الشّاعر التونسيّ يوسف رزوقة … صور الحياة وما يليها

11:46 صباحًا السبت 8 مايو 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

جديد الصديق الشّاعر التّونسيّ يوسف رزوقة ديوان “الذّئب وما أخفى: تليه رشائيّة: الغزالة والزلزال”.. صدر، هذه الأيّام، عن دار زينب للنشر، في 280 صفحة..
جاء على غلاف الكتاب وبلسان النّاقد التونسيّ د. مـحمّد صالـح بن عمر أنّ يوسـف رزوقـة من مواليد 21 آذار – مارس 1957 بقصور السّاف (تونس). تـخرّج في معهد الصّحافة وعلوم الإخبار ومنه حصل على الأستاذيّة في الصّحافة وعلوم الإخبار (تـخصّص : علوم سياسيّة )، كما حصل على ديبلوم اللّغة الرّوسيّة من جامعة بياتريس لوممبا بـموسكو . يشغل خطّة رئيس تـحرير بـجريدة ” الصّحافة ” .

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه

ترأّس تـحرير مجلّة ” شعر ” التّونسيّة ( 1982 – 1987 ) .يشرف على نادي “الأربعاء الأدبيّ” بالنّادي الثّقافيّ الطّاهر الحدّاد بتونس المدينة منذ 1987. تـمّ انتخابه سنة 2005 سفيرا لدى منظّمة أمريكا اللاتينية لشعراء العالم بالشيلي، ممثّلا للعالم العربيّ فأمينا عامّا لـها. عُيّن سنة 2006 في جينيف سفيرا عالميّا للسّلام .
ليضيف أنّ رزوقة يـحظى اسمه بانتشار واسع في الوطن العربيّ وفي البلدان النّاطقة بالفرنسيّة والإسبانية، بفضل كتابته، فضلا عن العربيّة، بـهاتين اللّغتين، كما يكتب بـهما كبار المبدعين من النّاطقين بـهما. وهو من الشّعراء التونسيين القلائل الذين أغروا شعراء من الأجيال اللاّحقة بتعقّب خطاهم والنّسج على منوالـهم والانتساب المعلن إليهم .لذلك يعدّ بـحقّ ولا يزال رأس مدرسة في كتابة الشّعر وقد احتلّ هذه المنزلة بفضل امتلاكه قدرة فائقة على تصريف الكلم فتراه يـخضع اللّغة لمشيئته تـماما. فإذا هي تارة هادئة وطورا متوتّرة، أحيانا راقصة وأخرى رصينة، في حالات مّا منبسطة وفي غيرها متقبّضة.، كما يـمتاز بـحسّ حداثيّ مرهف ترى بصماته جليّة في انفتاح قصيدته على العصر والعالم، بتداعي كلّ الحواجز فيها سواء القائمة منها بين الفنون أو بين المدارس الأدبيّة أو بين أجناس الكتابة أو بين الثّقافات، على نـحو يـجعلك تـحسّ حين تقرأ له بأنّك في قلب العالم .وهو ما وسم أسلوبه بطابع فريد حقّا لا يـمكن وصفه إلاّ بأنّه “رزوقيّ”.
من مؤلّفات رزوقة: في باب الشّعر: أمتاز عليك بأحزانـي، برنامج الوردة، إسطرلاب يوسف المسافر، الذئب في العبارة ، بلاد ما بين اليدين، أزهار ثانـي أوكسيد التاريخ، إعلان حالة الطوارئ، الأعمال الشعرية (الجزء الأول)، يوغانا (كتاب اليوغا الشعرية)، الفراشة والديناميت، أرض الصّفر،: الأعمال الشعرية (الجزء الثّانـي).
وفي باب الرّواية: الأرخبيل، مسمار تشيخوف، وداعا براءة العالم !، ريكامو، وأعشاش مغشوشة…

صورة تجمع الشاعر يوسف رزوق والمخرجة اللبنانية جوسلين صعب والشاعرة المغربية المحمودي واسماعيل فقيه.

تكتب الشعر والرواية ، أين أنت من الكتابة كبعد ومعنى وأسلوب عيش وحياة؟
• الكتابة أسلوب حياة. هي فعلا كذلك لكنّ قانون اللّعبة في الإبداع هو اللّعب في الشعر كما في السّرد كما في سائر أجناس الإبداع. فلا إبداع بلا لعب. لا شعر بلا لعب. لا سرد بلا لعب. لا رقص بلا لعب. لا مسرح، لا دراما، لا تشكيل بلا لعب. السّرد، كما نرويه بـمسؤوليّة لاعب شطرنج وبشيطنة الحاوي وبتفكيكيّة جاك درّيدا أو زها حديد، معمار في حكم الزّلزال يهندسه راو في أرض بكر. قد ينهار ككلّ بناء شيّده بنّاء أعور أو قد لا ينهار ككلّ بناء شيّده بنّاء شيمته اللّعب. أمّا الشّعر فهو اللّعب أصلا. لا ينفعنا إلاّ لعب غاداميريّ، فَذّ ينسينا ما نـحن عليه وفيه من اشمئزاز. فلنلعب! ذلك ما نـحتاج إليه هنا والآن ولن نـحتاج إلى عقّار آخر. نـحن كبرنا أكثر ممّا يلزم. يلزمنا، لنعيش قليلا، شيء آخر ينسينا ما نـحن عليه وفيه من اشـمئزار. فلنلعب! فالعالم في ادلـهمام تامّ.. حيث نظرت، ترى الغربان تغطّي عين الشّمس. تعملقت الغربان هنا، في القرية حتّى صار الأسود لونا خفّاقا لا تـخطئه عين.

ماذا يعني لك الشعر، خصوصاً أنك بدأت شاعراً بالكتابة ؟ ولماذا انتقلت الى كتابة الرواية؟
• لم يعد الشعر، للأسف، ديوان العرب، لعدة أسباب مستجدة لكنه مع ذلك، ما زال قائم الخصوصية والفاعلية والجدوى وأرى من ثمة أنّ الّذي لا يحترم الشّعر وأهله، ستخونه نفسه أوّلا وزوجته ثانيا والآخرون!، ذلك أنّ الشّعر ، ليس فقط مجرّد تهويمات ذاتيّة أو تجلّيات وجدانيّة رجراجة أو إيقاع شيطانيّ للإيقاع بامرأة غير واقعيّة أو هروب من واقع أو جنوح إلى ما وراء الأسوار حيث المدينة الفاضلة، بل هو إلى ذلك، أسلوب حياة نمارسه جميعا، كلّ على طريقته وبالشّكل الّذي يقتضيه الموقف والحال والواقع. أما لماذا انتقلت إلى الرّواية؟ فلغاية أن أكتب دراما الواقع ودماراته، خصوصا بعد تحولات ما سمّي بالربيع العربيّ، على نحو يستجيب لمتغيرات المرحلة.

تكتب الحزن والفرح ، لكنّ الحزن يبدو أقوى في نصّك، لماذا؟
• أوّل ديوان لي مهرته بـ”أمتاز عليك بأحزاني” (1978).. نظّرت فيه للحزن ومشتقّاته ثمّ تلته مرحلة “الكتابة المبتهجة” فإزاء انفجار المسافات، المفاهيم والمصطلحات واتساع رقعة الحريق في الذاكرة– (قلق، ضغط، إحساس فاجع بانقراض السلالة أو بانتفاء الدور، إلى غير ذلك)- فإن المرحلة اقتضت مني التنظير لتحقيق مناعة الحضور لمواجهة شتى الضغوطات الحافة بالنص أو بصاحبه، عبر التسلح الدائم – ولو في أشد المواقف خسرانا أو انكسارا- بالروح الانتصارية، العالية والتزام الكتابة المبتهجة مع الوعي الاستثنائي بشائكية الواقع الحضيضي، المتقلب والمنفجر: قطعا مع خطابات النكسة وإيديولوجيا البكاء. لكن مع فقدان الزوجة والبنت وشيئا من قداسة الوطن، عدت إلى ما كنت عليه من همّ عظيم، أكتبه ويكتبني كمحاولة كاثارسيسية أو كمتنفّس لي في عالم متدهور، ملتاث وضنين.

الحب كيف يتحرك في نصك وحياتك وقصيدتك؟
• العالم امرأة. هكذا أرى. وحين نكتب لها أو بها، فإن للأثر الإبداعيّ نكهته وسلاسته وسيولته على خلفية أن “المكان الذي لا يؤنث، لا يعوّل عليه” حسب تعبير جدّنا ابن عربي.. أكتب المرأة وعنها ولها لأن المرأة هي المرايا المتعاكسة وهي من ثمة أكثر من أن تحصى ، ويلذّ لي أن أجسدها سيميائيا في عديد البورتريهات المؤيقنة.

أين أنت اليوم وماذا تفعل وتكتب؟
• أنا اليوم، “أرمل الرّمال الـمتحرّكة” أو بعبارة أخرى، “يتيم في السّتّين”: غادرتني، قبل سنوات قليلة، إلى مثواها الأخير، رشا ابنتي ( 26 سنة) رسّامة وصحافية.. ماتت، في الكلينيك، أثناء ولادة حفيدتي “ياسمين” التي ماتت معها هي الأخرى وبفعل الصّدمة تلك، انجلطت زوجتي مرّتين وماتت.. لأبقى وحيدا وشاعرا بمدى فداحة الوضع الجديد مع ابنين لي آزر وإيّاد، الأوّل، هاجر إلى الكيباك – كندا، حيث يعمل والثّاني، يعيش معي في تونس العاصمة حيث يعمل.. وبقيت أنا، من ثمّة، موزّعا بين ثلاثة أمكنة: العاصمة، قريتي زُرْدة، الرّحم الأوّل وسَلَّقْطة للاصطياف. وفي هذه الأمكنة، أدأب، كعادتي، على كتابة ما يهمّني، في أكثر من لغة،وفي مراوحة منّي بين أجناس الأدبيّة: شعر، رواية وقصص للأطفال واليافعين..

الشعر التونسيّ الحديث ،باختصار، هل هو بخير اليوم ، وكيف ترسم معالمه؟
• ظاهريا، يبدو بـخير.. هو تلوين مغاربي في إفريز المشهد المشرقي أو هو عبارة عن ضمائر مستترة تقديرها أقلام راعفة في مسيرة الألف ميل

متى تكتب وما هي العوامل والظروف التي تقودك للكتابة، ما الذي يشدك للكتابة أكثر؟
• في كلّ وقت، يلذّ لي أن أكتب فليس لي وقت لأضيّعه في ما لا يعني.. ما أكتبه، لا أكتبه وحدي. فلأجدادي ضلع فيه ولأحفادي، أيضا. وحدي أرث التّاريخ وما أخفى. وحدي أتـحمّل هذا الإرث سعيدا، حدّ التّخمة، بالفردوس وما أخفى. من هذا الإرث، تـجيء كتاباتـي.

هل قلت كل شيء بالكتابة أو تريد أن تقول بعد؟
• كتاباتـي، لا همّ لـها إلاّ تلغيم القرية، قرية ماكلوهان بالممكن من حلمي. ما أكتبه، حرث في البحر، مـحاولة للقفز بـمنطاد الخفّاش إلى لبّ الموضوع، مباشرة: وتسألني: ماذا بعد؟ ما جدوى الشّعر؟ وأسأل بدوري: ما جدوى العيش بلا شعر؟ بل ما جدوى قلب لا ينبض؟ أو رأس لا يـحمل مشروعا لحياة من نوع خاصّ؟ أن نسمو بالإنسان إلى الهدف الأسمى: أعلى ما يبلغه الإنسان، هنا والآن، ذاك هو الهدف.. وهل قلت كلّ شيء وجوابي: لم أقل بعد ما أريد فما زالت في الرّأس أسئلة حارقة وطرق شائكة تغري سالكها في زمن الدّيستوبيا والزّلزال.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات