أمامي النسخ الإلكترونية لجريدة جديدة يُفكِّر أصحابها الشباب، وهذا هو الأهم، خارج الصندوق.
الأهم أن معظمهم في عقده الثالث من العمر، وأكبرهم 31 سنة.
الأهم أنهم يقدمون صحافة حقيقية، تسأل بلسان الشارع، وتخاطب جيلا بأكمله ضاع بين وعود كاذبة وآمال محطمة ومستقبل ليس موعودا.
جريدة تحكي، وهذا هو الأهم، بصدق وصراحة، وتقدم ذلك كله، وهو مهم وأهم، بلياقة التعبير اللغوي الفصيح، وأناقة الإخراج السلس.
والأهم، أن قراء (الأهم)، سيحصلون عليها مجانا، ليس لأنها كتيب ترويجي، أو ملزمة إعلانات مبوبة، ولكن لأن أصحابها قرروا أن تكون أول جريدة مجانية في مصر.
سأقرأ لكم ترويسة (العدد زيرو) التي تغيرت طفيفا في عددين تجريبيين تصفحتهما؛ وتذكروا الأسماء جيدا، لأن هؤلاء يبدأون تاريخا جديدا في الصحافة المصرية:
رئيس مجلس الإدارة: شريف عبد الحميد، رئيس التحرير: محمد توفيق، المدير الفني: أحمد شهاب، مدير التحرير: محمد شحاته، مساعدا رئيس التحرير: أحمد السماني وهيثم خيري، المحافظات: أحمد صبحي، سكرتير التحرير: مصطفى الليثي، التصحيح: محمد الشيخ، الإنتاج: حسام حامد ورضا عبد المعز، المدير العام: طارق عبد الرازق.
تجربة الصحف المجانية موجودة خارج مصر، ففي 1885م صدرت في مدينة لوبيك شمال ألمانيا جريدة أسسها تشارلز كولمان قبل ذلك بسنوات ثلاثة. كولمان (1852 ـ 1936) القادم من عائلة سكوتلاندية كان يوزع جريدته مرتين أسبوعيا ، قبل أن تتحول General-Anzeiger für Lübeck ، وهو اسم جريدته، في ذلك التاريخ، إلى يومية، وصل توزيعها إلى 5000 نسخة في 1887، وإلى 12800 نسخة في 1890 بعموم ألمانيا كلها. في أستراليا نقلوا التجربة، فصدرت في أستراليا Manly Daily سنة 1906 وكانت توزع على العبارات المتجهة إلى سيدني، قبل أن تصدر جاليا يوميا وتوزع من قبل شركة روبرت ميردوخ ليمتد. وفي الولايات المتحدة، تعود بدايات الصحافة المجانية إلى أربعينيات القرن الماضي.
في دول الخليج العربية، وعلى الرغم من أن الصحف لا تباع مجانا، إلا أن المؤسسات الصحفية توزعها دون مقابل على معظم مؤسسات الدولة، ولذلك يقرأ المواطنون الصحيفة، لعقود، مجانا، وهو ما جعل حاسة شراء الصحيفة (أو المجلة أو الكتاب) لا تتكون، ومن هنا تصبح نسبة المباع من الصحف لا توازى بما هو مجاني أو بما يأتي عبر الاشتراكات السنوية التي غالبا ما تكون مدعومة من شركات الإعلان، حيث يحصل المشترك على قيمة اشتراكه بضاعة، كهاتف نقال، وتأتيه الجريدة مجانا، نظريا.
تجربة التسويق المجاني للصحف سلاح ذو حدين يضع أصحاب جريدة (الأهم) في مصر على المحك، فالجميع سيبحث عنها إذا ما تواصلت خبطاتها الصحفية، وستجذب جمهورا شابا، يعول عليه في اتخاذ قرارات المستقبل، إذا ما خاطبت بصره وبصيرته.
المادة البصرية مقدمة بشكل مثالي، الصور ترتاح في مساحتها، والعناوين الجانبية لحشو الأخبار الصحفية القصيرة مقدمة بعناية، وحس لغة الشباب راق، ولا يسقط في فخ العامية غير المحببة.
لقد عرفت من هؤلاء الشباب صديقي هيثم خيري، وأحسب أن شغله على أدواته، كصحفي، وكاتب قصة، وقاريء جيد، وكائن نشيط يسعى في التحقيقات الصحفية لغاياتها الأقصى، يعني أن الكتيبة إذا كانت مثله، كما بدا من قصصه الصحفية، فنحن أمام نقلة نوعية في الصحافة المصرية.
بالطبع في الأعداد (الزيرو) يمكن أن يعاد نشر مقال لكاتب مهم، ولكن في الأعداد الجديدة لن يكون ذلك مقبولا. كذلك ، فإن من علامات الصحافة الراقية توثيق الصور، فالموضوع الجاد والمهم عن انفراد الأهم بكشف بناء وزارة الإسكان شققا ب9 مليارات جنيه للأشباح!، وكذلك العالم السري لتجارة نشارة الخشب، تلك الحرفة التي تحول التراب إلى ذهب، لا يوجد اسم المصور. الجرافيك البارز لكريستيانو رونالدو وأرقام، أتمنى أن يوضع عليه اسم الفنان الذي صممه، وهكذا.
أعجبني، بالطبع، كمهتم بإنشاء طريق حرير إعلامي بين آسيا والعرب، حضور السينما الهندية، بنجومها، في موضوعات (الأهم)، وكذلك الأسئلة التي تتعلق بالأسلحة الصينية، ولا شك أن نظرة للشرق الأقصى ستجعل النظرات حيادية، بعد أن أصابنا “حَوَلُ” النظر إلى الغرب منذ الاستقلال، وبعد الانفتاح.
هذه السطور السريعة هي تعبير عن فرحة بتجرُبة شابة، تنتظر أن تكون سطورا تهنيء بوصول توزيع (الأهم) إلى النسخة 100 ألف، وأحسب أن القراءة الإلكترونية كذلك قد تصل إلى مئات الآلاف.
يا شباب (الأهم) … اتحدوا، لأهنئكم!
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.
Pingback: التحرير | احتفاء إعلامي بالعدد الأول من «الأهم».. صحيفة مجانية ناطقة باسم الشباب - ارشيف تويتر