الفلسطينيون يفتحون باب الشمس والتمرد على الاحتلال الإسرائيلي

08:51 مساءً الإثنين 14 يناير 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

ساد الانتصار المعنوي بشكل غير مسبوق نفوس نشطاء المقاومة الشعبية الفلسطينية بينما كانت ثلاث حافلات لدولة الاحتلال الإسرائيلي تنقلهم إلى حاجز قلنديا العسكري شمالي القدس بعد إجلائهم من أراض مخصصة للاستيطان.

وبعد يومين من اعتصامهم على تلة جبلية في المنطقة التي تسميها دولة الاحتلال الإسرائيلي (إي 1) وتفصل بين القدس والضفة الغربية، اضطر الجيش   لاستخدام القوة لإجلائهم لقطع الطريق على خطوة رمزية توجه الرسالة الشعبية الأشد ضد الاستيطان.

غادر هؤلاء الحافلات وهم ما يزالون يلوحون بالأعلام الفلسطينية ويرددون الهتافات  ضد دولة الاحتلال الإسرائيليوممارساتها، وأخذوا يتعانقون والثقة تجمع ملامحهم لمزيد من الانطلاق في تصعيد مقاومتهم الشعبية.

وكان ناشطون فلسطينيون قد اعلنوا فجر الجمعة عن إقامة هيكل لقرية تحمل اسم (باب الشمس) على المنطقة المهددة بالمصادرة، وعمدوا إلى إقامة خيام تتيح لهم الاعتصام أكثر وقت ممكن كتعبير عن تحد عملي للاستيطان.

وشارك حوالى 500 عنصر من الجيش الإسرائيلي مصحوبين بجرافات في إخلاء المعتصمين في عملية استمرت لأكثر من ساعة وتخللتها صدامات خلفت بعض الجرحى في صفوف النشطاء الذين اعتبروا أنهم أوصلوا رسالتهم.

وقال صلاح الخواجا الناشط في المقاومة الشعبية وأحد القائمين على المبادرة أثناء ترحيله مع عشرات النشطاء لوكالة أنباء ((شينخوا)) “نعم حققنا انتصارا معنويا ومتجددا، هذه المرة بزخم وفاعلية أكبر وعلى الأرض نفسها المهددة بالمصادرة”.

واعتبر الخواجا أن مبادرتهم “تجدد عهد الاستمرار بالكفاح والعودة وخيار المقاومة الشعبية كجزء من خيار استراتيجي لإنهاء الاستيطان والاحتلال الإسرائيليين، فبالنسبة لنا لا بديل عن ذلك”.

واستوحى الناشطون الاسم الذي أطلقوه على القرية من رواية (باب الشمس) للكاتب اللبناني الياس خوري والتي تتحدث عن النكبة واللجوء والمقاومة الفلسطينية بفعل الاحتلال الإسرائيلي.

وأثارت مبادرتهم المفاجئة تأييدا رسميا وشعبيا فلسطينيا واسع النطاق.

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه لـ((شينخوا)) “نعتز بهذه المبادرة الشعبية الشجاعة ونعتبرها رسالة مهمة للإسرائيليين والمجتمع الدولي بأن شعبنا لن يستسلم أمام نهب أرضه”.

واعتبر عبد ربه أن هذه المبادرة الشعبية “من شأنها أن تؤسس لمرحلة جديدة عنوانها إعلان العصيان المدني الشعبي الواسع ضد الاحتلال وكل سياساته خصوصا ما يتعلق بالاستيطان ومصادرة الأراضي دون وجه حق”.

وتقع منطقة (إي 1) محل مبادرة الاعتصام، على أراض شرق مدينة القدس بين مستوطنة (معاليه أدوميم) الواقعة على أراضي الضفة الغربية وبين القدس، وتبلغ مساحتها حوالي 13 كيلومترا مربعا.

وقررت دولة الاحتلال الإسرائيليمطلع الشهر الماضي إقامة 4 ألاف وحدة استيطانية في المنطقة، الأمر الذي قوبل باحتجاج فلسطيني حاد نظرا لمخاطر ذلك على عزل القدس وتقسيم الضفة الغربية بما يهدد فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ورغم النهاية السريعة التي فرضتها إسرائيل على المبادرة، فإن نشطاء المقاومة الشعبية اعتبروا أنها البداية لتحرك أكثر فاعلية على الأرض.

وقال الخواجا بهذا الخصوص “لدينا ثقة أكبر الآن وسنشرع فورا بدراسة خطوات أخرى لتجديد أشكال مقاومتنا الشعبية في مناطق مختلفة وبزيادة حجم المشاركة الشعبية التي قد تصل إلى 10 ألاف مشارك في المرحلة المقبلة”.

ونظمت لجان المقاومة الشعبية على مدار السنوات الخمس الماضية تظاهرات أسبوعية في القرى الواقعة على التماس مع جدار الفصل ومشاريع الاستيطان الإسرائيلية وحظيت بمشاركة لافتة من متضامنين أجانب.

وعمدت هذه اللجان خلال العام الماضي على تطوير فعالياتها فنظمت تظاهرات لقطع الطرق التي يستخدمها المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية وتوسيع دائرة المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الإسرائيلية.

وتحظى هذه الفعاليات بدعم رسمي من السلطة الفلسطينية التي تؤكد أنها حق فلسطيني في مواجهة سياسات إسرائيل الاستيطانية، وهي ترى أنها تؤتي بثمارها تدريجيا في حشد عوامل الضغط لإنهاء الاحتلال.

وبهذا الصدد قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني لـ((شينخوا)) “من الواضح أن مبادرة (باب الشمس) تصيب حكومة إسرائيل بالهستيريا وفقدان التوازن أمام سلمية وحضارة الاحتجاج الفلسطيني على سياساته”.

ورأى مجدلاني أن دولة الاحتلال الإسرائيلي”تقف عاجزة عن أن تتحمل الكلفة السياسية والإعلامية لاستمرار هذا النموذج من النضال الشعبي السلمي خصوصا أمام المجتمع الدولي الذي تزيد قناعته بشأن مناهضة ممارساتها العنصرية وضرورة وضع حد لها”.

ويريد الفلسطينيون تصعيد احتجاجاتهم الشعبية بالتوازي مع تحركاتهم الدبلوماسية التي تكللت في نوفمبر الماضي برفع مستوى تمثيلهم لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى صفة دولة مراقب غير عضو.

وقال أمين عام المبادرة الوطنية مصطفي البرغوثي الذي شارك في مبادرة “باب الشمس” لـ(شينخوا) “إن الرهان الآن هو بزيادة كلفة استمرار الاحتلال للأرض الفلسطينية وجعل إسرائيل تخسر لا أن تربح بممارساتها العنصرية”.

واعتبر البرغوثي أن أكبر إنجازات التحرك الشعبي الأخير “هو زيادة القناعة فلسطينيا بضرورة المزيد من الإبداع وتصعيد هذا النوع من الاحتجاج الشعبي الذي سيأخذ اليوم منحنى أكثر تصاعدا حتى بلوغ النصر المنشود”.

وأيدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة منذ منتصف العام 2007، هذا النوع من الاحتجاج، بعد أن وجهت التحية إلى نشطاء المقاومة الشعبية على مبادرتهم.

وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم في بيان بهذا الخصوص، إن حركته “تدعو إلى استمرار مقاومة الاحتلال والاستيطان بمزيد من المقاومة والخطوات النضالية والوطنية رداً على كل سياسات وممارسات الاحتلال”.

وكانت إسرائيل تحدثت مع نهاية العام الماضي عن ارتفاع في وتيرة المواجهات في مدن الضفة الغربية، غير أن تقديراتها الأمنية استبعدت أن تتطور في هذه المرحلة حد اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة برزيت في رام الله سمير عوض، أن التحرك الشعبي الفلسطيني “يظهر حاليا بثوب الرد الوحيد الفعال في مواجهة سياسات الاستيطان ومصادرة الأراضي الإسرائيلية”.

وقال عوض “بناء على هذه المعطيات فإن أي قرار من دولة الاحتلال الإسرائيليبمزيد من الاستيطان سيعني أن الجواب سيكون بتحرك شعبي يكون عنوانه الرئيسي الجماهير ضد جيش الاحتلال الجهة القائمة بالقوة على الأرض”.

وحول إن كانت هذه الفعاليات بمثابة بداية لانتفاضة جديدة، قال عوض “الانتفاضة لا يمكن استعجالها وهي قادمة لا محالة لأنه لا يوجد حل للدولتين وثبت أنه لا جدوى من المفاوضات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي بالنسبة لنا لا تريد السلام “.

وتابع “على الأقل يمكننا حاليا توقع اندلاع مواجهات بصورة أكبر تدريجيا في كل موقع وساحة شرعية للمواجهة بالنسبة للشعب الفلسطيني نظرا للسياسات الإسرائيلية الخطيرة، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لكل الاحتمالات”.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات