قصر الاتحادية، عامان بعد المائوية

12:50 مساءً الأربعاء 19 ديسمبر 2012
سماح أبو بكر عزت

سماح أبو بكر عزت

كاتبة بجريدة الوطن المصرية ومجلة العربى الصغير الكويتية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

 

قصر الإتحادية كان فندق هليوبوليس بالاس قبل أكثر من قرن

منذ بداية شهر ديسمبر و هذا المكان ساحة صراع بين مستقبل يحلم وماض يتشبث ، انه قصر الإتحادية الذى صار الآن يفرق لا يوحد ، تزاحمت الغيوم على ساحة القصر و تزاحم معها الشقاق والشجار ، وعندما إحتمى طلاب المستقبل بخيامهم الواهنة من برد الشتاء و برد التجاهل ، طارت الأحلام و تبخرت الأمانى …

البارون، مؤسس القصر

قصر الإتحادية  أو فندق هليوبوليس بالاس ،.. قصة مبنى عمره 102 عام ، كان مهده فى حى مصر الجديدة الوليد الذى أنشأه البلجيكى (البارون امبان )عام 1905 م ، و قد إشترطت الحكومة المصرية وقتها على البارون عند منحه امتياز إستغلال أراضى صحراء العباسية ، التى صارت فيما بعد ” هليو بوليس ” إشترطت إنشاء فنادق ، و بالفعل فى عام 1908 كانت بداية إنشاء فندق هليوبوليس بالاس على يد المهندس البليجيكى ( جاسبار ) ليصبح بعد افتتاحه فى نهاية عام 1910م احد معالم ضاحية مصر الجديدة تتسع قاعاته  لخمسة الاف شخص ويضم 300 غرفة و 50 نجاحا فخما لكبار الضيوف و الشخصيات ..

و بالطبع لم يكن يتخيل المهندس البلجيكى جاسبار و هو يضع لمساته الفنية فى هذه التحفة المعمارية ، فندق هليوبوليس بالاس الذى راعى فيه الجمال و الطابع الشرقى ، انه سوف يتحول يوما الى شبه ثكنة عسكرية تستقبل الجنود الجرحى بدلا من استقبال الضيوف من السائحين ، ويتردد بين جدرانه أنين المرضى بدلاً من نغمات الموسيقى الحالمة … فعقب اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914م ، و التى تأثرت بها مصر بصورة مباشرة حيث أعلنت بريطانيا الحماية على البلاد لتفصلها بذلك رسمياً عن الدولة العثمانية فى ذات الوقت الذى حولت فيه بريطانيا مصر الى قاعدة لتجميع قواتها الحربية وقوات حلفائها ، وكان فندق هليوبوليس بالاس من الأماكن التى طالتها يد جيش الإحتلال اثناء الحرب نظراً لحاجة بريطانيا الشديدة لمستشفيات لإستقبال الجرحى من قواتها أو قوات الحلفاء ، ليتحول الفندق لمستشفى عسكرى يستقبل الجرحى من الحلفاء خاصة قوات الجيش الإسترالى ، و تمر الاعوام و للمرة الثانية يطل علينا فندق هليوبوليس بالاس من خلف الأحداث مغيراً ثوبه وهيئته من مكان يستقبل السائحين ، لمكان تخيم عليه اجواء الحرب ، لتجرى فى أروقة حديقته الجميلة عربات الإسعاف تحمل الجرحى من المحاربين عقب إندلاع الحرب العالمية الثانية والتى التزمت فيها الحكومة المصرية بقتضى معاهدة 1936م ، بمساعدة القوات البريطانية عند حدوث خطر او هجوم على البلاد و تقديم كافة ما يلزم لمساندتها ، لتصبح مرافق البلاد كما حدث فى الحرب العالمية الاولى تحت تصرف قوات الجيش البريطانى خلال الحرب العالمية الثانية ، وهو ما اشارت له جريدة التايمز البريطانية فى صفحاتها عام 1942م فقالت ..

( ان كثيراً من الناس لا يدركون مبلغ ما تدين به الجيوش البريطانية فى مصر للحكومة المصرية و انها وضعت موانئ البلاد و بعض المرافق الأخرى تحت تصرفها )

وبإنتهاء أحداث الحرب العالمية الثانية ، عادت الأضواء تتلألأ فى بهو فندق هليوبوليس بالاس  ليمارس دوره لفندق سياحى تحتضن اروقته ضيوف مصر بكل الحفاوة و الترحاب ..

مشاهد حافلة للقصر العامر

و تمر السنون ، و يطوى النسيان فندق هليوبوليس الرائع فترة من الزمن ، ليعود مرة اخرى لمسرح الأحداث مرتدياً الثياب الرسمية عام 1958م ، عقب إعلان الوحدة المصرية السورية كمقر للحكومة المركزية ، و يستمر فى اداء دوره الرسمى ليصبح فى يناير عام 1972م ، مقراً لإتحاد الجمهوريات العربية التى كانت تضم كل من مصر وسوريا و ليبيا فى عصر الرئيس انور السادات و من هنا جاءت تسميته بقصر الإتحادية الذى كان قدره ان يضحى دائما ، تتألم احجاره و هى تشاهد ابناء هذا الوطن فى حالة من الصراع والتفكك الشاهد الأول عليها اسوار قصر الإتحادية ..

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات