أبو الهول الصيني بين التنديد والترحيب

10:32 صباحًا الثلاثاء 3 يونيو 2014
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أعلنت وزارة الإعلام الصينية عن هدم تمثال أبو الهول بنسخته المحلية التي كانت قد شيّدتها في إحدى مقاطعاتها الشمالية بهدف جذب كم أكبر من السياحة إليها ، وذلك بعدما خسرت دعوى قضائية رفعتها مصر تُندد بهذا الإستنساخ اللا حضاري وقدّمت الدولة الصينية ممثلة في وزارة الآثار اعتذاراً إلى الدولة المصرية .

وكانت الصين قد شيّدت تمثالاً طبق الأصل لأبو الهول المصري وأثار هذا التمثال جدلاً حضارياً مع مصر ، ورأت الصين في بيان أصدرته عقب حكم المحكمة أن كل ما حدث كان مجرد سوء تفاهم والجدير بالذكر أن الصين شيّدت تمثال أبو الهول لتحقيق أكثر من هدف كاستقطاب المزيد من السُياح إلى البلاد وتحويله إلى موقع جذاب لتصوير المسلسلات والأفلام السينمائية .

ويبلغ طول أبو الهول المزيّف 80 متراً بارتفاع 30 متراً  أي بقياسات النسخة الأصلية نفسها ولكنه يختلف عنها بأنه مصنوع من قضبان معدنية وخرسانة واستغرقت عملية تصنيعه شهرين فقط .

أبو الهول المزيّف يستقبل زواره قبل أن تهدمه الحكومة الصينية

ورغم أن الفراعنة كسبوا قضية حقوق المبدعين وأجبروا الصينيين على هدم ذلك التمثال المزيف الذي أثيرت حوله المشكلة إلا أن هذا التمثال ليس النسخة الوحيدة الموجودة في الصين حيث توجد نسخة أخرى في مدينة ملاهي مدينة (شنجين) التي تحمل أسم نافذة على العالم والتي تقلّد العديد من رموز ثقافات الشعوب الأخرى بما في ذلك تمثال آخر لأبو الهول ونموذج مصغر لمدينة نيويورك ، ومدرج روما ، وبرج إيفيل .

وفي مصر انقسمت الأراء حول تمثال أبو الهول المزيف حيث رأى وزير الآثار محمد ابراهيم أن الصين شوّهت أبو الهول لأن التقليد دائماً ما يكون سيئاً بينما استنكر الدكتور عبد الفتاح البنا أستاذ ترميم الآثار بجامعة القاهرة الضجة التي حدثت بعد إعلان الصين استنساخ تمثال أبو الهول على أراضيها مشيراً إلى أنه يمثل صورة لمصر عندهم ليطالعه تعداد بشري كبير امعاناً في تعظيم الحضارة المصرية وليس العكس وأضاف البنا أنه يحترم الملكية الفكرية لكن ما حدث لا علاقة له بها وإلا فنحن أيضاً متهمون بعدم احترام الملكية الفكرية ، حيث أنشأنا الحديقة اليابانية في حلوان وتضم 40 تمثالاً أثرياً لبوذا .

وأضاف : ان الحديقة اليابانية تم إنشاؤها في الستينيات من القرن الماضي بتمويل من الحكومة اليابانية نفسها لنشر ثقافتها في مصر .

وأكّد أستاذ الترميم أن التمثال الصيني لا يمت لأبي الهول بصلة غير الشكل العام ، فقد صنع من خرسانة ، لكن التمثال الأصلي يستعصى على التقليد ومن ثم التكرار فتمثال أبو الهول الأصلي عبارة عن صخرة ممتدة وهو تركيب جيولوجي من الحجر الجيري لا يمكن تقليده .

وبالنظر إلى أن سكان الصين يبلغ حوالي مليار وربع نسمة فإن استنساخ أبو الهول جعلهم يضعون وجه مصر عندهم ليطالعه أعداد كبيرة من الصينيين .

وقد نفى سفير مصر في الصين ما تردد بأن بناء مجسّم بالحجم الطبيعي لأبو الهول في الصين يُعتبر اعتداء صارخ على الآثار المصرية مؤكداً على أن الهدف من بنائه تنشيط السياحة هناك كما أنه ينشط السياحة في مصر حيث يمكن أن يفكر المواطن الصيني في أن يزور الأصل في مصر ليتعرف عليه بشكل واقعي .

ومحاولة تقليد التحف الفنية المعمارية تهدف أساساً إلى الحفاظ على التراث الحضاري القديم كما أنه يتيح الفرصة لعشاق التاريخ للتعرف على حقائقه .

على نمط تاج محل الهندي نجد في الكويت مسجد فاطمة الزهراء

فمن إحدى عجائب الدنيا السبع ” تاج محل ” الذي يقع في مدينة (أكرا) الهندية وقام ببنائه الإمبراطور المغولي شاه جيهان لتخليد ذكرى زوجته ممتاز محل ، وعلى نمط تاج محل الهندي نجد في الكويت مسجد فاطمة الزهراء الذي يُعد إلى جانب أهميته الدينية تحفة معمارية استغرق تشييدها أربع سنوات حيث قام القائمون على بناء المسجد بالإجتماع مع السفارة الهندية وأوضحوا لهم الفكرة ، وبدورها رحبت السفارة بالفكرة وأيدتها وتبلغ مساحة المسجد الإجمالية 3200 متر مربع .

قد تكون الصين صنعت نسخة مماثلة لتمثال أبو الهول والتي تكلفت الكثير من الأموال بغرض الدعاية السياحية أو لتصوير أفلام سينمائية ، ولكنها قامت بشكل غير مباشر بعمل دعاية سياحية لمصر لأن التعداد الكبير لسكان الصين والذي شاهد النسخة المقلدة لتمثال أبو الهول يجعلها إعلان أو دعوة لزيارة النسخة الأصلية الموجودة في مصر .

فبدلاً من النظر للموضوع من زاوية واحدة وهي الزاوية السلبية لابد أن ننظر للجانب الإيجابي في الموضوع وهو تقديم الصين دعاية سياحية مجانية لمصر بشكل غير مباشر .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات