الشاعر اللبناني إلياس لحود … سوريالية فائقة بخصوصية رائدة

08:19 صباحًا الأربعاء 14 يوليو 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

تتميز قصيدة الشاعر اللبناني الياس لحود بخصوصية، ذلك ان هموم الشاعر متلازمة مع الزمن والدهشة هي العامل الدائم الذي يحرك هذه القصائد. وفي كتابه «قصائد باريس» كتب الشاعر هذه الدهشة بلغة مفعمة بالتفاصيل الواسعة. وكما كُتبه السابقة، حاذر لحود الوصول الى جواب العقل بقدر ما حاول التوقف عند فاصلة كبيرة، تفصل بين الحياة والموت، بين اليقظة والنوم، بين الحضور والغياب.

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه

تجربة الشاعر غنية بالمحطات التي انتجت قصائد أحدثت نقاشاً في الوسط الثقافي كقصيدته «الاناء والراهبة» التي اصدرها سابقاً. ولأنها تجربة تستحق المتابعة، التقيت بصديقي الشاعر المميز واجريت معه الحوار الاتي:
• ماذا تقول عن تجربتك الشعرية التي ما زالت تحافظ على وتيرة الدهشة داخل حروفها؟

  • أعتقد ان الحديث عن التجربة الشعرية لا يجوز في هذه العجالة التي تولد في الكلام السريع. انها تجربة كبيرة وواسعة ويجب ان يكون الكلام عليها مثلها، اي ان التجربة تستحق الكثير من الصفحات، وقد يلزم الامر كتاباً كاملاً لعرض انجازات هذه التجربة ووقائعها وأحداثها. ولكن اذا كان لا بد من كلام هنا على التجربة، اقول ان تجربتي الشعرية انتاج حياة كاملة عشتها بحلوها ومرّها، واستطعت عبر قصائدي وأعمالي تحقيق اللغة التي كانت كافية لحفظ كل ما آلت اليه تفاصيل الحياة. وأعتقد ان القصيدة هي التي اعطتني مناخاً جارفاً، ساهم في تمتين علاقتي مع الحياة نفسها، مع الانسان، مع ظنون المعرفة الكبيرة وسواها. تجربتي الشعرية عميقة وتتخذ من اللغة مدخلاً للوصل والوصول، وصل ما انقطع مع التاريخ والانسان، والوصول الى قلب الحياة النابض. وعلى المستوى التقني، انطلقت وفق نظام خاص اعطى لقصيدتي لغتها التي تشبهها تماماً، وهذا في رأيي هو انجاز كبير مُلقى على عاتق الشاعر بل هو ضرورة شعرية بامتياز.
    • كأنك شاعر ينأى عن التجارب المُجايلة؟
  • النأي ضرورة، فليس مسموحاً للشاعر بان يكون نسخة طبق الاصل من غيره من الشعراء، حتى خارج جيله، وهذه سمة رئيسية للشاعر. ان ينأى الشاعر ضمن شاعريته المتفردة فهذا امر بالغ الأهمية، ويؤكد استمرار الحياة وفق اصولها الشعرية. القصيدة بالنسبة الي هي فعل مُبرمج ولكن ضمن آلية الشاعر وليس ضمن أي معنى آخر، وحين ينجح الشاعر في بلورة روح المعنى، فانه حتماً سيلامس مساحة الحياة الصافية ويرفع من وتيرة تأثيرها في عمره وعمر من يحيا معهم.
    • أما زالت تجربتك او قصيدتك نابضة بحيويتها، وكيف تنغمس هذه القصيدة في تطورات الحاضر وربما المستقبل؟
  • اصلاً القصيدة هي التي تتنبأ وتالياً، هي على علاقة وثيقة مع المستقبل. وبالطبع هي قصيدة ترسم الواقع ان لم تهندسه وتالياً، تنغرس عميقاً في مساحة التطور الذي يأتي به الحاضر او المستقبل. وقصيدتي تسلك هذا المدار الذي يحفظ لها خط التواصل بين الازمنة من دون ان تخرج قيد انملة عن هذا المجرى او هذا التحول المنطقي للحياة.

• هل يصح القول ان قصيدتك هي قصيدة كل الأزمنة؟

  • لا احب الحديث كثيراً عن قصيدتي، ولكنكم تجعلونني اتمسك اكثر بخصوصية الكلام والقول: قصيدتي تبقى في دائرة معناها وفي دائرة شكلها ولا تحيد ابداً عن هذا السياق، وربما يولد الامر تطابقاً بين القصيدة وزمنها، القصيدة وما يحدث في مجريات الزمن. واذا تطابق هذا مع ذاك، فان قصيدتي هي الصدى الطبيعي لهذا التطور الذي تحدثت عنه سابقا،ً وتالياً يمكن الاهتداء الى هذا العبور الزمني الذي تسلكه قصيدتي. بمعنى آخر، يمكن القول ان القصيدة تكاد تكون ظلال المستقبل، وهذا امر لا لبس فيه، والتجارب كثيرة لاثبات ذلك، فثمة شعراء كبار تنبأوا بما سيحدث.

• اما زال الشعر مؤثراً في واقعه اليوم، او انه بات وراء هذا الواقع ولم يعد يحمل صفة الرائد في الحياة؟

  • لست ميالاً الى تفسيرات ونقاشات تضع الشعر في تهمة ما. اعتقد ان الشعر ما زال في موقعه، وتأثيره واضح على الانسان. صحيح ان الحياة تغيرت كثيراً وأخذت بعداً مختلفاً، ولكن ما زالت القصيدة منخرطة داخل هذا الامر، داخل كل التأثيرات والتأثرات التي تلامس الانسان. وأعتقد جازماً ان القصيدة ما زالت حاجة لكل الفنون وخصوصاً الفنون الحديثة. فالصورة المرئية اليوم وقبلاً وسابقاً ومستقبلاً تحتاج الى الومضة الشعرية. الموسيقى وعظمتها لا يتلقّفها المهتم الا اذا وجد فيها نفحة شعر وشاعرية. أغلب الفنون تحتاج الى الشعر وليس العكس ابداً. من هذا المنطلق، اعتقد ان الشعر هو الزمن الحقيقي للحياة. ولا اغالي بكلامي هذا، ذلك ان القصيدة ما زالت الى يومنا الشاهد الاصيل لديمومة الحياة، الحياة بما تمثّل من مفاجآت للانسان والعاطفة التي يتأسس فيها زمن الانسان ووعيه.

• هل تعتبر انك قلت كل شيء في تجربتك الشعرية، ام ان الذي قلته ما زال في اوله؟

  • اعتقد انني قلت شيئاً من داخل الحياة، وطرحت الكثير من الافكار والصور، ولامست ذروة الحياة عبر قصيدتي، ولكنني حتى هذه اللحظة اشعر بأنني على وشك الولادة الشعرية، على وشك الذهاب الى الفردوس الذي تبشرنا به القصيدة والشعر. فكلما كتبتُ قصيدة تفتح المسافة الشعرية فمها وتلتهمني. كلما نطقتُ بحرف شعري قالت القصيدة: انا هناك، تعال اليّ ايها الشاعر لنرسم اللون على جبين الحياة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات