البشير وسلفاكير: مستقبل السودان وجنوبه بين تسوية الصراع واشتعاله

05:50 مساءً السبت 5 يناير 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الخرطوم : (شينخوا) ظلت قضية منطقة ابيى المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان صخرة صماء تكسرت عليها كل جهود تسوية القضايا العالقة بين البلدين، وما تزال المنطقة تشكل برميلا من البارود بامكانه الانفجار فى اية لحظة.

ورغم استئناف الجانبين لأحدث مفاوضات على مستوى القمة بين الرئيسين السودانى عمر البشير والجنوبى سلفاكير ميارديت بأديس أبابا، الا ان شقة الخلاف حول مصير ابيى ما تزال متسعة.

وفشلت كل المقترحات التى تقدم بها فريق الوساطة التابع للاتحاد الافريقى فى التوصل إلى تسوية ترضى الطرفين، وبقيت قضية ابيى عصية على الحل.

ويرى مراقبون أن جملة أسباب تحول دون تسوية النزاع حول ابيى، وفى مقدمتها ارتباط القضية بمجموعات ضغط محلية، وترحيل ملف النزاع من مستوى الاختلاف الداخلى قبل انفصال جنوب السودان إلى قضية تنازع بين دولتين.

وقال محمد عمر الانصارى أحد القيادات التاريخية لقبيلة المسيرية العربية فى منطقة ابيى فى تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، ” إن الاسباب الاساسية التى تقف عقبة امام قضية ابيى هى تحويل القضية من صراع بين مجتمعات محلية إلى قضية سياسية بين دولتين، والبحث عن معالجة عبر المجتمع الدولى “.

وأضاف ” لقد سعت قيادات قبيلة الدينكا فى جنوب السودان إلى استخدام قضية ابيى كورقة سياسية تستخدم ضد حكومة السودان، وهذا افقدنا كمجموعات سكانية فرصة الوصول إلى حلول عبر ادارية ابيى”.

ودعا الانصارى الرئيسين البشير وسلفاكير للعمل سويا من أجل إعادة ملف القضية إلى المجموعتين السكانيتين بابيى وهما قبيلة المسيرية العربية المنتمية للسودان وقبيلة “دينكا نقوك” المرتبطة تاريخيا مع جنوب السودان.

ويرى مراقبون أن القمة المرتقبة بين البشير وسلفاكير بأديس أبابا “فرصة أخيرة ومفترق طرق” بالنسبة لقيادة البلدين لتسوية الخلافات بينهما في الإطار الأفريقي.

ووقعت الخرطوم وجوبا في السابع والعشرين من سبتمبر الماضي حزمة اتفاقات للتعاون بينهما تتعلق بالأمن وأوضاع المواطنين وقضايا الحدود وقضايا اقتصادية وأخرى تتصل بالنفط والتجارة بعد مفاوضات ماراثونية بين رئيسي البلدين بأديس أبابا.

ولم تشمل هذه الاتفاقات قضية أبيي وترسيم الحدود.

وأشار إلى أن النفط يشكل عاملا اساسيا فى الصراع حول تبعية منطقة ابيى، قائلا ” إن قبيلة المسيرية لا تمانع فى تقسيم نفط منطقة ابيى بين السودان وجنوب السودان ومنح الجنسية المزدوجة للقبيلتين من اجل العيش فى سلام”.

ويتفق المحلل السياسى محمد على يوسف مع فرضية أن الثروة النفطية بمنطقة ابيى هى من تشعل جزوة الصراع بين السودان وجنوب السودان.

وقال يوسف، ل((شينخوا)) ” من الاسباب التى أدت إلى تعقيد قضية منطقة ابيى وتمسك كل طرف بها هى وقوع المنطقة فى موقع استراتيجى وما تتميز به من ثروات نفطية”.

وأضاف ” من وجهة نظرى فان مشكلة ابيى من المشاكل المعقدة التى لن تنتهى باى تسوية سياسية، لذلك يجب اعطاء ابناء المنطقة من القبيلتين فرصة لتحديد مصير المنطقة ووضع الحلول الناجعة لها “.

وتوقع يوسف ان تسعى القمة الرئاسية باديس ابابا نحو التوصل إلى تفاهمات بين الجانبين تعتمد فى جوهرها على منح فرصة لابناء منطقة ابيى عبر اللجنة الاشرافية للمنطقة للوصول إلى حلول مرضية”.

ولكن خالد سعد مدير تحرير صحيفة ((ايلاف)) السودانية يرى ان تعقيدات ابيى اعمق من مجرد صراع بين السودان وجنوب السودان على الموارد النفطية.

وقال سعد ” تشكل منطقة ابيى واحدة من نقاط الحدود بين البلدين، ويتمسك كل طرف بتبعيتها له من منطلقات أمنية وسياسية واقتصادية ايضا ولكن لدرجة أقل”.

واضاف ” هناك صراع تاريخي بين المجموعتين السكانيتين فى ابيى، وتمارس القبيلتان ضغطا كبيرا على حكومتى البلدين، وهذا ما يجعل الوصول إلى حلول امرا مستحيلا “.

وتقع منطقة ابيى فى الجزء الجنوبى الغربى لولاية جنوب كردفان السودانية، بين خطي عرض 30,4 – 11,5 غربا، وخطي طول 27,10 – 30 شرقا، في مساحة تقدر بـ 25 ألف كم مربع.

وتتبع منطقة أبيي إداريا لولاية جنوب كردفان، وتنتشر فيها ثلثا حقول النفط بالسودان والذي يبدأ شرقا بحقلي “شارف وأبو جابرة”، منتهيا بحقول “هجليج وبليلة”.

وتبعد منطقة ابيي التماسية نحو 50 كم عن بحر العرب (نهر صغير بين الشمال والجنوب)، وهي منطقة يعيش فيها خليط من القبائل الأفريقية والعربية ومعظمها رعوية، وكل طرف يدعي سيادته التاريخية على المنطقة ويصف الآخرين “بالغرباء”.

وترى الحركة الشعبية الحاكمة فى جنوب السودان ان ابيي كانت تابعة للجنوب لمديرية بحر الغزال قبل 1905، ولكنها ضمت من قبل الحاكم العام البريطاني لمديرية كردفان بشمال السودان بقرار إداري، وتطالب بإعادتها إلى الجنوب بقرار مماثل.

ولكن الحكومة السودانية ترى ان منطقة ابيي منطقة تمازج بين المسيرية والدينكا، على مدى حقب طويلة تتجاوز القرن السابق.

وتستند الحكومة إلى مذكرات وتقارير اعدتها الإدارة الاستعمارية البريطانية بأن قبيلة الدينكا نقوك المقيمة هناك ظلت على حرصها ومثابرتها بأن تكون إلى جانب المسيرية في شمال السودان.

وكان من المفترض اجراء استفتاء حول تبعية منطقة ابيى بالتزامن مع استفتاء جنوب السودان فى التاسع من يناير من العام 2011، الا ان الخلاف بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية حول تعريف الناخب الذى يحق له التصويت حال دون قيام الاستفتاء.

وأكثر نقاط الحساسية في تناول قضية ابيي، ان عددا مقدرا من أبناء المنطقة هم قيادات في الحركة الشعبية ويتفاوضون باسمها، وفي المقابل تعتبر القبائل العربية (المسيرية والرزيقات) القاطنة في تلك المنطقة حلفاء إستراتيجيين لكل الحكومات التي تعاقبت على السودان، حيث كانت تلك القبائل تمثل حائط صد قوى في وجه حركات التمرد الجنوبية المسلحة، كما أن هناك عددا مقدرا من قيادات الجيش السوداني ينتمون إلى تلك القبائل.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات