تجارة الأعضاء البشرية.. خطر الحَاضر والمُستقبل

11:44 صباحًا الأربعاء 6 أغسطس 2014
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كاريكاتير للفنان حجاج

تجارة الأعضاء البشرية تجارة غير قانونية قائمة على تجارة أعضاء جسم الإنسان لأغراض مُختلفة أهمها لعلاج بعض الموسورين القادرين على دفع كُلفتها المرتفعة والتي يُطالب بها الوسيط دون المتبرع الذي يحصل على مبلغ قليل مما يدفعه المحتاج لتلك الأعضاء .

هناك الكثير من محاولات تجارة الأعضاء في العالم ، وتكثر عادة هذه الحالات في الدول الفقيرة التي يرى سكانها أن بيع أعضائهم وأعضاء موتاهم  يُدر عليهم دخلاً وفيراً هم في أشد الحاجة إليه .

ففي مصر وسط أجواء من البؤس الإجتماعي تحوّل فقراء مصر إلى مصدر رخيص لقطع الغيار البشرية للأثرياء داخل مصر وخارجها حيث يقوم سماسرة التجارة بالأعضاء البشرية بالتعاون مع بعض الأطباء وبعض معامل التحاليل الطبية بالإتجار بالكلى البشرية بعد سرقتها أو شرائها من الفقراء وبيعها للأثرياء العرب بعد ذلك ، بعد تزوير مستندات للتحايل على اللوائح الخاصة بنقابة الأطباء المصرية ، والقوانين المعمول بها في عمليات زرع الأعضاء البشرية .

الأغْرب من ذلك أن مافيا تجارة الكلى في سعيها للتغلب على العوائق التي تعْترض أعمالها غير المشروعة لجأت إلى حيلة شيطانية عن طريق تزويج سيدات وفتيات فقيرات يردن البيع من أثرياء عرب بشكل قانوني ظاهرياً وبعدها يتم الطلاق عقب إجراء عملية الزرع .

وأكّدت احدى الدراسات أن مصر أصبحت تحتل المركز الثالث عالمياً في تجارة وزرع الأعضاء البشرية غير المشروعة مشيرة إلى أن مصر تحوّلت لتصبح المركز الرئيسي في المنطقة لتجارة الأعضاء البشرية التي أصبحت أكثر ربحاً وأمناً من تجارة  المخدرات .

وأرجعت الدراسة ظهور مافيا الإتجار في الأعضاء البشرية في مصر إلى حالة الفقر الشديدة التي يعاني منها الشعب ونقص التشريعات التي تُجرّم هذه التجارة المحرمة .

سعر الكلية الواحدة في السوق السوداء الهندية 55 ألف روبية أي حوالي 800 يورو

في قرية صغيرة في الهند يحلم الطفل (فيرو) 13 عاماً ببيع كليته عندما يكبر لكي يصبح غنياً ويخرج من دوامة الفقر التي يعيش فيها ويقول : “حين أكبر سأصبح غنياً بعد بيع احدى كليتي وعندها لن يكون علي العمل من جديد في هذا المكان الفقير “.

ويبلغ سعر الكلية الواحدة في السوق السوداء الهندية 55 ألف روبية أي حوالي 800 يورو وهي بمثابة ثروة لكثير من الهنود الفقراء .

ورغم حظر الحكومة الهندية لتجارة الأعضاء البشرية وسنها لعقوبة السجن من 2 إلى 5 سنوات لتجار الأعضاء البشرية إلا أن هذه العقوبة قلما تكون رادعة لأن هذا العمل مربح جداً لهم كما أن احتمال القبض عليهم ضئيل خاصة أن كل ما على المانح لعضو من جسده في الهند هو أن يصرح بأنه صديق للمتلقي وأن المال الذي يحصل عليه هو مجرد هدية .

وتبلغ تكلفة الكلية الهندية أو الأفريقية حوالي 1000 دولار ، وتكلفة الكلية الرومانية أو المولدافية 2800 دولار ، وتكلفة الكلية التركية تصل إلى أكثر من 10 الآف دولار في حين يربح تجار الكلى في الولايات المتحدة 30 ألف دولار في الصفقة الواحدة وأحياناً يتضاعف هذا المبلغ المالي عشر مرات .

ويرى أحد الخبراء الألمان في هذا المجال أن الإتجار بالأعضاء البشرية هو شكل خطير جداً من أشكال استغلال الفقراء وخاصة في العالم الثالث موضحاً أن الآلاف من الناس في باكستان أو الفلبين تبرعوا بأعضائهم لكنهم باتوا في حالة بائسة يُرثى لها .

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى إجراء ما يربو على 10 الآف جراحة زرع  كلى سنوياً إلا أن هناك تقديرات أخرى تؤكد ارتفاع هذا العدد إلى 20 ألف جراحة سنوياً خصوصاً أن الطلب على زرع الكلى يتزايد على خلفية ارتفاع أعمار سكان الكرة الأرضية بشكل ملحوظ  ففي أوربا وحدها يقف 40 ألف مريض على قائمة الإنتظار للحصول على كلية .

فيما تؤكد أبحاث واستطلاعات الرأي أن معظم بائعي أعضائهم البشرية لا يمتلكون حرية اتخاذ القرار ، فالمافيا القائمة على تجارة الأعضاء التي تجند بائعي الأعضاء تعتمد أسلوب الجريمة المنظمة حيث يقوم الوكلاء بإغراء بائعي الأعضاء البشرية ويتعهدون بمنحهم مبالغ مالية يتفقون عليها وبعد الموافقة المبدئية على اجراء الجراحة يمارس الوكلاء أسلوب الترهيب على المتبرعين فيفرضون عليهم الإقامة الجبرية وفي أحيان أخرى يتم اعتقالهم حتى يحين موعد اجراء الجراحة وبعد استئصال العضو المتفق عليه وزرعه في جسم المشتري يواجه البائع في كثير من الأحيان أساليب غش وخداع من الوكلاء وغالباً ما يلقى بهم خارج المستشفى من دون الحصول على أي مقابل مادي…والأمر لا يقتصر على الكلى فقط ، بل يتم بيع البنكرياس وفص الكبد بمبالغ أكبر..!!!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات