قناع فانديتا باللون الأسود، استعارة ديكورية لشباب غاضب

القاهرة: استبعد خبراء امنيون يوم الأحد ظهور مليشيات فى مصر والتى شهدت مؤخرا بروز مجموعات وروابط شبابية هددت بالعنف، مشيرين إلى ان القاهرة لم تر مليشيات حتى فى اكثر الاوضاع الامنية سوءا عندما انهارت الشرطة خلال الايام الاولى لثورة 25 يناير. وعزوا ظهور هذه المجموعات الى “حالة الارتباك الشديد” فى المشهد السياسي ، وشعور الشباب الثوار بـ”الضياع” بعد قفز اخرون على السلطة، متوقعين ان تنزوى هذه المجموعات عند استعادة الاستقرار بعد الانتخابات البرلمانية المرتقبة.

وكان وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم صرح مؤخرا بان ” هناك عناصر تصر على احداث حالة من الفوضى بالشارع المصرى” الذى قال انه ” يشهد حاليا حالة من العنف غير المسبوق” اسفر عن اصابة المئات من رجال الشرطة ومقتل اثنين خلال المواجهات مع المتظاهرين محذرا من تحول مصر الى ” دولة مليشيات” اذا انهارت الشرطة.

بموازاة ذلك ظهرت مجموعات تطلق على نفسها “بلاك بلوك” أى ” الكتلة السوداء” ترتدى زيا موحدا عبارة عن لباس وقناع اسود، تستهدف ، بحسب بيانات منسوبة لها، مواجهة ما اسمته مليشيات جماعة (الاخوان المسلمين) واسقاط النظام.

وهددت هذه المجموعات باقتحام قصر الاتحادية غدا فى الذكرى الثانية لتنحى الرئيس السابق حسني مبارك، قائلة فى رسالة لها امس على مواقع التواصل الاجتماعي ” الى مرسي واخوانه.. الرحيل او الفوضى، 11 فبراير اقتحام القصر ، قضى الامر”.

وسبق ان اصدر النائب العام المستشار طلعت عبدالله امرا بضبط جميع اعضاء البلاك بلوك بعد ان اوضحت التحقيقات انهم يرتكبون “جرائم ارهابية” ، بحسب بيان للنيابة العامة.

فيما تتهم بعض القوى السياسية جماعة الاخوان المسلمين بتشكيل مليشيات ، واستشهدت على ذلك بما قالت انه اعتداء من قبل انصار الجماعة على معتصمين سلميين امام قصر الاتحادية الرئاسي فى اوائل ديسمبر الماضى ما اسفر عن اصابة المئات ومقتل بضعة اشخاص، لكن الاخوان نفوا بشدة وجود اى مليشيات لديهم.

واليوم قال منشق عن جماعة الاخوان نشرت ، بوابة الاهرام، اسمه الاول وهو شريف خلال تحقيق النيابة معه ان شباب الاخوان اعتدوا وعذبوا فى اواخر يناير الماضى وداخل معسكر للامن المركزي بمنطقة الجبل الاحمر حوالي 50 الى 60 شخصا فى محاولة للحصول منهم على اعترافات مسجلة تدين قادة المعارضة ، مشيرا الى ان الناشط السياسي محمد الجندي عضو التيار الشعبي الذى يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي توفى اثر هذا التعذيب ، لكن المتحدث باسم الاخوان نفى تورط الجماعة فى التعذيب وقال انه سيتم مقاضاة المدعى.

وفى هذا السياق عزا اللواء دكتور نبيل فؤاد استاذ العلوم الاستراتيجية ظهور مجموعات البلاك بلوك الى ” حالة الارتباك الشديد على كل المستويات فى مصر سواء المستوى الحكومى او الاحزاب والشباب “. وقال ، لوكالة انباء ((شينخوا)) ، ان البلاك بلوك هو تنظيم عالمي له زى معين ، استنسخه الشباب فى مصر دون ان يكونوا علاقة مع التنظيم الخارجي بسبب شعورهم بحالة الضياع بعد ان قاموا بالثورة واستولى عليها اخرون. لكنه استبعد ان تتجه عناصر البلاك بلوك او غيرها الى تكوين مليشيات .

وأضاف ان المليشيات هى مجموعات تتبنى فكرا معينا ولديها هيكل تنظيمي وتسليح وزى خاص وهذه العناصر غير مكتملة فى اى مجموعة موجودة فى مصر.

واضاف اذا كانت العناصر التى تتبع جماعة الاخوان المسلمين لديها فكر معين فانها لا تملك بقية العوامل الاخرى، مشيرا الى انه من حق الجماعة التى تعرضت مقراتها ومقرات ذراعها السياسي حزب (الحرية والعدالة) للاعتداء عليها والحرق من قبل متظاهرين ان تشكل مجموعات لتأمينها.

ورأى ان الاخوان لا يمكن ان تلجأ الى تشكيل مليشيات لان ذلك قد يدخلها فى مشكلة مع الجيش والشرطة، وتابع ” نستبعد وجود مليشيات ، لكن هناك سلاح ينتشر بسبب سوء الوضع الامني”.

وعلق على تصريحات وزير الداخلية الذى حذر من تحول مصر الى دولة مليشيات فى حال انهيار الشرطة قائلا : “لو انهارت الشرطة سوف ينزل الجيش الى الشوارع مثلما حدث خلال ايام الثورة”.

واستطرد بلهجة واثقة ” لن نتحول لدولة مليشيات” مضيفا بالعامية ان ” القوات المسلحة يدها ثقيلة ومنعت مشاكل كثيرة” خلال الثورة فى اشارة الى قدرة الجيش على ضبط الوضع فى الشارع مهما كان.واعتبر تصريح البلاك بلوك باقتحام قصر الاتحادية الرئاسي “مراهقة” مؤكدا ان اقتحام القصر” مستحيل ، وفكرة غير قابلة للتنفيذ” ، مشيرا الى ان قوات الحرس الجمهوري والشرطة لن تسمح بذلك.

وقال ان الحرس الجمهوري لا يتعرض للمتظاهرين امام القصر الرئاسي ويتركهم ينفسون عن غضبهم ، لكن اذا حاول المتظاهرون اقتحام القصر فسوف تتصدى لهم.

واشار الى ان عناصر البلاك بلوك يمكن ان تلجأ الى القاء الحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة والشماريخ والخرطوش على الشرطة لكن الامر لن يصل الى حد استخدام السلاح الناري او اقتحام القصر الرئاسي .

من جانبه ، قال الخبير الامني محمد عبدالفتاح عمر ان ” البلاك بلوك” هى مجموعات من الشباب الذين يريدون اسماع صوتهم ، مشيرا الى ان هذه المجموعات ظهرت فى الخارج اولا. واوضح ، لـ ((شينخوا))، ان عناصر البلاك بلوك فى مصر تقتصر نشاطها على التظاهر فقط ، ولم يثبت ارتكابهم اى جريمة خلال التظاهر.

ورد على سؤال حول ما اذا كانت هذه المجموعة وغيرها يمكن ان تكون نواة لمليشيات بتأكيده ان ” مصر لن يكون فيها مليشيات بالمعنى المفهوم” وان ما يحدث فى الشارع هو فقط نتيجة لاصرار المعارضة والشباب على تحقيق مطالب الثورة واصرار النظام على عدم التراجع قيد انملة عن موقفه.

واضاف ان البلاك بلوك تطالب مثلا بتغيير حكومة هشام قنديل لكنها لا تدعو الى اسقاط النظام، مشيرا الى ان رئيس الوزراء ذهب حاليا إلى السعودية لاداء شعائر العمرة بينما مصر تشهد وضعا خطيرا للغاية وتعاني من مشاكل امنية.

وتوقع عمر ان تنزوى هذه المجموعات عقب عودة مصر الى الاستقرار بعد انتخابات مجلس النواب، الغرفة الاولى للبرلمان، المقررة خلال شهرين، مشيرا الى ان البرلمان القادم سوف يسعى الى تغيير الوضع الحالي من خلال سن القوانين واستجواب الحكومة.

ورأى ان انهيار المؤسسة الامنية سوف يؤدى إلى الفوضى وانتشار عمليات السرقة والقتل وربما اسقاط النظام مثلما حدث مع نظام الرئيس السابق حسني مبارك الذى تنحى عقب انهيار الشرطة .

واستدرك : ” لكنه لا يعنى ظهور مليشيات” ،لاسيما ان الشعب المصري لا يتسم بالعنف او المجازفة ، كما ان البلاد لم تشهد مليشيات خلال ثورة 25 يناير خاصة ان الجيش نزل الى الشارع

Tweet