الكاتبة والفنانة التشكيلية والنحاتة الإماراتية مريم الزرعوني تكتب وترسم … وتنحت في الطين شكل الحياة … وحركة الإنسان في يومه وزمنه

08:43 صباحًا السبت 15 مايو 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

مريم الزرعوني، كاتبة وفنانة تشكيلية ونحاتة من الإمارات العربية المتحدة. حاصلة على شهادة البكالوريوس من كلية العلوم عن تخصص الأحياء. وعلى شهادة دبلوم متقدم في تصميم وادارة المجوهرات ــ الإمارات. كما تعلمت الفن ذاتياً، ثم طورت ذلك من خلال الإلتحاق بدورات معهد الشارقة للفنون.
عملت الزرعوني في مختبرات وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ــ الإمارات.

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه


صدر لها ديوان بعنوان “تمتمات”، ورواية لليافعين “رسالة هارفرد”. والى جانب اهتمامها بالكتابة والرسم، تعكف على ممارسة فن النحت بالطين، وأنتجت الكثير من الأعمال،بالطين، التي تجسد حياة الإنسان وحركته في الحياة والعمل والنشاط.
الشاعرة والفنانة والأديبة مريم الزرعوني أصدرت ديوانها الذي اشتمل على قصائد من الشعر الحر تحت عنوان “تمتمات”، جمعت فيه ثمرة أحاسيسها ومشاهداتها لبعض وقائع الحياة. وتقول انها صاغت في قصائدها :” أسئلة وجودية فكرية، حاولت من خلالها قراءة التفاصيل الأدق في الحياة. فالقصيدة بالنسبة لي هي جزء أساسي من مفهوم الحياة أو كيفية فهم الحياة وتالياً، كيفية ممارسة نشاط الحياة”.


أضافت قائلة :” ربما يستوقفنا في الحياة شيء من العبث ، ولا بد لهذا العبث أن يحمل معه أسئلة وجودية تشغل الكثيرين. فهل يمتدّ العبث اليوم في عالمنا، حتى يصل بيت الشعر و جسد القصيدة؟
في البدء أودّ أن أشكر اللغة أوالقصيدة على قدرتها في ايصال صورة المعنى كاملة.
نعم هذا العبث الذي ينتاب العالم و يتناوب على مشاعرنا، يعيد الشعر تشكيله في هيئة عشوائية أخرى تنم عن تماهٍ تام في لحظة النص، الذي يروق لي أن أسميه (الحالة)”.
وعن علاقتها بالشعر ،تقول : “حبّي للشعر و الأدب عموماً نابعٌ من حبيّ للغة العربية، و الذي بدأ من الطفولة بفضل والدتي التي لقنتني أول درس في تذوق الكلمات و المفاضلة بين المرادفات وهي تحكي لي القصص، كما أن لمعلمات اللغة العربية في سنيّ الدراسة الأولى الدور العظيم في تغذية هذا الحب”.


ربما يؤجل الكثير من الشعراء طباعة أعمالهم الجاهزة، مدة طويلة أحياناً بدافع التردد أو الخوف،لكن الأمر مع الشاعرة مريم يختلف نوعا ما :”لم أشعر بمثل هذا التردد أو الخوف،لكن ثمة حالة عشتها قبل اصدار كتابي وهي حالة طبيعية جدا.
لم يحدث بهذا الشكل. فهو ليس خوفاً، بل اكتفاءً. فقد كان الأمر لا يتجاوز الكتابة والنشر في وسائل التواصل الاجتماعي بين الأصدقاء دون أن أفكر للحظة بأن أقدم على خطوة الطباعة و النشر، لكن إصرار الأصدقاء و تشجيعهم دفعاني لهذه الخطوة الجريئة. ولكن في النهاية لا بد من مواجهة الآخر بالنص المكتوب”.

تصف الزرعوني ردة فعل المحيطين بها و المقربين، عقب صدور مولودها الشعريّ الأول ( تمتمات ) بردة الفعل الطبيعية والمشجعة:
” لقد تفاوتت ردود الأفعال. شعرت بفرحة الأصدقاء الحقيقيين عند الإعلان عن صدور الديوان و حرصهم على الحصول على نسخة منه، و بعضهم تكبّد عناء المسافة لحضور التوقيع، بينما البعض ممن كان يبدي استحساناً لما أكتبه، قد صمت صمتاً تاماً عند صدوره. و منهم بعض الأصدقاء المتعصبين للشعر العمودي و يكتبونه”.
“هل يسهم النقد في صقل موهبة الشاعر و تحسين نتاجه؟ ” ـــ تسأل الزرعوني وتجيب:
” نعم ،النقد قد يدفع بالشاعر نحو الأفضل إن جاء على هيئة توجيه و وقوف على مواطن الضعف، لكي يوليها المبدع اهتماماً أكبر. لكن في كثير من الأحيان يكون النقد هجوماً مغلفاً بهذه الكلمة الفضفاضة، و التي قلما يمارسها النقاد الآن على أصولها المعتبرة، فهي تخضع للتأويل و الانطباعات الشخصية على الأغلب”.
تعتبر الزرعوني أن (العبث) هو أساس يمكن الإرتكاز اليه في وعي الفن والكتابة:
“لأنه يمثل في نظري الحياة التي هي محض عبث، أو لنخفف من وقع الكلمة فسأقول” لعب” لا يعني فيه الربح أو الخسارة شيئاً، فقط لو توفر الدافع للمحاولة سيعقبها المتعة أو الألم، فالاكتفاء، ثم اللعب مرة أخرى. هي التجربة العشوائية التي تعلمناها في الرياضيات و التي تنجم عنها احتمالات الحياة المختلفة، ثم نعاود الكرّة و هكذا “.
ورد في احدى قصائد مريم ( مدارات حول الروح):
“و في الروح عشبٌ لا يصفرّ البتة” ، أي الأشياء تجعل روح مريم خضراء على الدوام؟
تسارع للجواب والقول : ” عشب الفن والأدب يجعلان روحي خضراء على الدوام. فطالما أنا بين دفتي كتاب، أو بين اللوحة ومع الطين، أو برفقة فيلم من روائع السينما، أو في رحلة مع النغم، فأنا بخير”.
في قصيدتها( القمر) تقول الزرعوني :” أيها القمر لست عن النقص بمنأى”. ولكنها في الكلام المباشر،خارج الشعر والقصيدة، تشرح وتقول :
“إن كل من يمتلك هبة من الخالق، فقد امتلك شيئاً من صفاته، فالقدرة على الإبداع و الخلق سواء على هيئة الشعر أو الرسم أو الموسيقى أو أي إبداعٍ آخر فقد حاز رقة و سعة في الخيال و الشعور؛ و هو (ربما) ما يعتبره الآخر ضعفاً، كما أنه يحوز قدرة على التركيب و التكوين. و هذا عامل القوة لديه. فالشاعر يملك القوة التي تقود ضعفه نحو الجمال الذي يقربه درجات من المثالية لا الكمال على وجه التحديد”.

أشياء ومواهب وأفعال كثيرة تستهويها مريم في الحياة، فبالإضافة إلى الكتابة ترسم وتلون وتنحت، فأين تجد نفسها أكثر بين هذه الأفعال والمواهب؟
تقول :”النحت هو العالم الذي لو تركت فيه لوحدي لاكتفيت. النحت الذي أخوض غماره هو عمل هاديء لكنه يحتوي على مجهود ابداعي كبير. خصوصاً أنني أستعمل مادة الطين، وأحولها الى أشكال تكاد تكون ناطقة. أشكال الحياة والإنسان.
أما الفن ــ الرسم ، فهو بمثابة المرآة لمريم، ذلك أنه “يمثل الترجمة الصورية الفاعلة التي تنتجها العين بعد أن تمر بقنوات الروح والعقل… اللوحة وألوانها وخطوطها وأشكالها، هي جزء من واقع سري دفين في الروح، صور تتزاحم في الخيال، ولا يمكن لأحد ترجمتها ، الا ذاك العقل المفتون بوعي الحياة وجمالها، وذاك الإنسان الذي يحمل في روحه منارة واسعة، تكاد تنير درب الحياة كلها…”
وتبقى الكتابة هي المحرك الأكبر لكل نبضة ابداع في حياة مريم:”الكتابة هي الأساس وهي الفعل وهي العمل. تتفاعل كل الفنون من خلال الريشة والقلم، والحروف والكلمات هي الحقل الذي يستوي في كل مناخ فكري. اللغة هي المسافة الضرورية للسير والوصول، وهي المساحة الواس عة التي نصلها ولا نستكين في واحاتها، نلهو ونلعب، نضحك ونبكي، نصمت ونصرخ،باللغة والكلام والحروف..”

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات