“كيف الكاف “…مسارات الحضارة والتاريخ والأساطير والثقافات |1|

02:35 مساءً الأربعاء 25 أكتوبر 2023
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

-” كيف الكاف “سواء كانت” كيف “بمعني مثل أو بمعنى (المزاج الجيد) فستدرك مبتغاك في الكاف العالية تلك المدينة التي منحت إسمها للولاية بأكملها والتي تضم مدن مهمة تجعلها درة تاج الشمال الغربي التونسي، وكيف لا وهذه المدينة متعددة الأسماء والتي ربما كان أخرها “سيكافينريا” قبل أن تتحول مع اللسان العربي إلى “الكاف” كانت عاصمة “نوميديا” القديمة..

  • الكاف العالية التي تعانق السحاب تواصل طريقك لها صعودا بمجرد أن تغادر مدن “السلوقية” و “تستمر” مرورا بمدينة “تبرسق” وما بعدها، سهول رائعة وجبال شاهقة وغابات في الطريق تسكنها الأساطير والفنون حيث تتلاقح الميثولوجيا والثقافات بروافدها لتمنحنا سحرا فوق سحر..
    حدائق “تستور الغناء الحافلة بالرمان و “عود رقيق” تكمل مشهد حقول الزراعات الكبرى في الكاف ، و موسيقى “الكاف” و غنائه في الشمال الغربي الذي يتنافس مع موسيقى و غناء “ڨفصة” في الجنوب الغربي .. يصنع مشهدا مكتملا مع “المألوف” و الموسيقي الأندلسية مع جارته “تستور” القريبة.. حيث يتكامل الشمال الغربي ويذوب الكل في واحد..
  • هناك في “الكاف” حيث تختلط قصص الحياة اليومية و معاناتها بالملاحم و الأساطير .. ، دراما الحياة اليومية التي يحولها المخيال الشعبي بعبقريته الفطرية إلى كوميديا أو ميلودراما أو حتى تراجيديا تتأتى من وعورة التضاريس ، و الجفاف الطارئ ، و هجير الصيف الجبلي ، و شتاء الكاف القارس ، و غارات قبائل الوسط و السباسب الكبرى لسلب الأغنام أو سبي النساء خلسة في عصور قديمة تركت اثرها في الموروث الإبداعي ، و ظلمة الغابات الكثيفة في رابعةالنهار ذلك الرحم الخصب الذي تولد منه الأسطورة ، و مصارع العشاق كلما حل شتاء قارس بعد ربيع سندسي و صيف ترطبه النسمة الكافية.. و يضحى تنائيهم بديلا عن تدانيهم .. كل هذا الثراء الإنساني الإجتماعي الإيكولوجي خلق ميثولوجيا غزيرة و فولكلور ثري يغني ل “وحش السرا و بروده” عندما تنعزل منطقة “سرى ورتان” في الشتاءالقارس البرد، ويحتفي بأمطار الخير كلما مر “الغيم المروق على جبال الكاف”، أو كلما أدركتهم نيران الجوى مع “غيم العشوة” حيث يستحيل “حصحاص الكاف إلى بخور جاوي” يسكر المعشوق والعاشق معا ليذوب الكل في الكل وكأن الجميع في حالة وجد صوفي لا تعرف فيه إن كانت عذابات العشاق من القرب الشديد إلى درجة الانصهار والذوبان، أم من النأي الشديد إلى حد التفتت والتبدد في عالم الذر والنسيان..
  • وربما كان كل ماذكرناه انفا سببا في الهام مجموعة من الشباب المنخرطين في “ميوزيوم لاب” بفكرة إقامة تظاهرة تحمل إسم “كيف الكاف” عمودها الفقري “مسارات” مختلفة تعرف بحضارة الكاف وتكشف عن كنوزها على كافة الصعد لتعرف القاصي والداني بها…
    ويتكون هذا الفريق مما يلي:
    أولا.. الفريق الدائم: “حاتم دريسي ” مؤسس شريك ومدير، “Julie Jeantet” مسئولة عن مشروع وعن التطوير، “شهرزاد الأدهمي” مسئولة اتصال، “محمد على رجيبي” مختص في الوسائط الرقمية، “هيفاء خليفي” مسئولة لوجستيات، “مريم زرزري” مسئولة تدريب “بالليموني”، “مروي فضلي” مسئولة تدريب “بالليموني”، “محمد تليلي” مؤرخ، “Aurelie Machghoul” خبيرة في الإتصالات والوساطة، “سوار شرطاوي” محاسبة..

ثانيا.. للحدث:
“آمنة السويسي”.. منسقة، “سليم عاشور” منسق تقني، “فراس مومني” تقني..

  • مسالك.. للكاف دروب عشق:
    كان مجموعة “ميوزيوم لاب” قد إرتأت التعريف بحضارة الكاف، وثقافتها بروافدها، والحياة فيها على مختلف الصعد من خلال تلك “المسالك” التي تعتبر العمود الفقري للتظاهرة.. والتي يفضل كاتب السطور أن يطلق عليها “دروب عشق الكاف”.. وكانت كالتالي:
    1- مسلك تاريخ الكاف، 2- مسلك جوجمة، 3- مسلك تراكن، 4- مسلك حكاية في حكاية، 5- مسلك لاتس بايك الكاف، 6- المسلك الطبيعي، 7- بالمسلك الجيولوجي “دورا”، 8- مسلك دار الخبز..
  • بالإضافة لتلك المسالك أو دروب العشق كما أطلقنا عليها والتي سنتعرض لبعضها لاحقا بالتفصيل كان ضمن تظاهرة “كيف الكاف” معرضا للمنتجات المحلية والحرفية… شارك فيها منتجين وعارضين من مختلف معتمديات الولاية مثل..منتجات عسل النحل ومشتقاته والصابون المصنوع منها..، ومنتجات التجميل “روزان” من الزيوت الأساسية والنباتية ومياه الأزهار..، ومنتج “بذور السعادة” وهي عبارة عن منتجات بذور الخضروات وأصناف الزراعات التقليدية من أجود الأنواع..، والمنتج “زڨو goùt” وهي أنواع من الحلويات المصنوعة من الصنوبر الرمادي أو ما يطلق عليه في تونس “الصنوبر الحلبي” كالبقلاوة، والكعابر، والزوزة..، وباقة من المنتجات المحلية من الحبوب والتوابل والمربى والأعشاب العطرية التي تباع تحت إسم “كويزار”..، ومنتجات مصنوعة بأيد نسائية من الخزف التقليدي خاصة بالمطابخ من معتمدية ” السرس “..، وأيضا منتجات تذكارية تحمل اسم “كيف- نا” المصنوعة من الأسلاك الحديدية..، وكان للمجوهرات والإكسسوارات المحلية نصيب من تلك المعروضات وقد حملت إسم “لاينا”..، وقد شجعت تظاهرة “كيف الكاف” معتمديات من الولايات المجاورة لولاية “الكاف” حيث شاركت معتمدية “تبرسق” التابعة لولاية “باجة” بمنتجات من الزيتون ومشتقاته، والتين المجفف “الشريحة” تم عرضها للجمهور باسم “مذاق أرض تبرسق”..
  • وقد حرص منظمو تظاهرة “كيف الكاف” من “ميوزيوم لاب” على تقديم الخرائط التفاعلية لمساعدة المشاركين في متابعة كل الأنشطة التي تضمنت ورشات مختلفة.. مثل “ورشة تصبين” الخاصة بصناعة الصابون التقليدي المصنوع من مواد طبيعية محلية..، وورشة صناعة الشمع..، وورشة تحضير المعجنات التقليدية..، وورشة صناعة الحلويات التقليدية..، وورشة البستنة بحديقة “للا لاعج” ومن أهم أهدافها تعليم النشئ البستنة وتعريفهم بالنباتات المهمة والنادرة في غابات “الكاف” وجبالها..
  • إشتملت التظاهرة أيضا على اعمال وتجارب فنية..، معارض وندوات ولقاءات..، وسوق محلية..، وعروض سينمائية مصحوبة بموسيقي حية..، وللأسف تم الغاء الحفلات الموسيقيه والغنائية حدادا وتضامنا مع الشهداء والجرحى والمشردين من ضحايا الحرب الإجرامية على غزة التي يشنها الكيان الصهيوني على أشقائنا من شعب فلسطين الأعزل..
    – ومازال في جعبتنا ما سننشره تباعا حول تلك التظاهرة الفريدة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات