القوات الفرنسية…ومخطوطات تمبكتو

09:43 صباحًا الجمعة 8 فبراير 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

إستطاعت القوات الفرنسية الموجودة في مالي منذ ما يقرب من شهر من تحرير مدينة تمبكتو المالية وقد قام الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بزيارة لمالي لمتابعة أحوال القوات الفرنسية المنتشرة هناك .

ولكن إنتصار الجيش المالي بمساعدة القوات الفرنسية وتحرير مدينة تمبكتو كان له آثار سلبية أهمها حرق وإختفاء بعض المخطوطات ونفائس الكتب في مدينة تمبكتو .

ومدينة تمبكتو إسمها الأصلي  “تين بكتو” وليس تمبكتو وهو الخطأ الشائع وهي العاصمة القديمة لمالي وتقع جنوب غرب نهر النيجر وتلقب تمبكتو ” بجوهرة الصحراء المتربعة على الرمال ” وهي البوابة بين شمال افريقيا و غرب افريقيا .

وتضم مدينة تمبكتو الكثير من المعاهد و المراكز الثقافية أهمها معهد احمد بابا التمبكتي الذي يضم ما يقرب من 30 ألف مخطوط من نفائس الثقافة العربية و الإسلامية مثل القاموس المحيط و كتب للرحالة ابن بطوطة ولا يقتصر وجود المخطوطات على معهد احمد بابا فقط فهناك أكثر من ثلاثة عشر مكتبة أهلية تضم عددا مماثلا من المخطوطات أهمها مكتبة حيدرة وكل ذلك جعل من تمبكتو مستودعا للعلم والأسرار و المخطوطات و الوثائق .

وقد كانت مدينة تمبكتو من أغنى المدن التجارية في افريقيا و مركزا للتعليم الإسلامي و نظرا لأن أكثر المخطوطات الموجودة هناك و التي تصل إلى 700 ألف مخطوطة مكتوبة باللغة العربية أو لغات محلية كتبت بالحروف العربية لم تحظ بإهتمام الماليين لأن الإستعمار الفرنسي لمالي جعل أهلها لا يجيدون العربية مما أدى إلى تجاهل المخطوطات من قبل الشريحة المتعلمة في البلاد .

وفي عام 1970 قامت اليونسكو بتشكيل منظمة للحفاظ على المخطوطات و لكنها بقيت بلا تمويل وفي عام 1977 كانت هناك محاولة أخرى من جامعة هارفارد ثم ظهر مشروع آخر عام 2002 يدعى مشروع مخطوطات تمبكتو الذي تمكنوا فيه من ترجمة الكثير من المخطوطات .

وبعد التدخل العسكري الفرنسي في مالي و مع هزيمة الإسلاميين المسلحين المتشددين الذين يقال أنهمم متحالفين مع تنظيم القاعدة ومغادرتهم مدينة تمبكتو إلى مناطق جبلية وصحراوية نائية ساد الإعتقاد بأنهم وراء حرق المخطوطات القديمة بالمدينة خصوصا بعد تصريح عمدة تمبكتو بأن معهد احمد بابا قد حرق بالإضافة إلى صور التقطت بالمعهد أظهرت أوراقا محترقة وأكواما من الرماد.

ولكن بعض المصادر المحلية أعلنت أن بعض المواد قد تضررت أو سرقت ولكن لا يوجد هناك تدمير متعمد لأي مكتبة أو مجموعة من المقتنيات كما ذكر بعض الباحثين أن أغلبية المخطوطات قد تم حفظها في مكان آخر لم يتم تدميره و هناك أقوال أخرى تشير إلى أن القوات الفرنسية هي التي قامت بحرق هذه المخطوطات لجذب الإنتباه من أجل التغطية على جرائم الجيش المالي ضد السكان المحليين ولكن صدر تصريح لمتحدث بإسم الجيش الفرنسي أن القوات الهجومية حرصت على تجنب القتال داخل البلدة حتى لا تلحق أضرارا بالكنوز الثقافية و المساجد والأضرحة الدينية .

وما بين إتهام المتشددين الماليين المتحالفين مع تنظيم القاعدة بحرق المخطوطات القديمة بالمدينة و إحتمال تورط القوات الفرنسية في مالي في سرقة وإتلاف المخطوطات النفيسة يمكن ترجيح القول أن البعثة العسكرية الفرنسية في مالي والتي يشارك فيها 3500 جندي على الأرض مدعومة بالطائرات الحربية والهليكوبتر والعربات المدرعة والتي تحظى بدعم دولي واسع هي التي كان لها الدور الأكبر في سرقة وإتلاف المخطوطات النفيسة و إلقاء التهمة على الإسلاميين وذلك لأن الإسلاميين المتشددين في تمبكتو كان يمكنهم حرق المراكز الثقافية   خلال الأشهر التي سيطروا فيها على المدينة وقبل تدخل القوات الفرنسية الذي تزامن مع تدمير الكنوز الثقافية لتمبكتو …وذكرني هذا الخبر بنهب المتحف العراقي عند الغزو الأمريكي للعراق فقد كان الهدف الأساسي هو تأمين وزارة النفط  وحقول البترول أما الآثار و المخطوطات فلا تعنيهم وعلى هذا الأساس فالأرجح أن القوات الفرنسية في مالي هي التي وراء ما حدث لكنوز تمبكتو الثقافية من تدمير لأن العقلية الإستعمارية في كل زمان و مكان لا تتغير ولا تهتم إلا بمصالحها و مكاسبها فقط .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات