عواطف الزين في المكتب الثقافي المصري: لدى الكويت تجربة ناضجة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة

01:03 مساءً الأربعاء 2 مارس 2016
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
الكاتبة والناقدة عواطف الزين

الكاتبة والناقدة عواطف الزين

عقد المكتب الثقافي المصري أمسية لمناقشة كتاب “عزيزي النابض حبا للكاتبة عواطف الزين الذي سجلت فيه خبرتها في تربية ابنها عزيز المصاب بمتلازمة داون، وبشكل يجعل من الكتاب دليلا أدبيا وعلميا وطبيا وتربويا لكل من يحتاج التعرف على كيفية التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

ورحب الملحق الثقافي الدكتور نبيل بهجت بالكاتبة قائلا: باسمي وباسم الانسانية ارحب بالاستاذة عواطف الزين في المكتب الثقافي المصري، تقديرا لكتابها القيم “عزيزي النابض حبا”، الذي يحتفي بـ نبض الحب، وصناعة الأمل. الذي تسهم به أن تفتح به أمامنا عوالما جديدة في مفاهيم تربية الطفل، وخصوصا من أصحاب الاحتياجات الخاصة، لأنه من المهم جدا أن نعيد النظر في الكثير من الثوابت التربوية وإعادة النظر فيها لصالح الحياة.
وقدم الكاتب إبراهيم فرغلي الدكتورة عواطف الزين موضحا أنها ناقدة سينمائية ومسرحية حاصلة على دكتوراه فخرية من جامعة الحضارة الاسلامية وعلى ليسانس آداب “قسم لغة عربية “الجامعة اللبنانية ودراسات عليا حرة في المسرح المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت. ولديها اصدارات عديدة في هذه المجالات من بينها: كل الجهات الجنوب، أوراق ملونة، زمن الصداقة الآتي، انا وحكايا النجوم، ورواية تحت الطبع بعنوان مؤقت “فتاة المقهى الوحيدة”. وغيرها.
ولكننا نحتفي اليوم بها بعيدا عن كل هذه الاهتمامات .نحتفي بها كأم، وأم استثنائية، نجحت في أن تجعل ابنا قد يعتبره المجتمع غير طبيعي أو ذا قدرات قليلة، إلى فرد مندمج مع بيئته، متذوق للفنون، وصديق حقيقي كما تقول في تقديمها للكتاب.
واقتطف فرغلي من الكتاب قول عواطف الزين:” كنت أسأل نفسي دائما هذا السؤال وغيره : هل أريد منه أن يتعلم مهنة معينة؟ أو يمارس هواية مفضلة؟ أو أن يتعلم القراءة والكتابة ويكمل – ان استطاع- في هذا المجال؟ أو أنني أريده – فقط- أن يعتمد على نفسه في كل شئ يخصه حتى لا يصبح عالة على غيره.
لنترك إذن حرية “التشكيل” تأخذ مجراها في بناء شخصيته، ونتفهم وضعه المرضي ولا نطالبه بأكثر من قدراته على الفعل، فالأمومة عطاء بلا حدود، ثم ألا يكفي أن تقوم بتربية “صديق” وفي يواكب رحلتها، ويمسح دمعتها ويشعر بها ويخاف عليها ويحتاج إليها وينتظرها ويفرح بوجودها ويخشى غيابها ويكون ندت لها في خياراته وفي مشاعره الطافحة حنانا وصدقا؟ ..هل هناك أجمل من صناعة صديق بكل ما تعنيه كلمة صداقة من ود وحب وفهم واحترام وحوار على كافة المستويات؟ الحوار بالإحساس، والتفاهم بلغة العيون، والتعامل بلغة المحبة، إنه صديق مختلف بكل معنى الكلمة..إيجابي النزعة والصفات، أنه نهر من الحب والطيبة والحنان. صديق لوقت الضيق وكل الأوقات”.

د. نبيل بهجت يقدم الأمسية التي أدارها الروائي إبراهيم فرغلي وتحدثت فيها الكاتبة عواطف الزين

د. نبيل بهجت يقدم الأمسية التي أدارها الروائي إبراهيم فرغلي وتحدثت فيها الكاتبة عواطف الزين

وافتتح فرغلي النقاش مع عواطف الزين حول مدى اختلاف تأثير ثقافة الأم على نفسية وتربية الطفل الداون، أو المصاب بمتلازمة الداون. فقالت: أن ثقافة الأم بالتأكيد مهمة، لكن الأمومة غريزة تجعل من كل أم مثقفة بطريقتها في تربية أطفالها، لأن الأمومة بحد ذاتها هي ثقافة. لكن المهم في التعامل مع طفل الداون هو عدم تخبئته أو تجاهل وجوده أو حتى تصدير الإحساس له بأنه مختلف أو أن يصل له إحساسك بالشفقة عليه. هذا الاختلاف يجب أن يكون في داخل الأم لكن بالنسبة له فهو لا يجب أن يشعر بهذا الإحساس. وخلق بيئة حاضنة ملائمة له، وأول شروط هذه البيئة أن نقبل الطفل، ونعلن عن وجوده وليس كما يشيع في مجتمعاتنا العربية التي قد تعتبر وجود ابن من ذوي الاحتياجات لا يتناسب مع وضع العائلة أو أي أسباب أخرى لأن الطفل لا ذنب له، ولا بد أن يتم توعية الناس وتثقيفهم ليرتقوا بإنسانيتهم، وهذا الإعلان في حد ذاته هو إعلان بوجود هذا الإنسان وإنسانيته. كما أن هؤلاء الأطفال شديدو الحساسية بشكل مفرط.
وأوضحت أنها بحثت بكل الوسائل المتاحة لها عن معنى المرض وطبيعة الإعاقة وكيفية التعامل معه وفق هذه القدرات، وكيف يمكن لها متابعة الظروف الصحية للطفل بسبب قلة المناعة لدى الأطفال المصابين بالداون سندروم، وأوضحت أن التسمية تعود إلى اسم الطبيب الذي كشف عن طبيعة المرض، وأوضحت أن السبب الرئيسي يأتي بسبب اختلال في عدد الكروموسات، فالإنسان الطبيعي لديه 46 كروموسوم، بينما لدى الطفل الداون 47 كروموسوم، وهذا يؤثر على قدراته الذهنية والجسدية والخلقية، وتختلف نسب الإعاقة بين طفل وآخر.
وأضافت:أدركت أنني يجب أن أنجح في هذا الاختبار، وأن أمنح له كل جهدي ووقتي، وأتعامل معه بلا تمييز بينه وبين أخواته، ولذلك حرصت أن يخرج معنا في كل مكان نذهب إليه، حتى لا يشعر بأي تمييز لأن هؤلاء الأطفال حساسين جدا، ولا يمتلكون القدرة على التعبير، وتكونت خبرة كبيرة في التفاهم التي وصلت الآن للتفاهم حتى بالعيون. بسبب الثقافة الحياتية التي حصل عليها. ويجب على كل أفراد الأسرة أن تشترك في ذلك، وقد لعب إخوته فعلا في ذلك ففرح شقيقته الأكبر جعلته مستمع جيد للموسيقى بلغات أجنبية عديدة، وهذا ساعده في تعلم الكلام بشكل جيد، وهو الآن عاشق لأم كلثوم مثلا، وكذلك متابعة نظامه اليومي والالتزام بمواعيد النوم وغير ذلك، وكان شقيقه يوضح ما يقوله عندما بدأ في تعلم الكلام.

وعلق الكاتب أشرف أبو اليزيد على الكتاب قائلا: أعرف قلم الكاتبة عواطف الزين منذ قرأت كتابها الصادر في العام 2000 والذي كرسته لحوارات مع شخصيات كويتية، وأعرف اهتماماتها النقدية، وإن كان فاجأني كتابها الجديد “عزيزي” النابض حيا .. لأنه يضيء جانبا آخر لهذا الإبداع، وهو وإن كان جانبا خفيا على معظم القراء إلا أنه ظهر في وعي الكاتبة، ورغبتها بالتعلم كي تجتاز مأساة ذاتية.
والحق أني تذكرت ـ حين طالعت موضوع الكتاب وتصفحته وقرأت صفحات منه ـ سيرة الروائي الياباني كينزا بورو أوي ، فقد رأيت في حياته معادلا موضوعيا لسيرة السيدة الأم، حيث ولد للروائي الياباني ابن معاق ذهنياً، فعانى معه وهو يربيه، وهي معاناة جعلت منه الكاتب المرموق الذي نعرفه، مثلما دخل ابنه في سياق روايته هموم شخصية، أو مسألة شخصية. فالكاتب المنشغل بالنشاط السياسي كواحد من اليسار الجديد ألف مسألة شخصية التي تناول فيها مشاكل الشبان في مرحلة ما بعد الحرب متخذًا من شخصية ابنه هيكاري محورًا ورمزًا لإعاقة أشمل.
وقد رأيت توازيا لتلك الإعاقة بعالم عزيز، حيث أن المجتمع لم يكن مستعدا بشكل كاف ليكون عزيز ضمن منظومة طبيعية، لولا مثابرة أمه وقوتها الآسرة. فهي التي بحثت عن المعرفة في شريط فيديو مبسط أو سير علمية أو بوابات تفتح لأول مرة في عالم مجهول، كي تكون هي ملهمة ذاتها.
وإذا كان كينزا بورو أوي قد نال جائزة نوبل في الآداب عن روايته، فإن عواطف الزين استطاعت أن تؤهل ابنها ليعتمد على نفسه، موثقة ذلك في عمل تسجيلي لا تخلو سطوره من إبداع، لتهديه هذا الكتاب الصغير والفريد في آن واحد”.
وحول تجربة الكويت في الاهتمام بذوي الاحتياجات أكدت عواطف الزين أن الكويت لديها تجربة مهمة في الاهتمام برعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين بالتوحد أو متلازمة داون. وبدأ الاهتمام بشكل جدي في العام 1997، حين بدأت في الكويت تجربة اسمها تجربة المج، أي دمج الأطفال المعاقين مع الأسوياء في المدارس، فقاموا بالتجربة في عدة مدارس في الكويت، وفي كل مدرسة فصل للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، ثم تخصص حصص لهم للاندماج مع الأطفال العاديين، والمشاركة في الأنشطة والألعاب. وهذه التجربة كانت ممتازة وأسهمت في تنمية عبدالعزيز بشكل رائع وتعليمه مهارات مهمة كثيرة، والآن هناك تعميم للتجربة، واهتمام كبير بذوي الاحتياجات الخاصة في الكويت.
واشارت الزين إلى مفارقة من تأملاتها لحالة الابن وأغلب المصابين بحالة الداون قائلة أنهم يتمتعون بطيبة قلب ونقاء روحي ومحبة ولا يمتلكون أي نززعات شريرة، والمفارقة أن من نعتبرهم أسوياء أي أصحاب عقل هم من يصنعون الحروب والدمار في كل مكان.
وتداخل عدد من الحضور بالأسئلة المتخصصة حول الموضوع، وكيفية تربية الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة مغتنمين خبرة الكاتبة في هذا المجال، كما قدم البعض تجاربهم حول أقارب لهم أو أبناء وكيف تعاملوا معهم.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات