إضراب عام للنقابات التونسية الخميس القادم

04:48 مساءً السبت 8 ديسمبر 2012
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

تونس ـ  (شينخوا) قرر الإتحاد العام التونسي للشغل (أحد أكبر ثلاث نقابات في تونس) تنفيذ إضراب عام في كامل أنحاء البلاد يوم 13 ديسمبر الجاري، وذلك في خطوة تصعيدية تأتي قبل أيام من الذكرى الثانية إندلاع ثورة تونس التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير من العام الماضي.

وأعلن الإتحاد العام التونسي للشغل في صفحته عبر موقع التواصل الإجتماعي (فيسبوك) أن مكتبه التنفيذي قرر “تنفيذ إضراب عام في كامل أنحاء البلاد يوم 13 ديسمبر الجاري”. ولم يوضح الإتحاد مدة هذا الإضراب.

وسبق أن أعلنت فروع الإتحاد في عدد من المحافظات أنها قررت تنفيذ إضراب عام ،وذلك إحتجاجا على الإعتداء الذي إستهدف أمس المقر المركزي للإتحاد العام التونسي للشغل وسط تونس العاصمة.

ويعتبر هذا القرار بمثابة تصعيد خطير في الأزمة الدائرة حاليا بين الإتحاد العام التونسي للشغل والحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية،ما يعني أن المأزق السياسي الراهن الذي تعيشه تونس مرشح للمزيد من التوتر.

ويعد الإتحاد العام التونسي للشغل واحدا من أبرز وأقوى القوى السياسية والنقابية والإجتماعية الفاعلة والمؤثرة في تونس، وكان قد لجأ إلى الإضراب العام في مناسبتين فقط،الأولى في العام 1978 خلال عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة،والثانية كانت لمدة ساعتين فقط في العام 2011 ،أي قبل يومين من سقوط نظام الرئيس السابق بن علي.

ولم تفلح النداءات بالتهدئة التي أطلقتها اليوم الرئاسة التونسية في إمتصاص حالة التوتر السائدة حاليا بين الإتحاد العام التونسي للشغل والحكومة، حيث خرجت اليوم عدة مسيرات مؤيدة للإتحاد في عدد من المدن التونسية،فيما صعد حسين العباسي الأمين العام لهذه المنظمة النقابية العريقة من لهجته تجاه الحكومة.

وقوبل هذا التصعيد بتصعيد مماثل عبر عنه راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية التي تقود الإئتلاف الحاكم في تونس ، بينما وقفت غالبية الأحزاب السياسية إلى جانب الإتحاد العام التونسي للشغل.

ولا يعرف إلى أين ستتجه الأمور خلال الأيام القليلة القادمة، لاسيما وأن الإحتقان بلغ درجة كبيرة من الخطورة ،خاصة بعد الإتهامات المتبادلة التي برزت اليوم على لسان العباسي والغنوشي.

وكان حسين العباسي الأمين العام للإتحاد التونسي للشغل الذي إعتبر أمس أن باب المواجهة مع من وصفهم بـ”خفافيش الظلام قد فتح”، لفت اليوم إلى أن الإعتداء الذى تعرض له النقابيون أمس بساحة محمد علي وسط تونس العاصمة “جاء بعد تعليمات حركت الميليشات الذي نفذته”، وذلك في إشارة إلى ما يسمى بـ”رابطات حماية الثورة” المحسوبة على حركة النهضة الإسلامية.

وأضاف في تصريحات للصحفيين قبل بدء الإجتماع الطارئ للهيئة الإدارية لمنظمته النقابية،أن هناك ” عناصر في السلطة تحمي هذه الرابطات وتؤطرها وتقدم لها الحماية الكاملة من العقاب”.

وإعتبر العباسي أن ” رابطات حماية الثورة تجاوزت كل الحدود في إعتدائها غير الأخلاقي ببعديه المادي والمعنوي على النقابيين”، معربا في نفس الوقت عن إستغرابه من تصريحات للمكلف بالاعلام والاتصال بحركة النهضة طالب فيها بـ”إفراغ مقار الإتحاد من الأسلحة”.

وتعرض المقر المركزي للإتحاد العام التونسي أمس إلى إعتداء نفذته مجموعات محسوبة على “رابطات حماية الثورة” التي تحظى بتأييد حركة النهضة الإسلامية، أسفر عن إصابة اكثر من 20 نقابيا بجروح متفاوتة الخطورة.

وفيما كانت الأوساط السياسية تنتظر خطابا هادئا من حركة النهضة الإسلامية لإمتصاص حالة الغضب التي تسود النقابيين ، خرج راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بخطاب وصف بأنه تصعيدي،حيث لم يتردد في إتهام قيادات نقابية بالمراهنة على إسقاط الحكومة،بالإضافة إلى تبرئة “رابطات حماية الثورة ” من الإعتداء على النقابيين.

وقال الغنوشي خلال مؤتمر صحفي عقده في وقت سابق،إن الإتحاد العام التونسي للشغل هو منظمة نقابية ،وليس “حزبا سياسيا راديكاليا”،وهو شريك في إنجاح الإنتقال الديمقراطي.

ولكنه شدد على أن هذا الدور يتعين أن يكون ” بعيدا عن أساليب العرقلة والتصعيد وإرباك التنمية التي تمارسها بعض قياداته ذات التوجه الأيديولوجي التي تراهن على إسقاط الحكومة ،ودفع البلاد إلى حالة اللا إستقرار”،على حد تعبيره.

وإعتبر أن الأحداث التي شهدتها أمس ساحة محمد علي بتونس العاصمة، وذلك في إشارة إلى المواجهات التي جرت بين النقابيين وعناصر محسوبة على حركة النهضة الإسلامية،هي “أحداث مؤسفة” بالنظر إلى أعمال العنف التي عرفتها.

ولم يتردد في إتهام الإتحاد العام التونسي للشغل بأن أعمال العنف المذكورة”مارستها ميليشيات منظمة تابعة للإتحاد العام التونسي للشغل ضد من جاءوا للإحتفال مع النقابيين بذكرى إستشهاد فرحات حشاد”،على حد قوله.

وطالب في هذا السياق بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في تلك الأحداث الدامية ومحاسبة المذنبين،لافتا في نفس الوقت إلى أن الإتحاد العام التونسي للشغل “إنتقل في محافظة سليانة بمطالبه الإجتماعية كمنظمة نقابية تدافع عن مصالح الشغالين،إلى مطالب بعزل المحافظ وإسقاط الحكومة”.

وبين هذا التصعيد الخطير في المواقف، وقفت الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني إلى جانب الإتحاد العام التونسي للشغل،حيث أصدرت اليوم بيانات إستنكرت فيها أعمال العنف ،والإعتداء على قياديين ومناضلين نقابيين.

وإعتبرت حركة الوحدة الشعبية في هذا السياق أن “الهجمة الشرسة” التي تعرض لها الإتحاد العام التونسي للشغل يهدد الوحدة الوطنية والسلم الإجتماعي”، ودعت إلى الوقوف صفا واحدا مع الإتحاد ودعم مبادرته للحوار الوطني.

من جهتها،حملت حركة “نداء تونس” المسؤولية الكاملة في ما جرى للأطراف السياسية التي قالت إنها “تنظم العصابات وتمولها وتشجعها على بث الفتنة بين التونسيين لإجهاض الإنتقال الديمقراطي المنشود”.

وأعربت الحركة عن مساندتها التامة للإتحاد العام التونسي للشغل وللقرارات التي “يراها صالحة للدفاع عن نفسه”،لافتة في نفس الوقت الى أن “أي إعتداء على الإتحاد هو إعتداء على تونس وشعبها”.

إلى ذلك،ندد حزب الشباب الحر بما وصفه بـ “التعدي السافر على قيادات الإتحاد بما ينذر بفتنة خطيرة تهدد وحدة الشعب التونسي”، بينما إستنكرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بدورها “الأعمال الهمجية التي أقدمت عليها مجموعات عنيفة ومتطرفة”.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات