الشاعرة الإعلامية التونسية هاجر بن حسين: نشأت في بيت علم ودين .. وتقدم الثقافة والفكر في الشاشة الصغيرة

08:23 صباحًا الإثنين 11 يناير 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

هاجر بن حسين ، إعلامية وشاعرة تونسية ، تتنقل في المساحة الثقافية والإعلامية الكبيرة ، ولا تستقر في مكان ثابت . حل وترحال ، مع الكلمة والعمل . فقد بدأت رحلتها مع الإعلام المرئي في تونس ، حيث عملت وأعدت البرامج وقدمتها، وتقول هاجر : ” كان المرحوم والدي يساعدني في أعمالي ، وكانت مكتبته الضخمة هي مراجعي. بعد ذلك انتقلت الى مصر ومن ثم الى بيروت والتحقت بمحطة (آ ر تي) ومن ثم  الى محطة (أم بي سي)” ، لكنها لم تمكث فيهما الا ، ” كمستظلة تحت شجرة ، ولي في هذا أسباب كثيرة. وفيما بعد طرحت برنامجاً فكرياً على القناة التركية (قهوة تركية) وحضي بالقبول ، وكانت انطلاقتي في العمل الثقافي الإعلامي”.

رسالة بيروت من الشاعر والكاتب إسماعيل فقيه

الميدان الثقافي هو المساحة الأرحب التي تتحرك فيه الشاعرة ، وأغلب وقتها وأيامها مكرسة للعمل الثقافي الإعلامي. وتنطلق من ركيزة علمية معرفية واسعة، مستندة الى وعي سديد ورصانة في التفكير، وتعرّف نفسها بأنها حاملة مصباح الثقافة في كل الأوقات ، وتقول الكثير، شارحة تفاصيل انطلاقتها بالقول :

“غالبا ما أعرف نفسي بابنة أبيها..اكراما لوالدي العالم والمفكر والشاعر الذي لم يزاحم علي اﻻعتاب كي يعرف: محمد الهادي بن حسين عالم من علماء جامع الزيتونة اﻻعظم.الذي أفنى عمره في أن يربي 5 بنات وولد على كلمة : من اعتز بغير الله ذل “.

الشعر لغة اللغة بالنسبة لهاجر ، وتقول : “الشعر ديوان العرب وتاريخهم وحاضرهم، سرهم وعلتهم، مبكاهم وظلهم، وفردوسهم في كل اﻻزمنة… أنا قارئة للشعر واﻻدب طوعا وكراهية ، فقد نشأت في بيت علم ودين لم يكن الخروج متاحاً بل كان من المكاره لذا اتخذت من الكتاب خليلاً ونديما
وأدمنت القراءة وحفظ المعلقات والقرآن الكريم ، ألم أكن ذات حظ عظيم ؟ “

بدايتها مع الشعر والقصيدة كانت محاولة مفتوحة على محاولات :

” أول ما كتبت الشعر كان في بيروت وقد استفزني أحد اﻻصدقاء اللبنانيين  وقد قال شعراً  في الله والدين ، فحثني ، أو كأنه حرضني على كتابة قصيدة في حب  الله .  فقلت أنا  ابنة الدين  وأنا أولي الناس به . ولا أنسى تلك المرحلة التي كانت بمثابة خطواتي الأولى مع الكلمة والقصيدة “.


وتضيف هاجر قائلة :

” إن باكورة حرفي الشعري بدأت مع الكتابة المتعمقة في الفكر والدين ، ولم تكن قصيدتي سوى مناجاة لله ، ومحاولة في قراءة الدين والفكر، والتبحر في المعرفة… كلما احتدمت نفسي بنفسي أستل حرفي من ضلوعي وأنزف علي الورق”.


ماذا تعني الكتابة لهاجر؟ سؤال ترتضيه الشاعرة وتحبذه وتتمناه في المسافة الدائمة في أيامها ، وتقول:


“هذا هو سؤال السؤال ، لأن الكتابة هي السؤال الكبير، والمفتوح على زمن الحياة والأمل والعيش والوجود .  فالذي ﻻ يسأل  ﻻ يعنيه الوجود وﻻ العدم … كائن ضال مستلذ بالتيه.
ﻻ يأبه بالضد . الكتابة عندي هي الحياة: أنت حي أنت تكتب ذاتك وتؤرخ ميلادها وتنفخ فيها روحك.
أنا أكتب أنا أسجل وجودي في هذا الكون وأترك لها أثراً .                                                
أنا أكتب لأني  ﻻأريد أن أتوه  في اﻻسماء وﻻ أن أفنى في الحب  الصاخب”.


 للكتابة طقوسها ، تقول هاجر ، لأنها مناخ حياة ولغة القلب والروح ،

“لأنها مسافة العقل والوعي واجابة على سؤال الكتابة نفسه . الكتابة لحظة فائقة فالتة تنتصر على الازمنة و اﻻمكنة ، تخترق المقدس والمدنس ﻻ تعبئ بقواميس البشر، لها معجمها الخاص وحرفها المعمد بوهج الفكر”.    

                           
تسأل هاجر وتتساءل في ذاتها ، تقف في مرآة ذاتها وتكرر السؤال :

” أيهما أنا، الشاعرة أم اﻻعلامية أم الكاتبة؟ يعز أن تفصل اللحم عن العظم : أنا لم أدرس صحافة أنا أستاذة وباحثة في الأدب العربي لكني دخلت اﻻعلام وأنا مازلت طالبة على مقاعد الدرس وتمكنت من نفسي . فكرة أن يكون للمرأة المثقفة مكان في شاشة اغتصبها تجار السوق فأضحت واجهة لأجساد عارية وعقول خاوية..الطريق الي اﻻعلام العربي محفوف بالمكاره ، وأن تكوني امرأة مثقفة تحملين مشروع عقل فأنت طالق بالثلاث، هكذا  قالها لي أحد رجال اﻻعلام في بيروت، وكان منصفاً حين قال لي، أسياد الشاشة ﻻ يريدون اﻻ جسداً ﻻ رأساً ونحن لهم طائعون. رحلتي في اﻻعلام العربي فيها الكثير من الشجن والأسى، أقله على اللغة العربية التي أراها عرضي ونسبي ووطني واسمي، لكنها تنتهك كل يوم ، وﻻ من مغيث “. 

هل هاجر شاعره حزينة أو قلقة أو حائرة أو خائفة أو عاشقة أو مغتربة؟ تسارع للقول والإعتراف وتتبني كل هذه التهم وتضيف عليها تهمة المأساة ، وتشرح كلامها مفسرة وقائلة :

 “الأدب هو ربما المأساة ، هو مأساة أو ﻻ يكون ، على حد عبارة الاديب التونسي محمود المسعد. أقول الحزن هيبة لصاحبه ولقلمه وهو مداد الخلق والبراعة والبذخ في اﻻبداع. أنا حزينة في مقام الحزن وسعيدة في مقام السعادة . أعيش لحظتي بعمق وأؤدي لها شرائط انفعالتها الحرة “.


 وتضيف هاجر بقولها :

“اﻻغتراب أم المآسي وأم الصالحات في حياتي، وهذه مفارقة عجيبة، لأن تكويني الحقيقي محصلته تجربة اﻻغتراب ، ففيها اختبرت مجامع نفسي وأعدت مراجعتها وصياغتها على عيني، وفي كل هذا خير كثير، وجمال كثير… عاشقة؟ نعم ولا ، وكل نعم وكل لا. العشق لا يوصف لأنه حاجة وقوة . كما الغربة وربما هما من نفس القوة والفعل .  فقد تعلمت من الغربة الكثير، ووصلت الى ذاتي أكثر. عشت الغربة وأعيشها، وها أنني أعيد عجنها كما أراها، ولكنني أقول ، أجبرنا علي دفع اﻻثمان الباهظة في كل خيار، فالغربة بتلك الوحشة الحالكة تشعرك ، كل لحظة  باليتم، والوحدة متنفسك في هذا وسادة من ذكرى عتيقة وأمل بالعودة ذات وطن حر. والعشق هو هذا التناغم”.

يبقى الإعلام المرئي هو الإطار الذي تطل من خلاله الشاعرة ، لتقول ما يصعب قوله :

” الحضور الإعلامي ليس زينة حضور بقدر ما هو زينة عقل ووعي يقدم على طبق من نظرات وأفكار . وأنا اقوم بدوري ، في الشاشة ، لتسهيل الفكر وأسئلته ، لتمتين العلاقة بين الوعي والمنطق” .

4 Responses to الشاعرة الإعلامية التونسية هاجر بن حسين: نشأت في بيت علم ودين .. وتقدم الثقافة والفكر في الشاشة الصغيرة

  1. محمد درويش رد

    11 يناير, 2021 at 1:01 م

    لقاء رائع يطرح مفاهيم حديثة للاعلام والثقافة يعطي فكرة واضحة عن الجديد في تونس ثقافيا واعلاميا وادبيا من خلال حوار واسع وشامل اجراه الاعلامي الشاعر المعروف بدقة اسئلته وحواره الجديد في الشكل والمضمون اسماعيل فقيه مع الاعلامية الشاعرة التونسية هاجر بن حسين التي برعت في الاجابة الجميلة والعميقة …

  2. Ali رد

    10 مارس, 2021 at 4:26 م

    كيف يمكننا متابعة حضرتك الأن
    أعنى أية من وسائل – عنوان ايميل لمتابعة حضرتك

    • 아슈라프

      Ashraf رد

      11 مارس, 2021 at 8:52 ص

      لمتابعة آسيا إن عنوان الموقع
      ar.theasian.asia

  3. عصام الشريف رد

    17 أكتوبر, 2021 at 9:35 ص

    إعلامية قديرة ومثقفة وثورية مخلصة بأفكارها تكتب بصدق وتقول ما تريده دون مواربة.. مع الاسف هذا النوع غير مرغوب بتواجده على شاشات الخلاعة كما قالت . ولكن في النهاية كل أصحاب المباديء تسير وحدها كجبل وعلامة فارقة ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات