قطاع الصناعات التقليدية التونسي ومشاركة هامة لتثمين الموارد الغابية

08:22 صباحًا الأحد 28 مايو 2023
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

1.2 مليون مواطن تونسي يعيشون على 1.2 مليون هكتار من الغابات تعد إحدى أهم الكنوز التونسية وعلى الرغم من ذلك ولسنوات طوال عاشوا ظروفا قاسية و تهميشا غير عادل خلال الحقب الماضية بالإضافة للظروف المناخية المتقلبة في الغابات و المناطق الجبلية، و هو ما دفع الدولة للمبادرة بتغيير تلك الظروف و تحسين أوضاع أولئك المواطنين الذين يمثلون 10% من الشعب التونسي يعيشون على 10% من مساحة الأراضي التونسية و أكثرها ثراء و تنوعا ..

و كان في مقدمة من أخذوا زمام تلك المبادرة قطاع الصناعات التقليدية التونسي بالتعاون مع وزارة الشئون الاجتماعية والولايات لإحداث شركات أهلية لتثمين الموارد الغابية .. حيث توجد 60% من الأيدي العاملة النشيطة في وسط ريفي 100% و موارد طبيعية غابية متنوعة تتمتع بميزات تفاضلية هامة يعرقلها تعدد المتدخلين و غياب التنسيق، و عوائق هيكيلية و تشريعية، تهديدات بيئية و أمنية، و غياب نسيج إقتصادي مهيكل يرتكز على إحصائيات دقيقة .. و هو ما دفع الدولة من خلال مؤسساتها المختصة لتغيير ذلك الواقع من خلال الشركات الأهلية من خلال تجربة ناجحة و مبشرة .. بعد أن كانت تكلف ميزانية الدولة في السابق رقما مذهلا مقارنة بالمردود الفعلي الضعيف ..

_ و بدعوة كريمة من قطاع الصناعات التقليدية – المجلس الجهوي للسياحة بزغوان .. كانت آسيا إن على موعد لحضور الجلسة الإنتخابية و الإشراف على الإعلان الرسمي لإحداث شركة أهلية لتثمين الموارد الغابية بقرية ” أم الأبواب ” بالقرب من ” سد وادي الكبير ” بمنطقة ” العمايم ” التابعة لمعتمدية ” الفحص ” بولاية ” زغوان ” .. و إختيار ممثلي السكان المحليين بحضور السيد ” محمد العش” والي زغوان، و السيد “سفيان قربوچ” المندوب الجهوي للصناعات التقليدية بولاية زغوان، و السادة مستشاري وزير الشئون الإجتماعية ..، حيث رافق الإنتخابات و الإعلان عن إحداث الشركة الأهلية معرضا للمنتجات المحلية المختلفة  لسكان الغابة بالمنطقة الجبلية بما في ذلك أنواع مميزة من الأعشاب التي تجود بها الغابة .. ذات الفوائد الطبية و العطرية و الغذائية التي يقوم السكان المحليين بجنيها ..

تميز الإحتفال بحماس السكان المحليين و سعادتهم و جدية المشاركين رغم المناخ شبه العاصف و المطير، و أكد المسئولون خلال كلماتهم على بدء عهد جديد للسكان المحليين للغابات من خلال تلك الشركات التي ستكون سببا في إنتفاع السكان بثرواتهم و تمتعهم بالضمان الإجتماعي فضلا عن المحافظة على الغابات بواسطة سكانها و تطوير طرق الجني الذي يضمن تنمية تلك الثروة الكبيرة ..

– إنطلاق المشروع و الأهداف :

عقب الجلسة الإنتخابية و الإعلان الرسمي عن الشركة الذي تزامن موعدهما مع إختتام ” مهرجان النسري ” بمدينة ” زغوان ” عاصمة الولاية .. إنتقلنا إلى مدينة زغوان ليكون لنا لقاء خاص مع السيد “سفيان قربوج” المندوب الجهوي للصناعات التقليدية بولاية زغوان و الذي شغل عدة مناصب هامة ضمنها تمثيلا دوليا عن تونس و لها علاقة مباشرة بمشروعات التنمية و الحوكمة .. فضلا عن علاقته المباشرة بمشروع الشركات الأهلية و تجربته معها منذ بدايتها ..

في لقاء إستغرق ما يربو على الساعة و نصف قبل حضور حفل إختتام “مهرجان النسري” روى لنا “سفيان قربوج” قصة الغابات و سكانها منذ 1962 تاريخ إحداث “مجلة الغابات” ( القانون أو القواعد الخاصة بتنظيمها ) و كيف كانت تستغل الغابات من كيانات أو أشخاص عن طريق ما يطلق عليه نظام ( البتة ) الذي لا يوفر ضمانا إجتماعيا للسكان المحليين، و لا دخلا جيدا، بالإضافة لطرق الجني الجائر و إستغلال بعض المستفيدين من هذا النظام لمساحات أكبر من التي تم تخصيصها لهم .. و من ثم إستمر تهميش تلك المناطق التي عانى سكانها المحليين شظف العيش و تغلغل الفكر الظلامي الإرهابي في تلك المناطق النائية ..، لذا كانت مبادرة ٱحداث الشركات الأهلية التي تضمن حقوق سكان الجبال الغابية من خلال ممثلين عنهم في تلك الشركات مع مؤسسات الدولة مثل الصناعات التقليدية، و وزارة الشئون الإجتماعية، و الولاية، كما توفر هذه الشركات حماية الغابات و تعزيز منتجاتها، و ضمان ديمومة

النشاط و إستمراريته، و توفير مواطن  شغل لكافة السكان خاصة من النساء و حملة الشهائد العليا، و ذلك من أجل ضمان النسيج الإقتصادي و الإستغلال الأقصى للموارد دون المساس بالمدخرات الإستراتيجية ..

و يرتكز مشروع الشركات الأهلية على عدة محاور أهمها : استكشاف القيمة المضافة، و التسويق، و المحور الاجتماعي، و المحور الاقتصادي ..

فيديو تصريحات والي زغوان ، وفيديو سفيان قربوج مندوب الصناعة التقليدية

– و أكد لنا المندوب الجهوي للصناعات التقليدية على مساعي الدولة لإعادة استكشاف الأسواق الخارجية من أجل حصول تونس على حصة أكبر من السوق الدولية، و تحديد مجال النشاط انطلاقا من المقدرات الفعلية الموجودة، و وضع برنامج للإحاطة الفنية و المالية ..

و قد نجحت تجربة إحداث الشركات الأهلية في عدة ولايات منها على سبيل المثال لا الحصر .. في ” سجنان ” بولاية بنزرت، و في ولاية ” القصرين ” .. حيث وصل الدخل الإسبوعي لبعض عاملات الجني إلى 1000 دينار إسبوعيا أي أربعة الاف دينار شهريا و كانت كل منهن لا تتحصل على عشر هذا المبلغ فيما سبق .. وذلك بفضل إحداث الشركات الأهلية و سياسة تسعير المنتج الغابي الجديدة .. فضلا عن إقتطاع نسبة توفر لهن الضمان الإجتماعي الأمر الذي إنعكس على حياة السكان المحليين على كافة الصعد لكي يبدأ عهد جديد لتلك الأصقاع ينتشلها من التهميش و محاولات الإرهاب للتغلغل هناك ..

و وعد في نهاية اللقاء بتنظيم لقاءات مع عاملات الجني اللائي إستفدن من تلك التجربة الواعدة للشركات الأهلية التي يمكنها تغيير حياة عُشر سكان تونس إلى الأفضل

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات