مدحت صفوت: مراد وهبة «أصولي»وابن رشد ليس تنويريًا

09:16 مساءً الإثنين 3 سبتمبر 2018
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

صدر حديثًا للباحث والناقد مدحت صفوت، عن سلسلة التراث الحضاري بالهيئة المصرية العامة للكتاب دراسة جديدة عن أبي الوليد ابن رشد بعنوان “صوت الغزالي وقِرطاس ابن رشد”، ملحق بها دراسة ابن رشد الشهيرة “فصل المقال“.

23662F95-5BC9-4718-B14C-89430DEB3D39الصورة النمطية السائدة عن فيلسوف قرطبة هو «التقدمي» و«التنويري» المغاير والنقيض للإمام أبي حامد الغزالي، فيما رأى مدحت صفوت في دراسته على النقيض مما سبق، فضلًا عن كشفه لعمليات الامتطاء الإيدلوجي التي مارسها المفكرون العرب للتراث العربي بصفة عامة ولتراث ابن رشد على نحو خاص، وخصّ المؤلف ثلاثة من هؤلاء المفكرين هم: الراحلان محمد عابد الجابري وعاطف العراقي والدكتور مراد وهبة، الذي اتهمه صفوت بالأصولية العلمانية، وتنميط ابن رشد والحديث عن فيلسوف متخيل، فضلا عن أن كتاباته عن التعددية «فشنك» يولي فيها جانبًا كبيرًا للسطة السياسية والسلطة الدينية الرسمية تحديدًا «الأزهر»، ويفضل أن يشاكس الجماعات الدينية الهامشية، على حد قول المؤلف.

وترصد الدراسة كيفية مطاردة شبح الإمام أبي حامد الغزالي لابن رشد، وكيف سكن المؤلفات الرُشدية، ليس فقط في “تهافت التهافت” وإنّما في “فصل المقال” و”مناهج الأدلة” أيضًا. ويصفه الباحاث بـ“شبح يحرك مؤشر الرشدية ويضع مسار نقاشاتها، وربما المنطلقات وأحيانًا النتائج، ليبدو المختلف عليه هو عملية المعالجة، وطرائق التعاطي مع المعطيات، ليموت ابن رُشد بعد أن تقلصت مساحات نفوذه، ويبقى الغزالي واقعًا وشبحًا”.

ويبين “صفوت” أن كل ما حاولت تقديمه هو فهم ابن رشد، فالحاجة الرئيسة الآن هي الإحاطة برؤيته  وفلسفته أولًا في إطار زمنه وسياقه التاريخي بالقرن السادس الهجري، ثم نقد الرُشديةِ، أو حتى نقضهما وتقويضهما على النحو الذي يسمح بتجاوزهما وتخطيهما، وتقديم رؤية راهنة تكون ابنةً للسياق الحضاري والثقافي الذي نعيش فيه.

ويشدد المؤلف على أن ابن رشد عانى من التقول عليه مثلما عانى في محنته ونكبته  مع الخليفة المنصور الموحديّ، وكانت الجريرة الجديدة في العصر الحديث بسبب “التنوير” والمحاباة لابن رُشد وليس “الجمود”. فعندما احتاج التنويريون العرب  إلى آباء يأسسون لهم حداثتهم المنشودة، راحوا يفتشون عن مساند تاريخي لأفكارهم فوقعوا في شرك ليّ عنق الخطابات التاريخية وانتزاعها من سياقها، فصار أبو ذر الغفاري شيوعيًّا ماركسيًّا، وابن خلدون مفسرًا ماديًا للتاريخ، والمُعتزلة عقلانيّةً تقدميّةً تُدافع عن العدالة الاجتماعيّة، وابن رشد عقلانيًا تنويرًا سابقًا لزمانه ومكانه وسياقه التاريخي.

مدحت صفوت

مدحت صفوت

ابن رشد ليس نقيضًا للغزالي”، هكذا انتهى الباحث مدحت صفوت في إصداره الجديد، معتمدًا في قراءة الغزالي وابن رشد على استراتيجيات التفكيك، مؤكدا أن الاستدعاء الرئيس لابن رُشد وكتابه الشهير “فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال” للفهم ومعرفة الرُشدية من كتاباتها لا من الصور المُتخيلة التي رسمها كثيرٌ من باحثيّ ومفكريّ العصر الراهن.

مدحت صفوت ناقد أدبي وباحث بتحليل الخطاب، عمل كمحاضر زائر في جامعة كوبنهاجن بالدنمارك، وحاضَر في عدد من المراكز البحثية المصرية، حاصل على درجة الماجستير في تحليل الخطاب، يكتب في المحاور النقدية ونقد الخطاب الديني الأصولي، له كتاب صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بعنوان “السلطة والمصلحة.. استراتيجيات التفكيك والخطاب العربي”، وله قيد الطبع “جناية الفقهاء: تمارين على طرح الأسئلة“.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات