منذ فجر الانسانية بدأ الانسان في ملاحظة الطبيعة والتأقلم مع قوانينها وتحمل نزواتها ثم بدأت مع الحضارة محاولة السيطرة عليها وصولا الى مرحلة اخضاعها الى قوانينه ورغباته وحاجاته وأحيانا نزواته . وقد بلغت آلام الارض حدا اثار غضبها وفي محاولة مداواة جراحها كثيرا ما اصابت الانسان في مقتل وهي اليوم تهدده بالفيضانات وبالجوع وبالعطش وبالغرق .. فاتجهت الجهود الى التوحد في مواجهة الصداع الذي اصاب كوكبنا الازرق لمحاولة السيطرة على ارتفاع حرارته التي تهددنا بالتصحر وبالغرق وبالجوع والعطش وطبعا بحروب جديدة حتما ستكون نتائجها اكثر كارثية من سابقاتها ، لكن العلماء انفسهم لم يتفقوا حول خطورة تسخن الارض إلا في نهاية القرن الماضي فكانت قمم المناخ المتتالية التي وان وحدت وجهات النظر حول خطر الموت المحدق بالأرض إلا انها لم توحد الجهد في مواجهة هذه الاخطار وبدأت خلافات جديدة حول حصة كل دولة من التلوث وحول الالتزام بتطبيق اتفاقية كيوتو وما تلاها من الاتفاقات اذ لا تملك هذه الاتفاقات ادوات الزام الدول الموقعة باحترامها .
ان كرم الطبيعة كبير لكن جشع الانسان اكبر ففي سعيه الي ايجاد مناطق جديدة للبناء وللزراعة يقوم بإعدام الاشجار وحرق الغابات التي تقوم بدور الرئة حتى بلغنا المرحلة التي لم تعد الغابات والمحيطات بقلبها الكبير ان تتحمل كتمان ما يبوح به الانسان من غازات الدفيئة فقد تجاوز الامر قدرتها على التحمل لأنها تمتص تسعة مليارات طن منها بينما يتنافس الناس على انتاج اكثر من ثلاثة اضعاف هذا الرقم . وقد حطمت الانسانية كل الارقام القياسية وتجاوزت كل الخطوط الحمراء في تعاملها مع البيئة رغم ان الكبار هم المسئولون اكثر من غيرهم لكن الجميع يدفع الثمن وبدأ ظهور نوع جديد من اللاجئين غير الذين شردتهم الحروب والنزاعات المسلحة وهم لاجئو المناخ ، فقريبا ستصبح الجغرافيا كما عرفناها حديثا في ذمة التاريخ اذ غرقت جزر وذاب الثلج فظهرت بحيرات وجبال وزرعت اراض لم تطأها اقدام الناس من قبل لأنها كانت صحراء من الجليد كما يحصل في قرينلاند وفي روسيا وغيرها فمصائب قوم عند قوم فوائد . عندما يتغير المناخ تتغير الحياة ولعلها تصبح مهددة فهذا التغير اول ما يهدد يهدد الزراعة اي امن الانسان الغذائي لكن هل كل ما يحصل ابلغنا مرحلة اللاعودة وخطا من الخطر لا امل بعده في نجاة؟ الحقيقة أن الوعي بخطر التغيرات المناخية ضروري بل هو واجب كل فرد قبل ان يكون واجب الدول والحكومات والمنظمات والجمعيات ومازال في جراب العالم بعض الحلول التي لا تحتمل التأجيل مثل الحفاظ على المناطق الرطبة التي تساعد على تعديل درجات الحرارة و الحد من خطر الفيضانات والجفاف والعودة الى بعض الانماط التقليدية من التصرف في الثروات الطبيعية مثل نظام الواحات الذي يسمح بغراسات وزراعات ذات طوابق و يقاوم زحف الرمال بل ويعدل من ارتفاع درجات الحرارة و يمنع الانجراف ويفرض نظاما للتعايش يعتمد التآزر والتعاون بين سكان الواحة قد يخلق كما فعل قديما مجتمعات تتكاتف في مواجهة الجوع والكوارث الطبيعية على حد سواء وكذلك استعمال الطاقات النظيفة والمتجددة مثل الطاقة الحرارية والنووية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية .. المسألة اذن مسألة خيارات وسياسات والتزامات … انها الحل والمعضلة في نفس الوقت
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.