قراءة للملف النووي الإيراني في ضوء الإزدواجية السياسية

02:00 مساءً الثلاثاء 26 فبراير 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أعضاء من الحرس الثوري الإيراني برفقة أحد رجال الدين يطأون علمي الولايات المتحدة، ودولة الإحتلال الإسرائيلي، في مناورات عسكرية قرب مدينة زارناد (الإثنين 25 فبراير) أطلقتها إيران ردا على الضغط الغربي على ملفها النووي

جولة المباحثات بين إيران والقوى النووية الست الكبرى في العالم والتي تعقد في كازاخستان والتي تهدف منها الدول الكبرى إلى إقناع طهران بالتخلي عن برنامجها النووي إستبقها أعضاء البرلمان الإيراني بالتأكيد على أن قطار إيران النووي لن يتوقف وشدد أعضاء البرلمان على حقوق الشعب الإيراني في إطار معاهدة حظر الإنتشار النووي ولا سيما المبدأ الرابع الذي ينص على حق الدول الأعضاء في إمتلاك التقنية النووية خصوصا أن التقرير الأخير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يثبت ان برنامج إيران النووي ليس له أي غرض عسكري وصرح مندوب إيران لدى الوكالة أنه ليس هناك أي توجه عسكري وأن عملية التخصيب تمضي تحت الإشراف الكامل للوكالة الدولية .

ولكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن إيران بدأت في تركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في محطتها الرئيسية وأنه إذا نجحت إيران في تشغيل هذه الأجهزة فسيكون بإمكانها تسريع عملية تخصيب اليورانيوم بدرجة كبيرة لتنتج مواد يخشى الغرب من إستخدامها في صنع سلاح نووي الأمر الذي تنفيه إيران مؤكدة بشكل دائم  أنها تخصب اليورانيوم لأغراض سلمية فقط .

والإزدواجية الواضحة في موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية من برنامج إيران النووي والإنتقادات التي واجهت إيران من الحكومة الإسرائيلية ووزارة الخارجية البريطانية والكونجرس الأمريكي والإتحاد الأوربي وقولهم أن السرعة التي تمارسها إيران في تخصيب اليورانيوم ستمكنها من إمتلاك سلاح نووي الأمر الذي دعى مجلس الأمن الدولي إلى إصدار ستة قرارات تدين البرنامج النووي الإيراني التي أرفقت أربعة منها بعقوبات أضيف إليها منذ عام 2010 حصار إقتصادي ونفطي فرضته البلدان الغربية .

وعلى عكس الموقف الدولي من برنامج إيران النووي يتواصل تعاونهم النووي مع إسرائيل كما أن هناك اتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية والهند بشان الإستخدامات النووية السلمية ويشار هنا إلى أن إسرائيل والهند وباكستان لم توقع على معاهدة الإنتشار النووي وإن كانت إسرائيل لا تؤكد ولا تنفي وجود ترسانة نووية كبيرة تملكها..في حين أكدت الهند وباكستان نفسيهما كقوتين نوويتين مما يؤكد إزدواجية المعايير التي تواجهها بعض الدول ولا تخضع لها دول أخرى .

ونذكر هنا موقف الغرب من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بضرورة الخضوع للإرادة الدولية والسماح للمفتشين بالتحرك بحرية في بلاده لتدمير أسلحة الدمار الشامل البيولوجية والكيميائية لمنع خطورتها والتي تبين بعد تدمير العراق أن النظام العراقي السابق لم يكن يملك أي أسلحة نووية أو كيميائية أو بيولوجية .

ثم بدأ الغرب في الحديث عن البرنامج النووي الإيراني على أنه الخطر الأكبر الذي يهدد أمن المنطقة وإستقرارها ويطالب إيران بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومفتشيها ولا يشير مطلقا إلى الترسانة النووية الإسرائيلية..

بل إن إسرائيل تحدثت عن التجربة النووية الثالثة التي أجرتها كوريا الشمالية على انها ستشجع إيران على التمسك بمشروعها النووي ولم تشر إلى سياسة الإبتزاز التي تمارسها كوريا الشمالية منذ سنوات مع المجتمع الدولي الذي يتفاوض معها على التخلي عن سلاحها النووي حيث كانت في كل مرة تتعهد بالتخلي عن هذا السلاح لقاء الحصول على مساعدات دولية غذائية وعلى الوقود ولكنها تعود وتتراجع عن تعهداتها .

ولكن ماذا عن النووي الإسرائيلي نفسه؟! ألا يحق للعرب والعالم أن يقلقوا من مئات الرؤوس النووية التي تملكها الدولة العبرية أم أن إزدواجية المعايير تجعل من حق إسرائيل وحدها أن تكون الدولة النووية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط للحفاظ على إستمرار تفوقها ليس من خلال إمدادها بأحدث الأسلحة التقليدية وأكثرها تطورا فحسب وإنما في حماية ترسانتها النووية وجعلها بمأمن عن أي مساءلة  والحيلولة دون إخضاعها لتفتيش أو مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية .

وإذا كانت الدول الكبرى معنية فعلا بحماية الأمن والسلام الدوليين وحريصة على سلامة البشرية من الهلاك والفناء فعليها أن تبدأ بنزع سلاح شامل للأسلحة النووية من إيران وكوريا الشمالية..وقبل ذلك النووي الإسرائيلي فقد آن الأوان أن يقلق العالم كله من النووي الإسرائيلي .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات