فيديريكو غارسيا لوركا: نيويورك (المكتبُ والشَّجبُ)

09:47 صباحًا الثلاثاء 13 يوليو 2021
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

ترجمةُ: محمَّد حِلمي الرِّيشة*

“الشّاعر في نيويورك”، هو أحد أهمّ أعمال المؤلّف الإسبانيّ “فيديريكو غارسيا لوركا” (5/6/1898-18/8/1936)، وهو مجموعة من القصائد تمّ تأليفها أثناء زيارة الشّاعر جامعة “كولومبيا” في “نيويورك” بين العامين (1929) و(1930). أثناء إقامته، انهارت البورصة في أكتوبر (1929)، وهو حدثٌ أثّر بعمق على رؤيته الشّعريّة. بعد إقامته في “نيويورك”، سافر “لوركا” إلى “كوبا”، حيث كتب إحدى القصائد الموجودة في كتابه: “هُمْ سودٌ فِي كوبا”، قبل العودة إلى “إسبانيا”. لم يتم نشر هذا الكتاب حتّى العام (1940)، بعد وفاة “لوركا”. بسبب دكتاتوريّة “فرانكو”، صدر في الأصل في “المكسيك” و”الولايات المتّحدة” مترجَمًا من قبل “رولف همفريز”.  

تحتَ الضَّرباتِ،

قطرةٌ مِن دمِ البطِّ؛

تحتَ الانقساماتِ،

قطرةٌ مِن دمِ البحَّارِ؛

تحتَ الإِضافاتِ،

نهرٌ منَ الدَّمِ الرَّقيقِ.

نهرٌ يغنِّي ويتدفَّقُ

عبرَ غرفِ النَّومِ فِي الأَحياءِ—

وأَموالُها، والإِسمنتُ أَو الرِّيحُ

فِي الفجرِ الكاذبِ لنيويوركَ.

أَعرفُ أَنَّ هناكَ جبالًا ونظَّاراتٍ

وحكمةً. لكنِّي لمْ آتِ لرؤيةِ السَّماءِ.

أَنا هُنا لأَرى الدَّمَ الملبَّدَ بالغيومِ،

الدَّمَ الَّذي يمسحُ الآلاتِ فوقَ الشَّلالاتِ

والرُّوحَ نحوَ لسانِ أَفعى الكوبرا.

كلَّ يومٍ فِي نيويوركَ

يذبحونَ أَربعةَ ملايينَ بطَّةٍ،

وخمسةَ ملايينَ خنزيرٍ،

وأَلفَي حَمامةٍ لأَجلِ المتعةِ،

ومليونَ بقرةٍ، ومليونَ حمَلٍ،

ومليونَي ديكٍ

حيثُ تتركُ السَّماءَ محطمَّةً.

.

منَ الأَفضلِ أَنْ تنتحبَ أَثناءَ شحذِ النَّصلِ

أَو أَثناءَ كلابِ القتلِ فِي الصَّيدِ الهذيانِي

بدلًا منَ أَنْ تقاومَ عندَ الفجرِ

قطاراتِ الحليبِ الَّتي لَا نهايةَ لهَا،

وقطاراتِ الدَّمِ الَّتي لَا نهايةَ لهَا،

وقطاراتِ الورودِ المقيَّدةِ مِن قبلِ تجّارِ العطورِ.

البطُّ والحمامُ،

والخنازيرُ والحِملانُ،

تركوا قطراتٍ منَ الدَّمِ تحتَ الضَّرباتِ،

وخوارُ البقرِ المرعبُ

يملأُ الوادَ بالأَسى

بينَما يشربُ “هدسون” منَ الزَّيتِ.

.

أَشجبُ كلَّ أُولئكَ الَّذينَ لمْ يفكِّروا مطلقًا

بالنِّصفِ الآخرِ؛

النِّصفِ غيرِ القابلِ للإِصلاحِ،

الَّذينَ يرفعونَ جبالهم الإِسمنتيَّةَ

حيثُ تنبضُ قلوبُ الحيواناتِ المنسيَّةِ،

وحيثُ نسقطُ كلُّنا

في المهرجانِ الأَخيرِ لآلاتِ ثقبِ الصُّخورِ.

أَبصقُ علَى وجوهِكمْ.

النِّصفُ الآخرُ يسمعُونَني،

يأْكلونَ، ويتبوَّلونَ، ويطيرونَ بنقاوتِهمْ

مثلَ أَطفالٍ يحملونَ أَغصانًا واهيةً

إِلى ثقوبٍ حيث تصدأُ هوائيَّاتُ الحشراتِ.

هذَا ليسَ جحيمًا. هذَا هوَ الشَّارعُ.

ذلكَ ليسَ الموتُ. ذلكَ موقفُ الفاكهةِ.

هناكَ أَنهارٌ معطَّلةٌ ومسافاتٌ بعيدةُ المنالِ

فِي مخلبِ قطَّةٍ حطَّمتْهُ سيَّارةٌ،

وأَسمعُ أُغنيةَ دودةِ الأَرضِ

فِي قلوبِ كثيرٍ منَ الفتياتِ الصَّغيراتِ.

الصَّدأُ، والتَّخميرُ، والزلازل.

أَنتَ نفسُكَ انجرافُ الأَرضِ بينَ الأَرقامِ فِي المكتبِ.

ماذَا سأَفعلُ؟ أَأَضعُ المناظرَ الطَّبيعيَّةَ فِي أَماكنِها الصَّحيحةِ؟

أَأُرتِّبُ الحبَّ الَّذي يتحوَّلُ بسرعةٍ إِلى صورٍ،

ثمَّ يصيرُ قطعًا منَ الخشبِ ولُقماتٍ منَ الدَّمِ؟

.

هلْ ينبغِي لنَا مِن بَعدُ أَنْ نعبدَ دمَ الأَرنبِ

بجانبِ برجِ الكنيسةِ؟ لَا، لَا، أَنا أُندِّدُ،

وأَشجبُ مؤامرةَ هذهِ المكاتبِ المهجورةِ

الَّتي تمحُو هندسةَ الغابةِ بالعذابِ،

وأَعرضُ نفْسي كغذاءٍ للأَبقارِ جافَّةِ الحليبِ

بينَما يملأُ خوارُها الوادَ

و”هدسون” يشربُ منَ الزَّيتِ.

(ترجمَها عنِ الإِسبانيَّةِ إِلى الإِنجليزيَّةِ: مايكل سيمز)

* شاعرٌ وباحثٌ ومترجمٌ مِن فلسطينَ المحتلَّةِ.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات