الشاعر عصام أبو زيد: الحياة السرية للمجنون الأخضر

08:18 صباحًا الإثنين 16 يونيو 2014
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الشاعر عصام أبو زيد وأغلفة أحدث دواوينه

بعد “النبوءة” و”ضلوع ناقصة”، جاءت عناوينه الأخيرة؛ “كيف تصنع كتابًا يحقق أعلى المبيعات؟”، و”أكلتُ ثلاث سمكات وغلبني النوم”، و”الحياة السرية للمجنون الأخضر”، لتعلن مانيفستو الشاعر عصام أبو زيد، بأنني معشر الشعراء لست مثلكم، وأنني أهل العشق، لستُ أماثلكم، وأنني ـ أبناء ويتامى فيسبوك ـ لا أقلدكم.

ثار عصام أبو زيد على نفسه، قبل أن يثور على الآخرين، وثأر للغة العربية، قبل أن يثأر للغته، فإذا بنا أمام مُحتّرف فني يضع الحروف على النار، ليعيد صبها في قوالبه، الفكهة حينا، والجمرية حينا، والمفاجئة في كل ألأحيان.

ها هي ناره تمنح الحروف طبعه؛ الشقي واللافت والساخر، كما تمنح الشمس البشرات طبقتها البرونزية الخالدة، مكونة من طبقات سافرت عبر الكون، مثلما سافر هو بين مدينة وصحراء، بين جنوب وشمال، بين يم ويابسة، هذه الأرجوحة جعلته يسكن كهف التواضع حين، ويتبوأ عرين الفخر بقارئاته قبل قرائه حينا آخر، يمنح الأصدقاء الأوسمة والألقاء، كما يوزع ديكتاتور عادل الأوسمة والنياشين!

“مطلوب مائة مشاركة “شير” على الأقل لصورة الغلاف: “الحياةُ السريةُ للمجنونِ الأخضر” الديوان الشعري الجديد لعصام أبو زيد يصدر قريباً في القاهرة عن دار روافد. تصميم الغلاف للرائعة غادة خليفة”.

إعلان مثل عشرات الإعلانات التي يطبعها بروحه المرحة، تعلن عن آخر دواوينه، والويل والثبور لمن يتقاعس، سيحرمه الشاعر ـ لا شك ـ من ظل مملكة مديحه، قبل أن يحرمه من ميراث القصائد.

يعمل الشاعر المصري عصام أبو زيد مديرا لتحرير مجلة “سيسرا”.، وهي أدبية ثقافية فصلية تصدر عن نادي الجوف الأدبي الثقافي (السعودية)

بتعبير الشاعر الرائع كمال عبد الحميد فإن “عصام أبوزيد، هذا الطائش المجنون يقتل نفسه في كل نص، ثم يخرج لنا لسانه في نص آخر بعد أن نكون حسبناه قد كتب نهايته”.

أتفق مع هذا الرأي، وعلينا أن نتأمل المفاجأة المرتبة في نصوص عصام أبو زيد، إنه يدبر فخا مُحكما، سيصطادك فيه، كما يفعل ناصبو شراك الكاميرات الخفية، سيحتال على قلبك بالحب، وسيملك عقلك بتركيب لغوي آسر، وسيهبك طربا بمفردات بهيجة.

تلك مجرد مقدمة قصيرة لنصوص مختارة وضعها على صفحته، ذلك الشاعر الجميل، عصام أبو زيد:

 أريدُ أن أكتبَ قصيدةً تبدأ هكذا:

“في التاسعِ من أغسطس حدثت كارثةٌ كبرى”
ثم أتوقفُ وأذهبُ لأصنعَ شاياً

كنتُ أحمله صغيراً في جيبِ القميصِ وأذهبُ إلى المدرسة

كان الأطفالُ الأوغادُ يضايقونني فأخرجه ليأكلَ عيونهم وأنوفهم.
لم أحب أحداً في حياتي مثلما أحببتُ الشيطان.

 عشتُ في مصحةٍ قريبةٍ من المطار

كنا نشاهدُ الطائراتِ تخترقُ رؤوسنا
ونمدُ أصابعنا ونلتقطُ المسافرين.
وحدثَ ذاتَ مرةٍ أن اختفيتُ فجأةً
وأحببتُ يهوديةً من بريطانيا
ذراعُها الموشومةُ بوحيدِ القرنِ والتنينِ الذهبي الطائر
ذكرياتي الوحيدةُ معها في جزيرةٍ في محيطِ الحياةِ الهادر.
هل أقولُ لكِ سراً ؟
أحبُ العطورَ الأنثويةَ وأنا أكتب
أحبُ أن يكونَ في دمي عطرٌ أنثويٌّ حارقٌ وحاد.

أشياءُ صغيرةٌ لأجلِها أحبُكِ
أحبُكِ وأنا أحملُ جيتاريَ المكسور
أحبُكِ لأني لا أجيدُ البرتغاليةَ مثلاً
أحبُكِ وأنا أرى شعرَ رأسي يتجعدُ
تقولُ ماما إنني ما زلتُ صغيراً
وإن قميصيَ الجديدَ خفيفٌ وشفاف
وإنه يكشفُ قلبي وهو ينبضُ ويرتعشُ ويخاف
وإنني أحتاجُ إلى الحب كثيراً لتستمرَ حياتي
أريدُ في نهايةِ الأسبوعِ أن نلتقي
أن تأخذي وجهي بين يديكِ
قولي ماذا تقرئين في وجهي ؟!
أحبُكِ لأن يدي تؤلمني وأنا أتكلم
ورقبتي تميلُ ناحية اليمينِ قليلاً
أحبكُ وأنا أقعدُ في “كوستا” وأتأملُ بنطلونَكِ الجينز
وأقولُ لنفسي: لن تنقلنا الكلماتُ إلى عالمٍ آخر
سنظلُ هنا مع كل هؤلاءِ الحمقى
أحبُكِ لأنكِ تعودينَ إلى البيتِ وتخلعينَ ملابسكِ وتعبرينَ الصالةَ عاريةً وتدخلينَ المطبخَ عاريةً وتعدينَ الطعامَ عاريةً وتأكلينَ معي عاريةً ثم أكتبُ على ظهرِكِ العاري “إن الله يحبني لأنكِ في حياتي”.
كلميني وأنتِ في البلكونة
أرسلي لي بعضَ الهواء
أكلتُ ثلاثَ سمكاتٍ وغلبني النومُ
أراكِ يا حبيبتي غداً
أظنها ستمطرُ غداً
تعالي غداً واخطفيني
كوني ساحرةً شريرةً أركبُ خلفها مكنسةً قديمةً ونطيرُ إلى قلعةِ المستحيل
لا أعترفُ بالمستحيلِ لكنه تقليدٌ لطيفٌ في حياتنا الكسيحة
تقليدٌ نبررُ به عجزنا عن الوقوفِ والاستمرار
أحبُكِ لأن اللغةَ العربيةَ تقولُ إنني أحبُكِ
أحبُكِ لأن الحب لم يعد ينتجُ شيئاً يستحقُ أن نحياه
انتهى عمرُهُ الافتراضي
وأرغبُ في تجربةٍ عاطفيةٍ جديدةٍ مستوحاةٍ من أحدِ أفلامِ الرعب، كأن أنزعَ رموشَ عينيكِ وأنا أبتسمُ في هدوء، ثم أفكرُ في مستقبلِ علاقتنا بعد كل هذهِ الكوارث…
سنذهبُ إلى “كوستا” ونشربُ “لاتيه”
ثم نقعدُ متجاورينِ في سيارتِكِ ونبكي
في الواقعِ أحدُنا يبكي والآخرُ يبكي لأجلِهِ
لكن الواحدَ الذي بكى في البدايةِ يضحكُ الآن
أحبُكِ لأن الحبكةَ الدراميةَ تقتضي ذلك
أحبُكِ لأنني كنتُ أحب العقاربَ السوداءَ في طفولتي
والآن أحب الكوكا كولا
وأعتقدُ أن إرادةَ اللهِ سبقت كل شيء
ليكن الله شاهداً على هذا الغرامِ العاصف. 

 لكنني مغرمٌ بكِ

ولستُ نادماً كما تعتقدين.
القبلةُ الأولى والوحيدةُ أطارت نصفَ عقلي
والآنَ أعيشُ بنصفِ عقلٍ وسطَ هذهِ الغابةِ من الفولاذ
الفولاذ الذي في موسمِ الأمطارِ يتفتتُ ويذوب…
لا أريدُ من العالمِ شيئاً.
العالمُ تافهٌ ولا يستحقُ أن أنظرَ إليه.
هيا، أنتِ تدينينَ لي برقصةٍ أخيرة
ضعي يدَكِ على كتفي
ودعيني أراقبُ عينيكِ
لا ترحلي 
أرجوكِ.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات