عُمان: الحاضرة، الغائبة

09:33 صباحًا الإثنين 3 ديسمبر 2012
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

السؤال الحائر: لماذا لا يعرف الغريب اسم بلادنا وموقعها حينما نجيب على سؤاله: من أي البلاد أنتم؟

في كل مرة يتطلب الأمر منّا تقريب المسافة على السائل ليفهم أننا من عمان، سلطنة عمان، لا عمّان كما ينطقها بعض العرب، هؤلاء الذين علينا أن نتهمهم بالجهل لأنهم لا يفرّقون بين اسم دولة عربية واسم عاصمة لدولة عربية أخرى.

ربما، في العصر الحديث فإن مقومات الإشهار تعتمد على لغة الأخبار خاصة المتعلقة بالإثارة، بناء عمارة ضخمة لا يستدعي أية إشارة في نشرة أخبار، انهيارها وحده من يأتي بها إلى واجهة الأحداث، وتصبح البلاد معروفة، تماما كما عرفنا أن في افغانستان بلادا تدعى تورا بورا لأن جهنم الأسلحة الأمريكية هبطت عليها بحثا عن أسامة بن لادن، وعرفنا أن مفاعلا نوويا في روسيا يدعى تشيرنوبل لأن جحيمه تسلل من قمقم المارد فمحى حياة عشرات الآلاف وأضرّ بصحة آلاف أخرى.

هكذا البلدان تفرض نفسها على واجهة الإعلام العالمي..

هل ينقص من عمان أن كائنا ما لا يعرفها، مع أنه من الطبيعي أن لا يعرف المرء الكثير عن أشياء لا تحصى في العالم، هل هو قلة شهرة جائزة نوبل إذا كان بيدار في قريتي سرور لم يسمع بها؟!

لسنا دولة صناعية لندخل منازل في العالم من بوابات منتجاتنا، ولسنا دولة عسكرية لنصنع عناوين الأخبار، ولسنا دولة عظمى لنوجه تيّارات الرأي العالمي باتجاهنا.

بلادنا دولة حديثة، مهما بالغنا أنها دولة لها عمق تاريخي يمتد آلاف السنين، ربما أبالغ إذا قلت بأننا لم ننطلق من عمقنا التاريخي، وبيننا وبينه (أبحر وجبال)، والهوّة الفارقة شاسعة، ومتطلبات العظمة اختلفت عمّا كانت عليه سابقا.

غافلنا الزمن، فأغرق أسطولنا البحري، وفي زمن حاملات الطائرات العملاقة فإن الحديث عن أسطول بحري مجرد استعراض قوة، لا يفيد كثيرا لمواجهة قوى عالمية توحشت صناعاتها الحربية (القاتلة).

طال صمتنا خلال العقود الأولى من سنوات نهضتنا المعاصرة.. وذاكرة التاريخ لا تلتفت كثيرا للماضي، فلا أحد يرغب في اجترار الماضي سوى العاجز عن بناء حاضره..

قد يقول أحدهم لا يعرف بلادنا، لكننا وجدنا من يقول أنه يعرفها، بما غرسته في قلبه من مشاعر، وما سمعه عنها من مآثر، أرضا وبشرا.

لذلك فإن مقايسس المعرفة مطّاطة.. مهما بدا تقصيرنا تجاه بلادنا بيّنا، التعريف بها كواجهة سلام وتنمية يعكس ما لديها من عمق تاريخي.. نراهن على التاريخ ولم نعمل من أجله كما يستحق، ونقول أننا نصنع الحاضر وقد فاتنا منه الكثير لنعمل من أجل عمان التي نعشقها، قبل أن نسأل لماذا يجهلنا الآخرون، هل حقا نحن نعرف أنفسنا، وقدر بلادنا؟!

2 Responses to عُمان: الحاضرة، الغائبة

  1. 아슈라프

    artest رد

    4 ديسمبر, 2012 at 1:23 م

    مقال مميز وفي العمق وفي قدر كبيي من المصارحة .

  2. السيدة ابراهيم عبدالعزيز رد

    24 ديسمبر, 2012 at 11:40 ص

    انا اقول لك الكثيرين يعرفون عمان من خلال المليون واكثر من الوافدين الذين موجودون في عمان كل واحد فيهم يعرف عمان الاصالة والشعب الطيب والزائرون لها اكاد اجزم ان كل هؤلاء يمدحون ويعتزون انهم موجودون بينكم وانكم شعب له جذوره

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات