.. وتكلم مرسي .. لكنه لم يقل شيئا

07:09 صباحًا الأربعاء 27 فبراير 2013
مصطفى شحاته

مصطفى شحاته

صحفى مصري، يعمل سكرتيراً لتحرير جريدة "التحرير"، مصر.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

يخرج الرؤساء للتحدث لشعوبهم لكى يخبروهم جديدا، الدولة بصدد أن تفعله أو فعلته فعلا، هذا فى الدول التى يوجد بها رؤساء فعلا، أما فى مصر فرئيس الجمهورية يخرج للحديث من أجل كمد الشعب وغيظه، كأنه يؤدى واجبا عليه.. لا مسؤولية مفترَضًا أنه يعرف ما المأمول والمرجو منها.. رغم أننا شعب فقد أصلا الأمل فى رؤسائه منذ زمن وأصبحنا نتفرج عليهم وهم يتحدثون من قبيل الواجب أيضا كما يفعلون هم.. نحن شعب لا ينتظر من رئيسه شيئًا، لأنه لا يؤمن بوجوده أصلا.. وإن كان مرسى خرج للحوار مع عمرو الليثى ليقول لنا فقط إنه موجود.. فنحن لسنا بحاجة إلى هذا.. فوجوده رئيسا مثل عدمه، إن لم يكن يضر فهو لا ينفع والحمد لله.

 يأتى حوار مرسى الأخير فى توقيت مهم للغاية.. مصر بها عصيان مدنى كبير مهما حاول الإخوان «تتفيهه» والتقليل من حجمه الذى لو حدث فى دولة «محترمة وديمقراطية» لتنحى الرئيس وحكومته بالكامل، كما أننا نعيش جوًّا أمنيًّا مرعبًا مع زيادة أعداد المعتقلين وكذلك الانتهاكات التى تحدثها الشرطة بحق المواطنين فى الشوارع أو المساجين فى غرف الحجز، وهناك وضع اقتصادى مُزرٍ وخزينة قاربت على الإفلاس تماما وإن لم يفصح أمينها عن ذلك، وانتخابات دعا لها مرسى نفسه قبل الحوار بأيام دون أى ضمان لنزاهتها بعد أن قام الإخوان بتفصيل قانون الانتخابات «على مزاجهم» وحسبما يخدم رجالهم ويجعلهم أعضاء فى البرلمان -هم لا يزيدون على كونهم أعضاء- لكن هل خرجنا بشىء من الحوار يحل هذه المشكلات السابقة؟!

 انتهى مرسى من الحوار، وبنسبة كبيرة لم يشاهد نفسه فى أثناء العرض، فقد نام مبكرا بعد أن أيقظ الشعب منتظرا مشاهدته من الثامنة مساء حتى الثانية بعد منتصف الليل.. فى مفارقة لم تحدث لحوار رئاسى من قبل، ولرئيس كان أول ما دعا إليه هو النوم مبكرا، ولم يحدث لى شخصيا أن تأخر عنى مثل هذا الوقت إلا الصنايعية الذين يحسبون مواعيدهم بـ«فى العصر.. بعد المغرب.. قبل العشا بشوية»، كما أن التأخُّر لا يتناسب أبدا مع نظر مرسى فى ساعته وقت مؤتمره الصحفى مع المستشارة الأمريكية ميريكل، فى مفارقة هزلية للغاية.. ونحمد الله أن خطاب مرسى كان فى يوم حفل الأوسكار الذى عُرض فى موعده بالضبط.. لا دقيقة متقدمة ولا أخرى متأخرة، ووجد المشاهد نفسه أمام شىء حقيقى ومُهِمّ يشاهده بدلا من «غثاء» الكلام «اللى لا بيودى ولا بيجيب».. وبغض النظر عن الجوائز وإلى أى فيلم ذهبت، وبينما أعلنت ميشيل أوباما جائزة أفضل فيلم فى بث مباشر من البيت الأبيض لحضور الحفل ومتابعيه فى العالم كله.. كانت رئاسة الجمهورية فى المقطم محتاسة فى مَنْتَجَة حوار مرسى وادَّعت وجود مشكلة فنية تمنع بث الحوار بدلًا من القول إن عملية المونتاج وراء مرسى تستغرق وقتًا طويلًا.. حتى إن الحوار لما أذيع أجاب مرسى عن سؤال علاقة مصر بأمريكا بقوله «طبيعية» رغم أن السؤال عن العلاقة حُذف فى المونتاج.. والعذر الوحيد الذى نلتمسه لمرسى فى التأخُّر هو كونه رجل المفاجآت، فربما أراد لأوباما وزوجته أن يتفرجا على حواره مع الليثى بعد إعلان جوائز الأوسكار.. حتى يقول لهما إنه يتحدث لشعبه عن الديمقراطية.. المزيَّفة طبعا.

 أما الحوار، ولأنه الأقل أهمية فى «كل الحوار ده»، فكان لا بد أن يأتى التعليق عليه فى آخر فقرة، فواضح أن مرسى مُصِرّ على عدم الرؤية، سواء من «الغربال» أو من غيره، فشخص يصف العصيان المدنى فى بورسعيد وغيرها من المدن بالبلطجة، ويقول إن بين قول «ارحل» كـ«رأى» وقولها كـ«موقف» فرقًا، وإنه «بالحب ستُحَلّ كل الأمور»، لا بد لك من أن تتخلى تمامًا عن الاهتمام بما يقول، لأنه حقيقة لا يقول شيئا.

One Response to .. وتكلم مرسي .. لكنه لم يقل شيئا

  1. Fatimaalzahraa

    فاطمة الزهراء حسن رد

    27 فبراير, 2013 at 12:20 م

    طبعا استبن …

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات