مدار ـ في الإرهاب

05:26 مساءً الثلاثاء 2 أبريل 2013
كامل يوسف حسين

كامل يوسف حسين

كاتب وناقد من مصر، رئيس قسم الترجمة، جريدة البيان، الإمارات العربية المتحدة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الحديث عن العنف كأداة للحركة السياسية، الذي يشهد عالمنا العربي الآن تجليات لا حصر لها لمختلف أشكاله، غالباً ما يستدرج الكثيرين إلى تناول الإرهاب، بل إن البعض يصل به الأمر إلى حد تصور إمكانية الحديث عن هذين المفهومين باعتبارهما بديلين أحدهما للآخر، أو باعتبار أن هناك علاقة توالدية تربطهما معاً.

ربما لهذا، على وجه الدقة، توقع البعض أن تشهد أجزاء عدة في عالمنا العربي موجات من الإرهاب، على رأسها الاغتيال السياسي، على النحو الذي شهدته تونس أخيراً.

هذا الخلط بين المفهومين ليس ابن اليوم، ولا هو وليد الأمس القريب، فهو على الصعيد النظري يرجع إلى أن النظرية العامة للعنف السياسي، في بداياتها المبكرة، كانت تنظر إلى الإرهاب باعتباره أحد مجالات بحثها. وعلى الصعيد العملي، من الثابت أن العديد من التيارات السياسية التي اعتمدت العنف أداة لحركتها، لم تتردد في اللجوء إلى الإرهاب، في مرحلة ما من مراحل مسيرتها.

ولكن ما الذي يفرض الفصل والتمييز بين العنف والإرهاب إذا ضربنا صفحاً عن الميل الأكاديمي إلى الفصل بين حقول الدراسة المختلفة؟

لا شك في أن هناك العديد من العناصر التي تفرض موضوعياً الفصل بين العنف والإرهاب، وأبرز هذه العناصر، أن الإرهاب يتسم بالاختلال المقصود والمتعمد بين الموارد والإمكانات التي يجري توظيفها في القيام به، بحيث نرصد، على الفور تقريباً، الكم المحدود من الموارد والإمكانات في مواجهة الآثار النفسية المدوية للعمل الإرهابي.

إن نظرة واحدة على المجتمعات التي شهدت تجليات الربيع العربي، كفيلة بأن تلفت نظرنا إلى العنف الهائل الذي يسودها، والفوضى المروعة التي تضرب أطنابها فيها، ولكنها كفيلة أيضاً بأن تضع يدنا على الحقيقة الواضحة، وهي أن بوتقة هذه المجتمعات لم تصل إلى فصولها الأخيرة بعد. هذه المجتمعات شهدت تجليات للعنف تصل في أقصاها إلى الحروب الأهلية، وفي أقلها احتداماً إلى الفوضى والصدامات وانفلات الشارع السياسي من كل عقال.

لهذا، على وجه الدقة، فإن النخب في هذه المجتمعات مطالبة بأن تضع الصالح العام نصب عينها، وليس النصيب الذي يمكن أن تحصل عليه من كعكة السلطة، أو المنافع المادية، أو النفوذ.

وشعوب هذه الدول العربية يتعين عليها أن تتحرك في حرص، للحيلولة دون انفجار الفوضى إلى بركان مروع، يردد أصداء الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، بكل ما حفلت به من نزعات فاشية، وكل ما شهدته من صراعات راح الملايين من البشر ضحية لها في نهاية المطاف.

لقد شهدت شوارع العديد من المدن العربية العنف، وهو يصل إلى حد التدمير المجنون والمطلق. الآن جاء الأوان لكي تنطلق قوى هذه المدن، في انتظام وانضباط، للحيلولة دون تحويل الإرهاب إلى جزء من الحياة اليومية فيها، بكل ما يترتب على ذلك من نتائج مروعة، تصيب الحاضر قبل أن تبطش بالمستقبل.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات