كُتَّابُ آخر زمن يكتبون عن مُجدِّد آخر زمن

08:23 صباحًا الأحد 17 مايو 2015
محمد شعبان

محمد شعبان

كاتب من مصر، صحفي بمؤسسة روز اليوسف

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
غلاف : عالم الكتاب

غلاف : عالم الكتاب

خصصت مجلة “عالم الكتاب” الرصينة فى عددها الاخير ملفا للحديث عن “عبد المتعال الصعيدى… أفكار التجديد الدينى” حيث نشرت المجلة مذكرات للصعيدي لم تنشر من قبل وكذلك 3 مقالات له غير منشورة كما قام حفيد الشيخ اللواء هانى غانم بكتابة مقالة استعاد فيها بعض ذكريات جده الاجتماعية وكتب نبيل عبد الفتاح “الشيخ المجدد.. معاصرنا” وكتب د.على مبروك “الحرية الدينية وخطاب تسييس الاسلام”…

والحقيقة ان المقدمة التى كتبتها المجلة وما كتبه نبيل عبد الفتاح وعلى مبروك عن الشيخ الصعيدى يحتاج لوقفة مطولة للكشف عن اخطاء فظيعة وقعوا فيها جميعا فى حق التجديد وقبل ذلك فى حق الامانة العلمية؛ بل إذا أردنا الدقة فنحن أمام فريق قرر أن يخصص ملفا عن شخصية مثل عبد المتعال الصعيدى ثم تكتشف أن المشاركين لم يقرءوا لمن يحتفون به ويريدون احياء ذكراه ونهجه التجديدى

نبدأ بمقدمة المجلة التى يرى كاتبها أن أفكار الصعيدي مثل أفكار على عبد الرازق فى ” الاسلام وأصول الحكم ” وطه حسين فى “فى الشعر الجاهلي” وخالد محمد خالد فى “من هنا نبدأ” حيث اعتبرها العقل الأصولي مناوئة للإسلام فتمت محاربتها ولم تتم الاستفادة منها والبناء عليها ولاقى اصحابها ما لاقوا , هذا ملخص كلام المقدمة .

الخطأ الخطير او الكارثى فى هذا الكلام ان كاتبه لم يقرأ للشيخ الصعيدي بما فى ذلك المادة المجهولة التى نشرت داخل العدد لان الحقائق تقول ببساطة ما يلى :

1-فى كتابه القضايا الكبرى قال الصعيدي ان الله عاقب طه حسين وجعله- أي الصعيدي-  يكشف ان طه سرق “فى الشعر الجاهلي” من كتاب مبشر مسيحي يهاجم الاسلام اسمه “هاشم” بالمناسبة عند تقديم بلاغ ضد طه حسين اعتمد من كتب البلاغ على كلام الصعيدى عن سرقة طه حسين وسئل عن سرقته كلام مبشر مسيحي –الذى كشفه واكتشف الصعيدي-ونفى حسين علمه بهاشم وكتابه .كذلك قال الصعيدي ان طه حسين تهكم على النبى وطعن فى الاسلام واعتدى على الدين المقرر للحكومة المصرية … بل شدد واكد وصمم الشيخ التجديدى الذى يحتفى به الفضلاء ومجلتهم الغراء على انه لا يمكن الجمع بين العقيدة والبحث العلمي!!!!! نقلا عن كتاب “القضايا الكبرى” الصادر عن مكتبة الآداب ص385 … هذا هو الصعيدي الذى بكى ويبكى عليه كاتب المقدمة لا نه واجه العقل الأصولي

2-  اما كتاب “الاسلام واصول الحكم” فقال عنه الصعيدى انه يوقع اليأس فى نفوس المسلمين ويجعلهم يرتمون فى احضان اوروبا ويرضخون لحكم الاستعمار ويصب فى مصلحة المستعمر لذلك “طبلت” وزمرت الصحف الاجنبية للكتاب ..نقلا عن القضايا الكبرى ص 378 ….حفظ الله لنا كاتب المقدمة من كل سوء

3- الف الصعيدى كتاب “من اين نبدأ” ردا على كتاب خالد محمد خالد” من هنا نبدأ” وكتاب محمد الغزالى” من هنا نعلم” وقال الصعيدى –المناوئ للعقل الاصولى-عن خالد محمد خالد وكتابه: انه تحريف للكلم عن موضعه وان الاسلام جاء بالدولة والحكم وانه دين ودولة. هل هناك عبد المتعال الصعيدى اخر قرا له الفاضل صاحب المقدمة ؟؟؟

4- الشيخ التجديدى الذى اتحفتنا به المجلة وكتابها قال فى المقالة المنشورة فى العدد حول الحجاب ان النظر الى الحيوان الجميل بشهوة حرام ولم يقل احد انه يجب ان نلبس الحيوان نقابا ومن ثم وصل شيخهم التجديدي للنتيجة الفذة التى تقول انه قياسا على الحيوان الجميل لا تلبس المرأة الجميلة نقاب!!!!! عداه العيب واكثر الله من امثاله ومن التجديد ومن الملفات والنساء الجميلات

الشيخ عبد المتعال الصعيدي بين الكاتبين؛ محمد شعير (إلى اليمين) ومحمد شعبان (إلى اليسار)

الشيخ عبد المتعال الصعيدي بين الكاتبين؛ محمد شعير (إلى اليمين) ومحمد شعبان (إلى اليسار)

ثانيا: الجزء الثاني يتعلق بما كتبه نبيل عبد الفتاح والحقيقة ان عبد الفتاح حريص كعادته على اتحافنا باستخدام مفردات معجم البنيوية والالسنية والمناهج المعاصرة لكن فى هذا الموضوع لم يقل شيئا محددا عن الصعيدى بل كل ما قاله يمكن ان تقوله عن محمد عبده وامين الخولى ومصطفى عبدالرازق بل وسيد قطب فما معنى ان من مزايا الصعيدى انه كتب فى الرسالة والمقتطف…الخ سيد قطب مارس ذلك ايضا لكن المعلومة الوحيدة التى قالها عبد الفتاح وخاصة بالصعيدى ان اسلوبه يمتاز بالسلاسة والوضوح والبلاغة وهذا لعمرى كلام شخص لم يقرأ للصعيدى فالرجل كان يكتب بطريقة منطقية –مقدمات ونتائج- لكن كان كثير الاستطراد لدرجة انك فى احيان كثيرة تقوم بعملية اشبه بفض الاشتباك فى عودة الضمائر الواردة فى الجملة وايضا كانت جمل الشيخ تراثية طويلة, ما زلت اذكر جيدا فى كتابه “حرية الفكر فى الاسلام” كيف نقل حل يحي ابن اكثم للمسألة المأمونية والتى اثق ان عبد الفتاح لم يتمكن من فهمها لانها منقولة من نص تراثى حرفيا وبشكل غامض

ثالثا: اما ما كتبه د. على مبروك وقال –وقالت معه المجلة- انه قراءة لكتاب “الحرية الدينية فى الاسلام” فغير صحيح بالمرة فمبروك لم يقرأ هذا الكتاب مطلقا او الاحتمال الثانى انه قرأه لكن لم يكتب عنه .قرأت قبلا هذا الكتاب 3 مرات واعدت قراءته فجر الخميس لأعرف عن اى جزء يتحدث مبروك والحمد لله صدقت ذاكرتى ولم يكن موضوع مبروك عن “الحرية الدينية”. يتحدث مبروك فى مقالته عن امرين الاول مخاطر تسيس الاسلام واقامة الاحكام على النصوص والشرع بدلا من العقل فى مقابل ذلك هناك تيار يريد تحرير الاسلام من السياسة ليجعلها تقوم على العقل ويجعل مبروك هذه التقسيمة هى “الجذر الغائر” فى الخلاف بين الصعيدى والذين يرون وجوب قتل المرتد. الامر الثانى الذى يقوله مبروك ان مؤيدى قتل المرتد اعتمدوا على النصوص والاثار واجماع الصحابة فى حين اعتمد الصعيدى فى حكمه على اولوية التأسيسى على الاجرائى فى الشريعة  بما يترتب على ذلك من تضعيف او اسقاط النص لحساب الاصل او القصد

ونبدأ بثانيا لو قرأ مبروك الكتاب لعلم ان الصعيدى اعتمد فى رايه-عدم قتل المرتد- على القران والسنة وسيرة الصحابة وكشف انه لم يقم اجماع اصلا فى هذه المسألة بدليل ان النخعى-من كبار ائمة السلف- واخرين قالوا بعدم قتل المرتد فمن اين جاء مبروك بإسقاط النص وتفنيده وتقديم التأسيسي على الإجرائي؟؟؟؟ كلام الصعيدي كلام اصولى بالمنطق الفقهى القديم ونقل عن اراء سابقة ولم يخترع ذلك اختراعا….وهذه النقطة لاحظها وقال نبيل عبد الفتاح فى موضوعه لكن مبروك لم يقرأ الكتاب

اما الامر الاول وهو ان الصعيدى كان ضد خطاب تسيس الاسلام واضح ان د. على لم يقرأ كتاب الصعيدى” من اين نبدأ” الذى بسط فيه رايه عن علاقة الاسلام بالسياسة او بالحكم وفما يلى نصوص الرجل التى لا تختلف كثيرا او قليلا عن دعاة الاسلام السياسى الذى وضعهم مبروك فى مقابل الصعيدى :

1-    يقول الصعيدى : حكومة الاسلام عالمية والحكومة القومية ضيقة الحدود عنصرية 

2-    لكل مسلم جنسيتان ووطنان ..الاسلام جنسية ووطنه جنسية

3-    الخلافة الاسلامية رياسة عامة فى الدين والدنيا

4-    المسلمون يقومون بالحكم بعد النبي لانهم كلفوا بالقيام به ويكون القيام به كالقيام بتكاليف الصلاة والزكاة والصوم والحج

5-    الحكومة واجبة شرعا وعقلا

ما سبق بعض نصوص الشيخ الصعيدى حول  علاقة الاسلام بالسياسة والحكم هل يرى مبروك فيها اى خلاف عن كلام خطاب تسيس الاسلام او الذين يهتمون بتقديم الإجرائي على التأسيسي؟؟؟

كشف او للدقة اكد هذا الملف لى أن ازمة مصر الحقيقية فى نخبتها بل وصلت الازمة الى صورة كابوسية والا فماذا بعد ان يتصدى كتاب ومثقفون للحديث عن موضوع ولم يقرءوا له بل بصراحة تحول الموضوع الى ما يشبه موضوع التعبير لدى طلاب الابتدائى كلام وخلاص و”ملء” صفحات دون تدقيق ومقارنة وتنقيب فكانت النتيجة ما سبق رصده والى الله المشتكى

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات