غاب السولار فتوقفت الحياة في مصر

10:13 صباحًا الثلاثاء 12 مارس 2013
شينخوا

شينخوا

وكالة أنباء، بكين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

القاهرة: اصيبت مصر بحالة من الشلل أمس الأحد، وسيطر الغضب على جميع الفئات على خلفية الأزمة التي تواجهها البلاد بسبب النقص الحاد في الوقود وخاصة السولار، ما اثر بشكل كبير على العديد من الأنشطة وخاصة وسائل النقل .

وأصبح من الطبيعي أن تشاهد طوابير السيارات بمختلف أنواعها سواء النقل الثقيل، الأجرة، او الملاكي، وغيرها تمتد لعدة كيلومترات بجوار محطات تمويل السيارات ، ولم يعد الأمر قاصرا على المحافظات والاقاليم والطرق السريعة، وانما اصبح الأمر يضرب العاصمة القاهرة بقوة.

غير أن الوضع في القاهرة جاء مختلفا خلال الساعات الأخيرة ، وصار يأخذ مسار العصيان المدني من قبل السائقين ، وقام عدد منهم   باغلاق العديد من الطرق الرئيسية في القاهرة، كما قاموا باشعال اطارات السيارات، واجبار السيارات المارة جميعا بما فيها الملاكي على التوقف.

فقد قام سائقو سيارات الاجرة بوضع سياراتهم بعرض الطريق لاغلاق طريق البحر الأعظم بالجيرة، والطريق الدائري باتجاه الهرم والمعادي، والملك الصالح ، ومدخل القاهرة باتجاه طريق القاهرة الاسكندرية الزراعي ، كما قاموا باغلاق الطريق نفسه بعدة محافظات.

واتجه السائقون إلى اشعال اطارات السيارات، واجبار السيارات الملاكي التي تعتمد على البنزين على التوقف، وكذا سيارات الأجرة التي تعمل، والقيام برشق السيارات رافضة التوقف بالحجارة ، والاعتداء على سائقيها.

وقد ادى هذا المشهد الغاضب الى عدة اشتباكات بين سائقي السيارات الأجرة الغاضبين واصحاب السيارات الملاكي الراغبين في اداء مصالحهم أو التوجه إلى اعمالهم.

في ميدان الجيزة اصطفت سيارات الميكروباص، ودخل السائقون في مناقشات حادة مع المواطنين الغاضبين والذين اكتظت بهم مواقف السيارات ، بينما السائقون يؤكدون أنه لا ذنب لهم وأن الشوارع الرئيسية مغلقة، وأن سيارتهم قد تتعرض للتحطيم.

بعد مداولات طويلة ، اقنع الركاب قائدي السيارات بضرورة العمل طالما أن لديهم وقود كافي لسياراتهم ، وبينما الركاب يركبون السيارات، أسرعت سيدة في العقد السادس من عمرها، جاءت مهرولة لمنع ابنها السائق على اتجاه الجيزة – حلوان من العمل خوفا عليه، بعدما وصل اليها أنباء تعرض بعض السائقين للاعتداء وتحطيم سياراتهم من جانب السائقين الغاضبين لنقص السولار.

وبشارع البحر الأعظم ، وقفت سيارات أجرة بعرض الشارع تمنع المرور في الاتجاهين ، بينما يبدو من أعلى كوبري المنيب أعمدة الدخان تتصاعد نتيجة اشعال اطارات السيارات لمنع السيارات من استخدام الكوبري .

يقول محمود شاهين الشهير بـ “القن” سائق سيارة أجرة، “للاسف الشديد نحن نريد أن نعمل، من حسن الحظ أن معنا سولار قمنا بتخزينه خلال الأيام السابقة ، ونخشى من الأيام المقبلة، نحن معذورون، أغلب الطرق تم اغلاقها نتيجة النقص الشديد في السولار .

واضاف القن لوكالة أنباء (شينخوا) “هؤلاء السائقون الغاضبون، ايضا معذورون، ماذا يفعلون، لا يوجد سولار، وسياراتهم متوقفة، وهي مصدر رزقهم الوحيد ، والسيارة تعمل بنظام الوردية ويعمل عليها ثلاثة سائقين، بالاضافة إلى صاحب السيارة الذي ربما يعول اسرتين أو أكثر ” .

وأوضح أن هذه الأزمة ليست منذ يوم أو يومين ، وانما من عدة شهور، والحكومة فاشلة في السيطرة على الوضع ، لاتوجد حلول فعلية ، ولايوجد أمل على الحل، ولا أحد يهتم بأن يتحدث عن الوضع ، ونحن نمضي ساعات طوال أمام محطات تموين السيارات في انتظار دورنا، وربما ينتهي رصيد المحطة من الوقود قبل أن يحل الدور على بعضنا.

ومن جانبه يقول ابراهيم هندية، “نعلم أن البعض سيكون غاضبا مما نفعل، وقد يدعو علينا البعض الأخر، ولكن السؤال ماذا نفعل؟، لا أحد يهتم بمعاناتنا، نحن ايضا نعاني مثلما يعاني كل فئات الشعب، ولكن الأجرة متواضعة ولا نسعى لزيادة لأننا نعرف الأوضاع التي يمر بها المواطنين ، ولكننا نضطر الى شراء السولار باسعار مرتفعة، ونقف في طوابير لساعت طويلة تهدر الوقت والجهد والمال، وكنا نتحمل ذلك، ولكن الأن لا نجد السولار فماذا نفعل.

وتابع هندية قائلا لوكالة أنباء (شينخوا) “الدولة غائبة، ولا أحد يهتم أو ينتبه للمشكلة إلا اذا مورس الغضب والعنف، لابد وأن تزيد المعاناة حتى يتحرك أحد لحل المشكلة، وليس امامنا سوى ذلك حتى تحل المشكلة، نحن لم نفعل ذلك من قبل ، لأن المشكلة لم تكن متفاقمة بهذا الشكل ، ولكن الأن نحن تحت ضغط الظروف مجبورون على أن نفعل ذلك ليصل صوتنا للمسئولين، ربما يستطيعون التحرك وحل الأزمة”.

وأكد عمرو حمودة خبير في شئون البترول والطاقة أن أزمة السولار في مصر ترجع لعدة اسباب، منها سوء التوزيع، واستغلال البعض للسولار المصري المدعوم من خلال بيعه بالسوق السوداء ، أو تهريبه إلى الخارج، مشيرا في ذلك الى ضبط العديد من عمليات التهريب للسفن الأجنبية سواء بالبحر المتوسط، أو قناة السويس، فضلا عن تهريب كميات ضخمة منه لقطاع غزة.

وأرجع حمودة في تصريحات لوكالة انباء (شينخوا) أزمة السولار كذلك، إلى ارتفاع سعر الدولار مقارنة بالجنيه المصري، مما زاد من فاتورة استيراد السولار مما دفع الحكومة المصرية للتقليل من حجم الاستيراد نظرا لما تعانيه من تراجع الاحتياطي الأجنبي ، وكذلك لجوء البعض لتخزينه، على خلفية مخاوف البعض من تحرير سعر السولار في ظل الحديث عن رفع العم عن المواد البترولية في اطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي .

وحذر من أن الشهرين القادمين ، اذا لم تجد الحكومة حلولا جادة وفعلية، فإن الأزمة ستتصاعد وستزيد حدتها، بسبب موسم الحصاد ، والذي تعتمد الألات والماكينات الزراعية فيه بشكل اساسي على السولار، وكان هذا الموسم يشهد في الظروف الطبيعية قبل الثورة أزمة حادة ، فما بالنا الأن.

ومن جانبه، أكد حسام عرفات رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن أزمة السولار يمكن ان تضرب الحياة في مصر في مقتل ، وسيكون لها انعكاسات سلبية كبيرة على الأوضاع الاقتصادية اذا لم يتم التوصل إلى حلول جذرية لهذه الأزمة.

وأوضح عرفات أن الشعبة العامة للمواد البترولية ستعقد اجتماعا غدا الاثنين بمشاركة عدد من مسئولي وزارة البترول، لدراسة اسباب الأزمة دراسة متعمقة، والتعرف على أسباب تفاقمها، وايجاد حلول لها بالتعاون مع الدولة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات