الشعب السوداني على الحدود بين دولتيه يدفع ثمن الإنفصال

12:13 مساءً الثلاثاء 12 مارس 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بعد إنفصال جنوب السودان عن شماله لم تتوقف المشاكل العالقة بين الدولتين لأن وحدة السودان وحدة جغرافية في أساسها قبل أن تكون وحدة سياسية وكانت القمة التي عقدت في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا بين الدولتين تهدف إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح يرى الجانبان أنها ضرورية لإستمرار تدفق النفط بينهما .

والمشاكل التي تثيرها دولة جنوب السودان تستند في المقام الأول إلى أسس ودوافع عنصرية حركت الجنوبيين للإصرار على قيام دولة خاصة بهم حيث اعتقد الجنوبيون أن شعب شمال السودان هو شعب عربي وهو بالضرورة في حالة عداء معهم ولم يكن ذلك موقفا سليما لأن الشمال لم يتخذ مواقف عنصرية معادية للجنوب كما أن شمال السودان لا ينكر جذوره الإفريقية ذلك أن سكان الشمال لم يأتوا مباشرة من الجزيرة العربية بل هم في حقيقة الأمر مزيج من الأصول العربية والإفريقية ولم يجعلوا في يوم من الأيام أصولهم سببا في إتخاذ مواقف معادية من قبائل جنوب السودان كما أن شمال السودان لم يكن يفرض سلطة سياسية على جنوب البلاد إذ كان هناك دائما نوع من الحكم الفيدرالي الذي إستمر في كل الظروف ولم يكن هناك شئ يمنع إستمراره .

تأسست جمهورية جنوب السودان عندما إنفصلت عن باقي السودان في إستفتاء شعبي لسكان الجنوب وأعلن الإستقلال الكامل للدولة في 9 يوليو / تموز عام 2011 وعاصمتها جوبا وجمهورية جنوب السودان منطقة غنية بالموارد الطبيعية خصوصا البترول ونظرا لوحدة السودان الجغرافية فقد إتضح أن الخلافات القائمة بين شمال السودان وجنوبه خلافات حول المنافذ حيث أدرك الجنوبيون أنهم غير قادرين على الخروج من دولتهم المغلقة بدون إثارة المشاكل مع شمال السودان حيث أن كل منهما يحشد قواته على إمتداد الشريط الحدودي الذي يبلغ طوله 1200 كيلومتر في إشارة إلى عدم إحراز تقدم في الجهود الرامية لإقامة منطقة عازلة بين الجانبين.وإقترب الجانبان من الدخول في حرب في إبريل / نيسان الماضي بعدما إندلعت أسوأ إشتباكات حدودية منذ إنفصال جنوب السودان عام 2011

كما أخفقت دولتا السودان و جنوب السودان في التوصل إلى إتفاق حول منطقة إيبي البترولية المتنازع عليها وإقامة منطقة حدودية آمنة منزوعة السلاح ووقعت مواجهات على طول هذه الحدود وخصوصا ولاية النيل الأزرق ومنطقة إيبي المتنازع عليها .

ويعد السودان بدولتيه الشمالية و الجنوبية أحد أهم المناطق المؤثرة والفاعلة في تحقيق الأمن القومي المصري حيث أن الإمتداد الكبير في قلب إفريقيا فضلا عن البحر الأحمر والسودان بدولتيه يشكل الجزء المكمل لمصر في وادي النيل فكل الدول الثلاث تشكل جغرافيا ما يطلق عليه دولة المصب بالنسبة للنيل أو المجرى والمصب والدول الثلاث تشكل نسبة 75% من طول مجرى النيل وروافده ولا شك أن العلاقات والروابط الخاصة جدا التي تربط مصر و السودان بدولتيه سواء من الناحية التاريخية أو البشرية أو الثقافية أو الدينية كلها تمثل خصوصية فريدة في الأمن الإقليمي والمنطقة العربية والإفريقية ومنطقة حوض النيل والقرن الإفريقي .

ومن ثم فإن أثر إنفصال جنوب السودان على مصر يمكن أن يزيد من تعقيدات أزمة المياه في حوض النيل بما يؤدي إلى خنق مصر والضغط عليها عبر السيطرة على حصصها المائية خصوصا مع السماح لأثيوبيا بالمضي قدما في مشروعاتها المائية على حساب الحق التاريخي وحصة مصر الحالية من مياه النيل .

إن إنفصال جنوب السودان عن شماله يعني بداية اللعب في مياه النيل وعلينا أن نتابع الموقف بعناية وحذر ..وأن نقيم جسورا من التواصل بين الشمال والجنوب ..على أن تكون الجسور حقيقية وفعلية وغير قابلة للإنهيار أو التصدع .

وفيما ينشغل العالم بأحداث العنف في سوريا والكونغو ومالي برزت تقارير جديدة عن السودان لتذكر قادة الدول الكبرى بأن أزمته مستمرة منذ فترة طويلة لم تنته بعد .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات