تطبيق شعار الثورة: حرية – سلام – عدالة

09:01 صباحًا السبت 3 أغسطس 2019
د. حسن حميدة

د. حسن حميدة

الدكتور حسن حميدة كاتب لأدب الأطفال واستشاري تغذية في المحافل العلمية الألمانية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
د. حسن حميدة - ألمانيا

د. حسن حميدة – ألمانيا

الحرية تعني مقدرة الإنسان على إتخاذ القرارات بمحض إرادته، وهذا من دون ضغط أو إكراه من قبل شخص أو جهة خارجية مؤثرة عليه. فلكل إنسان ذو كرامة الحق للعيش بحريته، وأن يستمتع بها ومن دون قيود، طالما الإنسان لا يمس حدود غيره من الناس. ولذا كل القيود التي تكبل حرية الإنسان من دون أسباب، ليس لها من مكان في المجتمعات الحديثة. في هذا القرن الواحد والعشرين “قرن الحريات المطلقة”، نجد أن هناك تقدم كبير لم يكن له مثيل من قبل في الحريات ككل. مثلا: حرية المرأة، حرية الأقليات، حرية المتعاملين، حرية المعاقين وغيره من حريات تخص الأجناس. فكون أن الأنسان يطالب بالحرية في بلاده، ليس هو بجرم يتطلب المحاسبة عليه. وإذا كنا نظن بأن الحرية تتوفر بوجود حظر التجوال، خصوصا الليلي منه، فنحن بعيدين كل البعد عن الحرية، بالرغم من أنه يعني لبعض الفئات، التقدم الإجتماعي في البلاد. هذا ليس بصحيح، ولا بد من أن نعيد النظر فيه، لأن المصطلح لا يشبهنا كشعب ذو صفات حميدة في معناه. وبخصوص حظر التجوال في البلاد المتقدمة: يأتي القرار بحظر التجوال، عندما تكن المنطقة التي يطبق فيها، منطقة مشبوهة، ويكن غالبا لفترة زمنية محدودة، ثم يرفع عاجلا. فالنسأل أنفسنا: هل نحن نعيش في بلاد مشبوهة، وهل عاصمتنا ومدننا الكبيرة مشبوهة؟؟

الحرية تعني أيضا أن يخرج المواطن للشارع بإرادته، وبلا قيود، وأن يطالب بحقه في الحياة، وما يحتاجه له للعيش الكريم في بلاد يحيا ويموت فيها. فهذا الحق المطلوب كذلك ليس هو بجرم يحاسب عليه القانون.

  

السلام هو حالة التعايش المحلي أو الدولي بعيدا عن المشاكل والحروب. ويبني في الأساس على التعايش والتوافق بين الناس في المجتمع الذي يعيشون فيه، ولا يتوفر بدواعي الحياة المليئة بالخوف والفزع. صحيح أن لرجل الأمن دور هام في إستتباب الأمن، وحماية المواطن، وأن لرجل الجيش دور هام في الزود عن الوطن وحمايته. فعندما يختلط الحابل بالنابل، وينعدم الأمن، ويغيب السلام. على سبيل المثال عندما يسقط الأبرياء ضحايا، وفي أكثر من موقع، عندما يتم التمثيل بهم وهم أحياء أوجرحى أو موتى. وعندما يخرج رجل الأمن أو رجل الجيش من الأمر الواقع بجلده، يبريء نفسه، ويبين للملأ، بأنه ليس له علاقة بما وقع، على نحو ” لا عين رأت ولا أذن سمعت”. هنا تغيب الحقيقة المرتجاة في أبسط  صورها، وتنعدم المصداقية في الأثنين “رجل الأمن ورجل الجيش”، وعلى نحو “حاميها حراميها”. الشيء الذي يهدد مقومات الأمن والسلام معا. سؤال : هل كان السبب في قتل الأبرياء، هو ما يسمى بكتائب الظل، وأي ظل هذا؟؟ يجب أن نسمي الأسماء بأسماءها أولا: “كتائب الظلم”، التي تقدر بالمتظاهرين من الخفاء وتقتلهم بأسلحة نارية لا تخطيء هدفها.

يجب أن يكن دأب الأمن والجيش معا، محاسبة كل واقعة من تهديد أو ضرب أو تعذيب أو قتل في آنها، وهذا حتى لا يتكرر الأمر، ولا نكن أضحوكة للعالم أجمع. فالعالم يراغب ويسجل، ويوثق  بسرية لكل حدث.

 

تعرف العدالة بأنها هي القاعد الأساسية للتعايش السلمي للإنساني، والتي تحدد مجملا، أي شيء يحق لأي شخص، وعلى أي الأسس. فهي تأتي بالتوزيع الصحيح للفرص والثروات ومقومات الحياة. فلن تتوفر العدالة في المجتمع، إذا لم يتوفر للعامل أجره اليومي أو للموظف راتبه الشهري وفي وقته، والذي يفي بمتطلبات حياته اليومية. يجب ألا نحلم بالعدالة في وقت يقتات فيه الأطفال والنساء وكبار السن  والمعاقين من فتات المذابل. وقت تؤسس فيه الشركات، وتتطاول فيه البنايات وتغذى فيه الحسابات البنكية، بغياب أبسط صور الشفافية في إقتناء المال والثروات. هناك توظيف لأهل الحسب والجاه. هناك ترقيات في الوظائف من دون سابق مؤهل أو طول خبرة. هناك بعثات بحثية ومنح دراسية، لا تؤتى لمن هو مؤهل أكاديميا، بل توزع حسب صلة القرابة الأسرية بالمسؤولين. الشيء الذي فجر حديثا بعض الفضائح للمبعوثين لألمانيا “عن طريق المنظمة الألمانية “دااد”. لقد خجلت لسؤال بروفيسور بأسم “ل.ك”، والذي عمل لسنين في السودان، ويدير الآن أكبر معاهد البحوث العلمية. كان سؤاله بصراحة: ما هو الشيء الذي أحل بالطلاب السودانيين الذين يأتون إلينا؟؟ نضطر لرجع الكثير منهم بعد الحضورإلى هنا. نفشل كما لم نعهد من قبل في الشغل معهم أكاديميا. وهذا حتي في كتابة مسودات الأوراق العلمية، ناهيك عن الشغل في إجراء التجارب المعملية؟؟ – فقلت له من دون مجاملة: البعض يأتي إلى هنا، ليس لأنه الأحسن أكاديميا، بل لأنه الأقرب أسريا.

فلكي يتوفر السلام، لا بد من العمل بجد،  ليكن هناك توازن في المجتمع، وأن ننبذ العرقية والجهوية والأسرية في كل المجالات، بما فيها التحصيل الأكاديمي والتوظيف العملي. وهذا لكسر حاجر التفاوت الطبقي.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات