الطريق إلى جهنم : فخ المسارات السياسية و القانونية للقضية الفلسطينية (2)

08:45 صباحًا الأحد 12 أكتوبر 2014
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

” الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة ” هو أقل ما يمكن التعليق به على المؤتمر الذي أقامه ” مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي ” الذي أعلن عن أهدافه من عقد مؤتمر ” حول المسارات السياسية و القانونية للقضية الفلسطينية ” و التي وضعها في نقاط مطولة أغلبها فضفاض ملتبس ذو طابع إنشائي .. ربما يمكننا إلتماس العذر لمن وضعوها إذا وضعنا في الحسبان أن معظم المؤتمرات حول القضية الفلسطينية أصبحت تتشابه في مثل ذلك الجانب بعد أن أصبح المواطن العربي يدرك أن تلك المؤتمرات في معظمها تنعقد من أجل ” تجنب العتاب ” خاصة إذا كانت من قبل أطراف لا تستطيع أو تملك أن تقدم شيئا عمليا و ملموسا للقضية الفلسطينية سوى البيانات و التصريحات التي لا تقدم أو تؤخر في المسار العملي لتلك القضية ؛ و على الرغم من أن المركز الذي أقام المؤتمر يحمل إسما يبدو ذو رنين فخم ” الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي ” إلا أنه يمكننا القول و في أفضل الفروض أنه وقع في خطأ كارثي ” بحسن نية ” و هو بطبيعة الحال أمر فيه قولان .. إذا أننا نفاجئ ضمن الأهداف الفضفاضة للمؤتمر بالنقطة التالية ” حث القيادة الفلسطينية على الإنضمام إلى ميثاق روما الناظم للمحكمة الجنائية الدولية ” .. و بغض النظر عن أي قيادة من قيادات الفرقاء الفلسطينين يتحدث المركز المنظم للمؤتمر إلا أنه لا يمكن تجاهل إستدراج كل القيادات الفلسطينية و الشعب الفلسطيني إلى فخ حقيقي بحسن نية أو بدونها يمكن أن يلحق بالقضية برمتها قارعة تنال منها و من الشعب الفلسطيني حيث أنه أمر مستغرب أن تتم دعوة الفلسطينيين ممثلين في قيادتهم إلى التوقيع على معاهدة لم يوقع عليها ” الكيان الصهيوني ” لتلزمه بينما سيكون الفلسطينيون ملزمين بها ؛ و في ظل العدالة الدولية العرجاء المنحازة المشكوك في أمرها و التي تكيل بمكيالين يمكننا توقع أن كل مستويات القيادات الفلسطينية على إختلاف مشاربها ستكون مطلوبة أمام المحاكم الدولية بتهمة ممارسة الإرهاب و إرتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية خاصة مع قوة تأثير وسائل الإعلام الصهيونية التي تلبس الحق بالباطل و العكس ؛ و حقيقة من المستغرب إلى أبعد الحدود أن يكون مركزا للدراسات الإستراتيجية يبدو من أسمه أنه يصبو إلى وضع إستراتيجية للمغرب العربي بالكامل أن تكون تصوراته هكذا و سيكون إفتراض حسن النية و الخطأ إزاء تلك التصورات أمر يتطلب جهدا  كبيرا في تصديقه .. إذن و بقطع النظر عن النوايا يمكننا إستعارة عبارة الفيلم الشهير للنجم الكبير ” عادل إمام ” ” لقد وقعنا في الفخ ” و ربما بئر بلا قرار لو سعينا كعرب أو فلسطينيين لتكبيل أنفسنا بإتفاقية مشبوهة لم و لن تطبق على الأقوياء لتكون بمثابة حبل مشنقة نلفه حول عنقنا بأنفسنا لكي يشده زعماء الإمبريالية وقتما شاءوا ..

– وتبقى ملاحظة حول مؤتمر يبدو من إسمه أنه لخدمة القضية الفلسطينية ؟! و نظمه مركزا للدراسة الإستراتيجية أنه كان ينبغي عليه أن لا يكرس لوجهة نظر بعينها تتخذ القضية الفلسطينية تكئة للهجوم على النظام المصري و سياساته متدخلة في شئون مصر الداخلية و قراراتها السيادية أيا كانت .. لأنه و ببساطة ” أحببنا أو كرهنا ” مصر هي الدولة رقم 1 التي تملك الحل و العقد في القضية الفلسطينية رغم وجود دول عظمى منها أكبرهم و أقواهم تدعى الولايات المتحدة الأمريكية لن تستطع وقف العدوان الإسرائيلي على غزة أو تغيير الواقع على الأرض فيما فرضت مصر ذلك على الجانبين المتحاربين و هو أمر يطول شرحه على كافة الصعد العملية و الجغرافية السياسية و الديموغرافية و التاريخية و حتى الطبوغرافية .. و كل هذه أمور كان لا يجب أن تغيب عن ” مركز للدراسات الإستراتيجية ” حتى لو كان حول ” المغرب العربي ” مثلما غاب عنه خروج ” ياسين أقطاي ” نائب رئيس حزب العدالة و التنمية التركي عن موضوع المؤتمر متدخلا في شئون مصر الداخلية مهاجما لرأس نظامها بمنتهى الصلف و الوقاحة .. مدعيا مساعدة شعبها .. ليفضح جهله بطبيعة الشعب المصري الذي يتحول بسرعة البرق إلى موقف بالغ العداء ممن يحاول التدخل في شئونه فيما هو غارق في الإنتهاكات الإنسانية ضد مواطنيه الأكراد و ضد شعبه في ” ميدان تقسيم ” وغيره .. مثلما تورط في دعم الإرهابيين مرتكبي المجازر في سورية و العراق و هو ما يذكر على الفور بالتاريخ الأسود للدولة التركية و مجازرها في أرمينيا و أوروبا و الدول العربية من المشرق إلى المغرب الذي إنتقم من غطرستهم في ” سلا ” المغربية و كانت الثورة العربية الكبرى على غطرسة الحكم التركي تتويجا لما وقع من قبل بعقود في المغرب الأقصى .. لكن يبدو أن هناك من لا يعتبر أو يقرأ دروس التاريخ ذات المغزى الإستراتيجي ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات