواتيم مفرداتها.
لقد أحرز سيرجيو هدف التعادل.
توقعت أن يمر الشوط الإضافي الأول بدون أهداف، لأنني تفاءلت أن تأتي الأهداف كلها في مرمى واحد، وقد حدث، حين انهمرت صواعق ثلاثة برأسية جاريث بيل (د 110 ) بعد تحول الكرة من عرضية دي ماريا ومارسيلو (د 118) الذي رأى ثقبا في جدار الدفاع الأتليتكي فصوب من خلاله ورونالدو ( د120 ) من ركلة جزاء احتسبها الحكم الذي قاوم عنف عصابة سيميوني الشرس بأقل قدر من الحساب والعقاب.
منذ البداية أصابتني الحيرة، حيث رأيت فريق ريال مدريد يبدأ ناقصا لاعبين؛ بنزيمة الذي لم يلعب شيئا يذكر في سابق مبارياته، يؤهله لأن يكون بالنهائي، وأعتقد أنه لعب بسبب ضغط زيدان على المدرب، حتى ظننته يهدده بأمر ما ليشرك بنزيمة، الذي أضاع كل شيء، ولم يعوض ما أضاعه كما فعل بيل، الذي أهدر فرصتين محققتين، قبل أن يحرز هدف التقدم.
أما اللاعب الثاني فهو سامي خضيرة، الذي لعب ـ كما يقال ـ غير جاهز، ولأول مرة أرى مدربا بحجم كارلو أنشيلوتي يخطيء هذا الخطأ المهين، الذي كرره منافسه سيميوني ، حين اشرك دييجو كوستا مصابا، واضطر لتغييره بعد 10 دقائق، وربما ظن أن سيناريو ما فعله الفريق وهو يحصد الدوري الإسباني أمام برشلونة، قد يتكرر أمام الريال!
علينا أن نتأمل الفارق بين ريال مدريد مع هذين اللاعبين، والريال بعد خروجهما، حين اكتملت صفوفه. فريق من الكبار، حتى أصحاب الأخطاء الساذجة في المباراة مثل العملاق كاسياس كان عليه أن يحتفل بالسعادة نفسها لصاحب الأرقام القياسية في البطولة كريستيانو رونالدو، الذي لعب في وطنه، وأحرز هدفه السابع عشر بالبطولة، وهو رقم سيظل طويلا بعيدا عن المنافسة، مثلما سيظل اللقب العاشر لريال مدريد بمواجهة أقرب منافسيه.
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.