كاتبات مصر في بيت السناري … شهادة ووردة

10:22 صباحًا الخميس 26 يونيو 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الروائية نهى محمود

“شهادة تقدير وعرفان : النساء ـ مثل النصوص الأدبية المتألقة ـ لهن سحرٌ خاص، ووقع مؤثر في النفس، ونقش على القلب، واشعاع جاذب في الوجدان، وهكذا تشرق الكاتبة على صحراء الورقة البيضاء تنير الطريق بقلمها وتمهد الأرض بأناملها وتغير الثابت بخيالها وتجذب المجتمع بأفكارها، وهكذا تتماوج نصوصها وإبداعها على ساحة وجدان العقل المصري والعربي، ونحن؛ أسرة بيت السناري، ومؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، وشركة BOOK HOUSE للنشر والإعلام وقناة أم الدنيا ودور نون وليان وروعة للنشر والتوزيع نهنئها ونهنيء أنفسنا على دورها الهام والمؤثر في تلك المرحلة الهامة من عمر الوطن المصري والعربي وهذه باقة ورد نضعها على صدرها امتنانا واعترافا بموهبتها الإبداعية”.

بهذه العبارات المدونة على شهادات التقدير، والتي صاغها الكاتب محمد محمد مستجاب، مرفة بوردة بنت بلد ، احتفل بيت السناري بكاتبات مصر، في أمسية أوجزتها جريدة (التحرير) في هذه السطور:

منصة توزيع الشهادات والورد

احتفلت 150 كاتبة بتكريمهن في احتفالية أقيمت في بيت السناري، تحت رعاية مؤسسة هنداوى للتعليم والثقافة، وقناة أم الدنيا، ودار نون للنشر، ودار روعة، وبوك هاوس للإعلام والنشر، وحركة ثقافة بلا حدود.

التكريم شمل كاتبات قديرات، وبدا بمثابة إضفاء نوع من الدعم المعنوي على الحفل وحلقة وصل بين الأجيال، حيث ضم كاتبات من أجيال مختلفة. منهم على سبيل المثال لا الحصر، الدكتورة هويدا صالح الناقدة والروائية، والكاتبة الصحفية هالة فهمي، والدكتورة سهير المصادفة، الروائية والشاعرة والمترجمة، والكاتبة نهى محمود.

وحضر الحفل أيضًا، الروائي محمد محمد مستجاب، والروائي محمد رفيع، بجانب حضور عدد من الناشرين، مثل: الناشر عماد عاشور، صاحب دار الحياة، ونخبة كبيرة من الكتاب والمهتمون بالشأن الثقافي.

فكرة الحفل كانت لدار ناشئة حديثًا منذ بضعة شهور، اسمها ليان، رعتها ومولتها مؤسسات ثقافية عديدة بهدف تسليط الأضواء على الكاتبات الشابات في مختلف محافظات مصر. ومن المسائل المهمة، أن من نظم الحفل بالكامل هم مجموعة من طلبة الثانوية العامة يعملون تحت اسم مبادرة «طالب تغيير».

بدأت المسألة حين انتقلت إلى «بيت السنارى» أو «كتخدا إبراهيم السنارى» الذي يرجع تاريخ إنشاءه إلى عام 1794، وكانت الساعة الخامسة والنصف مساء، قبل بداية الحفل بساعتين تقريبًا، لأشاهد  مجموعة من الطلبة بزي مدرسي يستقبلون الضيوف ويعرفونهم بالاحتفالية، وهناك آخرون ينظمون المكان، ويعلقون اللافتات الدعائية. استقبلتني حبيبة محمد، طالبة في الصف الثالث الثانوي، وعرفتنى بالمبادرة.

قالت حبيبة: إن مبادرة «طالب تغيير» مبادرة طلابية مستقلة، تهدف لإحداث تغيير جذري في التعليم المصري، موضحة أنهم لا يقصدون التغيير السطحي الذي تلجأ الوزارة إليه دائمًا، والذى ثبت فشله للجميع.

وأضافت حبيبة، أن أعضاء المبادرة يرون أنه يجب أن تكون هناك حتمية عمل خطة استراتيجية، لتغيير المنظومة التعليمية تغييرا شاملا، لتحويله من نظام تعليمي يعتبر الأخير عالميا إلى واحد من أكثر عشرة أنظمة تعليمية تقدما في العالم.

حبيبة محمد، طالبة الصف الثاني الثانوي، أثارت دهشتي عندما أخبرتني بفكرة المبادرة، لأنني في البداية كنت أتحدث معها باعتبارها من المنظمين، وربما كانت طالبة في الجامعة أو حتى تتبع إحدى المؤسسات الراعية، لكنها أخذتني إلى تجربة موازية لا تقل أهمية عن تجربة تكريم 150 كاتبة شابة يتجمعن في مكان واحد.

لفتت حبيبة، إلى أن المبادرة تسعى لتكوين قاعدة شعبية تؤمن بالفكرة، ومن أجل ذلك فهناك سبع لجان تنظم عمل مبادرة طالب تغيير. «لجنة العلاقات العامة»، وهي المسئولة عن توسيع حجم العلاقات مع الشخصيات العامة التي من الممكن أن تدعم المبادرة، وهناك «لجنة الإيفنت»، وهي المسئولة عن تنظيم الاحتفاليات الثقافية مثل حفل اليوم، و«لجنة الميديا» الداخلية، وهي المسئولية عن توفير كاميرات لتصوير الاحتفالات والتواصل على الفيس بوك، وهناك أيضًا «لجنة المحافظات» لتعميم مبادرة طالب تغيير، مؤكدة أنهم يتواجدون في 20 محافظة، و«لجنة الموارد البشرية»، هى التي تستقبل المتطوعين الجدد من طلبة الثانوي وتوزعهم على اللجان، و«لجنة استراتيجية لوضع خطة التعليم»، وأخيرًا «لجنة الاتفاقيات»، وهى التي تتواصل مع الأماكن التي تستقبل الاحتفاليات الثقافية للمؤسسات الثقافية المختلفة التي تلجأ للمبادرة، مثلما لجأت دار ليان والمؤسسات الراعية لتنظيم الحفل. مؤكدة أنهم من نسقوا مع بيت السناري لاستقبال 150 كاتبة.

الكاتبات نهى محمود وسهير المصادفة ومنار فتح الباب

انتقلت بدهشتى إلى مكان تجمع الكاتبات لأقع في دهشة أخرى، فالكاتبات حضرن من محافظات مختلفة خصيصًا للمشاركة في الحفل، منهم الكاتبة ليلى الشويشان من قنا، ورنا جيرة الله من دمياط، وحرية سليمان من المنصورة.

الكاتبة الشابة رنا جيرة الله من محافظة دمياط، اشتركت في كتب جماعية صدرت عن دار طنطا بوك هاوس، وتحضر حاليًا لمجموعتها القصصية الأولى التي تدور في فلك علاقات الفيس بوك، ولم تبد جيرة الله أي ضيق من مسألة حضورها من محافظة مختلفة، مؤكدة أن ذلك لا يمثل أي عبء، لكن ما يضايقها هي كلمة قالها ناشرها الأول الذي تحدث في حوار صحفي، قائلا: إنه لا يوجد أدب نسائي، وإن المرأة تجهل الكتابة من الأصل، لترد جيرة الله أن ذلك يمثل إحباطًا للكاتبات مستفسرة، لماذا نشر لها من الأصل أم أن المسألة مجرد تجارة وتربح؟

حديثى مع رنا جيرة الله، أكد أنني سأجد في كواليس ذلك الحفل فرصة للتعرف على مشاكل الكاتبات، ليس فقط مع النشر، لكن معركتهن من أجل  فرض وجودهن في مجتمع شرقى يرى المرأة مواطن درجة ثانية. فبدلت محور أسئلتى التي كنت أعددتها مسبقا حول التكريم ومعاييره، وكيف استقبلت الكاتبات الخبر إلى منحى آخر، وهى هذه المشقة التي تقابلهن في رحلة الكتابة.

الروائية حرية سليمان من المنصورة، صدر لها المجموعة القصصية «بطعم التوت»، ورواية «سهر»، تحدثت عن الصعوبة التي يواجهها أدباء الأقاليم ومثقفوها بسبب مركزية الحركة الثقافية في القاهرة، إلى جانب تسليط الضوء الإعلامي على كتاب القاهرة فقط، مشيرة إلى أن ذلك يمثل قهر لكتاب الأقاليم.

وعن قصور الثقافة ودورها في هذه المحافظات، أجابت الروائية أن قصور الثقافة تقدم خدماتها في إطار «الشلة». لافتة إلى أن الدخول في تلك «الشلة» يحتاج لتنازلات يقدمها الكاتب أو الكاتبة سواء عن طريق التملق أو نفاق أشخاص بعينهم، وذلك ما يرفضه أدباء الأقاليم أصحاب الأقلام الحرة.

وأضافت حرية سليمان، أن مواقع التواصل الاجتماعي مثلت البديل لأدباء الأقاليم، كي تصل أقلامهم دون التقيد بمركزية أو «شللية»، وتواجد الكثيرون على الساحة وحققوا شهرة جيدة عن طريق تلك المواقع.

رنا جيرة الله وحرية سليمان، صورتا معاناة أديبات الأقاليم، لكن جولة أخرى داخل بيت السناري وسط حشد الكاتبات، كشفت أن المعاناة امتدت أيضًا إلى كاتبات القاهرة والكتاب الشباب في العموم.

ندى طلال، أصغر كاتبة في مصر في السابعة عشرة من عمرها، والتي تم تكريمها في حفل الأمس. كونها وحيدة والديها زاد من الاهتمام بها فتعلمت القراءة في الثالثة من عمرها وكتبت تجربتها الروائية الأولى في السابعة من عمرها، ونشرت رواية في السابعة عشر عن دار الحلم بعنوان «ماريمو»، وتنتظر صدور رواية عن دار أكتب في معرض الكتاب القادم.

ندى طلال، قالت: إن رواية «ماريمو» تتحدث عن تحويل الأشخاص إلى أسلحة وتدور أحداثها في عام 2091.

وأشارت ندى، إلى أنها عانت مع الناشرين خاصة، وأنها قدمت عملها الأول للنشر وهى في الثالثة عشرة من عمرها لدار أكتب، ورغم أنها دفعت تكاليف النشر إلا أن الرواية لم تصدر حتى الآن، ومن المفترض أن تصدر في معرض الكتاب القادم. مضيفة أن أكثر ما تعانيه هو التواصل مع ناشر يقدر الكاتب حق قدره.

الكاتبة إيمان عزمي، صاحبة رواية «الهروب إلى الهيش» الصادرة عن دار أكتب، أثارت نفس النقطة وتحدثت عن مشاكل النشر التي تواجه الكتاب الشباب، لافتة إلى أنه ورغم أن الكاتب يتكفل بنشر العمل ماديًا إلا أنه يعاني من عدم وجود تسويق جيد للعمل، فيضطر الكاتب إلى الاعتماد على شبكة علاقاته الخاصة. مشيرة إلى أن المرأة في مجتمع شرقي دائرة معارفها تكون في أضيق الحدود مما يزيد المسألة تعقيدًا.

وأضافت الروائية، أنه إلى جانب مشاكل النشر، فإن المنظومة الإعلامية تتجاهلنا تماما، ولا تتعامل سوى مع المواضيع الأكثر انتشارًا.

هذه الكلمات أوضحت، أن هناك غضب داخل الكتاب الشباب في العموم، وأن هناك أيضًا فجوة بين الصحافة الثقافية، والحركة النقدية، ووزارة الثقافة، وشباب الكتاب، في الوقت الذى من المفترض فيه أن تعمل هذه الجهات من أجل تذليل العقبات في طريق مواهب إبداعية شابه تحفر في صخر المشهد الثقافي، ولا تريد سوى كلمة شكر في النهاية.

لكن وسط ذلك المشهد، كانت هناك إضاءة أخرى، أكدت أنها مهما كانت قوة صخرة المشهد الثقافي، فإن تكسيرها ليس بالصعوبة المتخيلة. المهندسة والكاتبة ولاء الهواري، صاحبة الكتاب الأشهر «يوميات مواطنة عالبسكلته» الصادر عن دار الحياة، قالت: إنها وعلى مدار ثلاث سنوات، كانت تستخدم البسكلته كوسيلة للتنقل داخل القاهرة إلى جانب السيارة. مشيرة إلى أن المسألة، بدأت معها كرغبة فتاة في ركوب البسكلته، لكنها وبمرور الوقت أدركت السيولة التي حدثت في التنقل، إلى جانب المتعة التي تسببها تلك الوسيلة.

وأضافت الهواري، أنها سافرت إلى محافظة الإسماعيلية بالبسكلته. لافتة إلى أنها وأثناء السنوات الثلاث، بدأت ترصد مضايقات وردود أفعال الناس، وتوجت الرصد بكتابها مواطنة عالبسكلته.

وقالت الهواري: إن من أغرب الردود التي واجتها كانت صرخة من شيخ وجهها إليها أثناء ركوبها البسكلتة، قائلا: « يافاجرة هتروحى النار».

ويكفي تأكيدًا لكلام الكاتبات أن التغطية الإعلامية لتجمع 150 كاتبة في مكان واحد لم تكن على القدر المطلوب، إلى جانب أن هناك من يحاول أيضًا أن يسرق عنهن الأضواء، ليستغل ذلك التجمع لتحقيق شهرة ووجود إعلامى أو ناشر يبحث عن مصدر دخل جديد، عن طريق معرفة كاتبات يبحثن عن وسيلة للنشر مقابل الدفع، لكن في ظل تلك الفجوات، كانت دار نون، ومؤسسة هنداوي، ودار روعة، وقناة أم الدنيا، وحركة ثقافة بلا حدود، ومباردة طالب تغيير، تلك المؤسسات التي تغرد بعيدا عن السرب من أجل سد فجوة المؤسسة الثقافية الحكومية، وعلى رأس من يجب أن توجه لهم التحية مبادرة «طالب تغير» وطلبة الثانوية العامة، اللذين قاموا بتنظيم حفل مهيب عجزت عنه وزارة الثقافة بكل قطاعاتها ومؤسساتها وهيئاتها ومدخراتها والملايين التي تقرر لها في الميزانية، مبادرة طالب تغيير نظمت الحفل بقليل من الأموال اقتطعوها من مصروفهم الشخصي.

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات