قد يظن من يقرأ هذا العنوان الذي ذكرنا فيه حذاء السيدة العظيمة الخَيرة “تحية كاريوكا” أننا سنتحدث عن تلك الروايات أو حتى الحقائق التي وردت عبر حكايا البعض عن الملوك و الأمراء و الباشوات من محبي و معجبي الست “تحية كاريوكا” الذي احتسوا الشامبانيا أو حتى العرقسوس في حذاء “تحية كاريوكا” ..
فيما قد يتصور البعض أنه عنوان رمزي مخاتل يتوسل ادعاء فلسفة مزعومة .. بينما أن الأمر لا هذا و لا ذاك .. و لو كان الأمر بيدي لطالبت منذ زمن ورثة السيدة “تحية كاريوكا” بالتبرع “بأحذيتها التاريخية”* لمتحف خاص توضع فيه مع مقتنياتها .. فما هي حكاية “أحذية تحية كاريوكا التاريخية” ..
حدثت عام 1956 في “مهرجان كان” و كان ضمن المشاركة المصرية فيلم “شباب إمرأة” بطولة “تحية كاريوكا” و “شكري سرحان” ، و للفت الأنظار و كدعاية لمصر و مشاركتها إرتدت “تحية كاريوكا” “الملاية اللف السوداء” المصرية الشهيرة .. و “الشبشب أبو وردة” الذي تشتهر به بنات البلد .. و قد نجحت حيلتها الذكية في لفت الأنظار بشدة لمصر و وفدها في المهرجان ..
و خلال فعاليات المهرجان أقامت مصر جناحا لها و وجهت الدعوات لكافة الوفود المشاركة ، و ضمن تلك الوفود بطبيعة الحال الوفد الأمريكي الذي كانت من ضمن المشاركين فيه النجمة الأمريكية “سوزان هيوارد” .. التي ما أن تلقت الدعوة الورقية للجناح المصري حتى مزقتها و داستها بقدميها و خطبت في الحضور متحدثة عن العرب الهمج الحيوانات الذي ينكرون حق اليهود في ( وطن ) لهم فما كان من صاحبة الشهامة و النخوة و الوطنية “الست تحية كاريوكا” إلا أن توجهت اليها على الفور و هوت على رأسها “بحذائها الشريف” الذي لابد و أنه دُنس حين لامس رأس “سوزان هيوارد” التي ولت هاربة أمام الهجوم المباغت لهذا الوحش المصري الكاسر الذي تجلت فيه روح الآلهة المصرية القديمة “سخمت”* آلهة الحرب و الدمار و الإنتقام لدى المصريين القدماء ..
تلك الواقعة حدثت عام 1953 تقريبا في فندق سيميراميس القديم الذي يشرف على النهر الخالد .. آنذاك كانت سيدة الشاشة العربية “فاتن حمامة” ساهرة مع زوجها المخرج “عز الدين ذو الفقار” و مجموعة من أصدقائهم الفنانين في ” النايت كلوب ” فتقدم منها سائح أمريكي في حالة سكر شديد طالبا منها أن تشاركه الرقص فإعتذرت “فاتن حمامة” .. فعاد السائح الأمريكي يطلب أن تراقصه بإلحاح و هي ترفض فحاول جذبها لتراقصه بالقوة و هو يكيل لها و للنساء المصريات السباب .. فكان سلاح “تحية كاريوكا” الفتاك حاضرا ذلك “الحذاء الشريف” الذي أصاب الأمريكي الوقح في عينه و هو يصرخ مطالبا بالقاء القبض على “تحية كاريوكا” ليرفع عليها قضية يطالبها فيها بالتعويض ، و يروى أن إدارة الفندق قامت بتهريبها .. ليتضح فيما بعد أن ذلك السائح الأمريكي هو عضو بارز في الكونجرس ، و قد التقت به بعدها بسنوات الفنانة الكبيرة ” تحية كاريوكا ” في إحدى الحفلات التي أقامتها السفارة الأمريكية ..
الواقعة الثالثة كانت مع من أطلق عليه ” الذئب الأغبر” الزعيم التركي “مصطفى كمال أتاتورك” .. حيث رفضت ” تحية كاريوكا ” الرقص أمامه و في بلاده رغم توسلات متعهد الحفلات التركي الذي نظم رحلتها الفنية لتركيا ، و كان السبب في رفضها هو ما ذكرته ” كاريوكا ” لمتعهد الحفلات إذ قالت له منذ عامين أو ثلاثة في إحتفال العيد الوطني لتركيا أخذ ” أتاتورك ” يصيح بصلف و تجبر على السفير المصري ” عبد الملك باشا حمزة ” مطالبا أياه بخلع الطربوش مثل بقية السفراء الذين تخلوا عن أغطية رؤوسهم .. ، و كان الطربوش آنذاك رمزا لإستقلال مصر .. ، و أصرت ” تحية كاريوكا ” على إحراج و أهانة من أعتبرت أنه أحرج سفير بلادها و أهانه .. ، فلم يكن من صاحبة المروؤة و النخوة و الشهامة إلا أن ردت على ” أتاتورك ” بالمثل و في بلاده ..
لماذا الآن ؟ .. كل ما سطرناه آنفا كتب مثله و أكثر في مناقب تلك السيدة العظيمة .. فلماذا نعيده اليوم ؟ ..
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.